مقابل كل عشرة صواريخ تُطلق على إسرائيل، تسقط القبة الحديدية (وهي نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات القواعد المتحركة) تسعة صواريخ منها، وتزعم إسرائيل أنها حافظت على هذه النسبة على الرغم من أن حركة حماس أطلقت رشقات صاروخية بكمية غير مسبوقة من غزة منذ هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول بما عرف بمعركة طوفان الأقصى.
ومع ذلك، فإن القبة الحديدية لها حدود، كما أن قدرتها على اعتراض الصواريخ وتجديد مخزونات اعتراضها مكلفة جداً رغم المساعدة الأميركية في التصنيع، إذ تتراوح التكاليف المعلنة لصاروخ اعتراضي واحد يسمى "تامير" من 40 ألف دولار إلى أكثر من ضعف ذلك المبلغ، وعلى هذا الأساس تخطط إسرائيل لنشر دفاعات جوية ليزرية أطلقت عليها اسم الشعاع الحديدي، لتكون بذلك أول دولة تنشئ مثل هذا النظام.
ووفقاً لتقرير نشرته "ذي إيكونوميست" البريطانية، الأسبوع الماضي، فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية اختبرت "الشعاع الحديدي" العام الماضي، ونجح النظام في تدمير صواريخ وقذائف هاون وطائرات مسيرة وقذائف مضادة للدبابات في الاختبارات، وجاء الإعلان عن نية إسرائيل اعتماده على لسان رئيس وزرائها الأسبق نفتالي بينت، وكان من المتوقع أن يدخل الخدمة ربما في عام 2025، والآن، مع احتدام الحرب، قد يجري تسريع دخول هذا النظام.
وقال المدير السابق للدفاع الصاروخي بوزارة الدفاع الإسرائيلية، عوزي روبين، إن مخزون الشعاع الحديدي غير محدود، مشيراً إلى أن طلقات الليزر المستخدمة فيه "تُصنع بسرعة" وتكلف بضعة دولارات.
وبحسب المجلة، يعد الشعاع الحديدي أعجوبة تكنولوجية، حيث تستخدم مدافع الليزر المتنقلة تكويناً معقداً من المرايا لإعادة توجيه الفوتونات من الثنائيات الباعثة للضوء إلى شعاع واحد، ولمنع المرايا من الذوبان، صممت بأنظمة انعكاس وتبريد استثنائية، كما يمكن للنظام توجيه شعاع الطاقة الليزرية على مساحة لا تتجاوز قطر عملة معدنية وفي نطاق مسافة تبلغ 10 كيلومترات، كما أنه يمتاز بالدقة الشديدة رغم تأثيرات الرياح والهواء. ورغم أن النظام يستطيع تحييد الصواريخ والقذائف المدفعية والهاون عبر طاقة موجهة يبلغ مقدارها 100 كيلو واط، فإن روبين حذر من أن التوقعات واسعة النطاق بشأن أداء شبيه بـ"حرب النجوم" غير واقعية.
ويعتقد الخبراء أن مدى صواريخ الشعاع الحديدي، سيكون -في أحسن الأحوال- أكثر بقليل من ثلث مدى صواريخ تامير الاعتراضية، التي يمكن أن تصل إلى أهداف على بعد 70 كيلومتراً، بينما تحدثت الجهة المطورة للمشروع، السلطة الإسرائيلية لتطوير الأسلحة والتقنية العسكرية (رافائيل)، عن نطاق "عدة أميال".
ويقول التقرير إن الطقس أحد العوائق التي يمكن أن تؤثر في النظام، فالرطوبة والجزيئات، مثل الدخان، تمتص طاقة الليزر، أي إنها غير صالحة للاستعمال في الطقس الغائم، أما العيب الآخر فيتعلق بـ "مدة البقاء"، أي إن على النظام ملامسة الهدف لثوانٍ عدة حتى يتمكن ليزر الشعاع الحديدي من ضخ طاقة كافية إلى صاروخ دوار حتى ينكسر أو ينفجر، وبالتالي، لن يتمكن مدفع الشعاع الحديدي من التصدي لوابل ثقيل، أو قد يمنح الخصم فرصة لاتخاذ تدابير مضادة، لذلك سيجري استخدام النظام جنباً إلى جنب مع القبة الحديدية، التي تطلق وابلاً اعتراضياً بسرعة، وستقوم (Iron Beam) أيضاً بسحب بيانات الاستهداف من شبكة الرادارات وأجهزة الكمبيوتر السريعة التابعة للقبة الحديدية. وقد تكون أشعة الليزر في النظام الجديد مناسبة أكثر لمحاربة الطائرات بدون طيار الهجومية الأبطأ، والتي لا تدور وتعتمد على دوارات دقيقة نسبياً، وأجنحة وأنظمة توجيه، بحيث يمكن إسقاطها بتفجيرات ليزر أقصر.
أما أحد المخاوف فهو أن حماس وغيرها من فصائل المقاومة ربما تتمكن من تغليف الصواريخ بمادة مقاومة للحرارة، كما أن تكلفة إعداد بطاريات النظام الجديد كبيرة (على الرغم من عدم الكشف عنها)، ويقول ياكوف أميدرور، اللواء المتقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي "علينا أن نرى ما إذا كان الشعاع الحديدي سيسقط ما يكفي من الصواريخ لتبرير هذا الاستثمار".
وختمت "ذي إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى دفاعات جوية ليزرية أخرى في طور الإعداد، حيث وقعت شركة لوكهيد مارتن الأميركية في ديسمبر/ كانون الأول 2022، صفقة مع (رافائيل) من أجل تطوير مشترك لنوع من الشعاع الحديدي للقوات الأميركية، وربما لحلفائها، ويعمل فريق "الطاقة الموجهة" التابع لمختبر أبحاث القوات الجوية الأميركية في ألبوكيرك، نيو مكسيكو، على تطوير أشعة ليزر من فئة 300 كيلووات للتغلب على ما تشير إليه المناورات التي يمكن أن تصبح "وابلاً هائلاً" من الصواريخ، وفقاً لنيكولاس مورلي، أحد كبار العلماء في المختبر.