ذكر تقرير للقناة الإسرائيلية العامة "11"، أمس الاثنين، أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أجّلت موعد الإعلان عن تفكيك شبكة واسعة لحركة "حماس" تضم أكثر من 50 ناشطاً، خشية من أن يمس الإعلان بالجهود التي كانت تقوم بها الأسبوع الماضي لجلب إسرائيلي وزوجته من تركيا بعد الاشتباه بتورطهما في أعمال تجسس.
ويتضح أنّ عمليات الاعتقال جرت على مراحل منذ سبتمبر/أيلول الماضي، ويتهم الاحتلال حركة "حماس" بتشكيل تلك الشبكة لتنفيذ عمليات وتفجيرات ضد إسرائيل.
وزعم الاحتلال الإسرائيلي أنّ من قام ببناء الشبكة قيادات رفيعة المستوى في "حماس" في الخارج، وعلى رأسهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري وعدد من أعضاء الحركة الموجودون في الخارج، موضحة أنّ الشبكة كانت تنشط في الضفة الغربية والقدس.
وتخوفت سلطات الاحتلال من أن يؤدي النشر عن حملة الاعتقالات كشبكة واحدة، واتهام قادة "حماس" المتواجدين في تركيا بتوجيه الشبكة، إلى عدم إفراج أنقرة عن الزوجين نتالي وموردي أوكنين، بعد ضبطهما يصوران منزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة لإسطنبول.
وادعت القناة الإسرائيلية العامة "كان 11"، في تقرير لها، مساء أمس الإثنين، أنّ إسرائيل خشيت من أن يحرج نبأ حملة الاعتقالات أردوغان؛ بسبب ضلوع مسؤولين كبار في "حماس" في الشبكة، ممن يقيمون في تركيا وعلى رأسهم العاروري، وبالتالي يعرض جهود الإفراج عن الإسرائيليين المذكورين للخطر.
ويتضح مما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلي، أمس الإثنين، مع سماح جهاز الأمن العام "الشاباك" الإسرائيلي بالنشر عن اعتقال عشرات النشطاء في "حماس"، أنّ الحديث هو عن سلسلة من عمليات الاعتقال التي نفذتها سلطات الاحتلال وقواته في محافظة القدس والضفة الغربية، منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد هاجم في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، أحد المنازل في قرية بيدو في القدس، ونفذ حملة في قرية برقين شمالي الضفة الغربية، لاعتقال عناصر في الجناح العسكري للحركة، ومن يسميهم الاحتلال مطلوبين.
وأسفرت الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "كتائب القسام" و"سرايا القدس" عن استشهاد خمسة فلسطينيين في ذلك اليوم.
وفي قرية بيدو استشهد كل من أحمد إبراهيم زهران، وزكريا إبراهيم بدوان، ومحمود مصطفى حميدان وجميعهم من عناصر "كتائب شهداء الأقصى"، فيما أعلنت "كتائب سرايا القدس" عن استشهاد أسامه ياسر الصبح في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في قرية برقين، ويوسف محمد صبح.
وخلال تلك الاشتباكات اعترف جيش الاحتلال بإصابة جنديين في المواجهات في برقين أحدهما قائد وحدة المستعربين "دوفدوفان". وصاحبت المواجهات التي وقعت بعد الاشتباكات في بيدو حملة اعتقالات طاولت 8 فلسطينيين، وزعم الاحتلال يومها أنّ الشهيدين في بيدو كانا على وشك تنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية.
ذكاء بناء شبكة "حماس" وأسلوب تنظيمها
في غضون ذلك بينت التفاصيل التي نشرتها الصحف أنّ آخر عملية مداهمة لعناصر من "حماس" تم خلالها اعتقال 13 فلسطينياً يدعي الاحتلال أنهم أعضاء في الشبكة.
بموازاة ذلك أقرّ المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الثلاثاء، بأنّ ما يقلق قيادة الجيش والمؤسسة الأمنية هو ما سماه "ذكاء بناء الشبكة وأسلوب تنظيمها وتوفر كمية كبيرة من الأسلحة واستعداد عناصر كتائب القسام وسرايا الجهاد للاشتباك مع عناصر جيش الاحتلال، في بيدو وفي برقين".
وأضاف هرئيل أنّ "محققي الشاباك والجيش قالوا إنهم لولا تنفيذ عمليات الاعتقال لكانت حركة حماس أطلقت سلسلة عمليات في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلتين".
وبحسب قوله، فإنّ أعمار أعضاء الشبكة تتراوح بين 30 و40 عاماً، وتمكّنوا من تشكيل شبكة عسكرية منظمة جيداً خلال وقت قصير، والاتصال بقيادة "حماس" في تركيا برئاسة العاروري، والحصول على تمويل وتعليمات لنشاط الشبكة وتشكيل خلايا محلية وإقليمية تحضيراً لشنّ العمليات.
وافترضت "حماس"، بحسب ادعاء الاحتلال الإسرائيلي، أنّ العمليات ستصعب على السلطة الفلسطينية السيطرة على مدن الضفة الغربية، وتضر بعلاقاتها مع إسرائيل.
ويعيد هذا الادعاء للأذهان، ما كانت رددته حكومة الاحتلال أيضاً في صيف العام 2014 بعد عملية اختطاف ثلاثة مستوطنين، قبيل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بقليل، عندما شنّ الاحتلال سلسلة حملات اعتقالات واسعة في صفوف نشطاء في الحركة بزعم استعداداتهم لشن عمليات ومحاولة إسقاط السلطة الفلسطينية والسيطرة على الضفة الغربية المحتلة، مع توجيه الاتهامات أيضاً لقيادات "حماس" في الخارج ولا سيما في تركيا.
نضوج الشروط لاندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة
وتروج وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً من جديد أنّ هدف "حماس" من عملياتها ليس مقاومة الاحتلال، بالرغم من اعترافها بأنّ العمليات تستهدف مستوطنين وأهدافاً إسرائيلية، وإنما ضرب الاستقرار في الضفة الغربية وإضعاف السلطة الفلسطينية التي تواجه، بحسب الإسرائيليين أيضاً، تراجعاً في قدرتها على الحكم.
وخلص هرئيل إلى "الكشف" أنّ إسرائيل قلقة أيضاً من عدم استعداد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية للمواجهة مع "حماس"، منذ ألغى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في إبريل/نيسان الماضي الانتخابات التشريعية بزعم رفض الاحتلال السماح للمقدسيين بالمشاركة فيها.
وكشف هرئيل أنّ إسرائيل تأمل بأن تقوم السلطة الفلسطينية بخطوات "صارمة" وأشد حدة لتثبيت سيطرتها.
في غضون ذلك، أعلن الرئيس السابق لهيئة مكافحة الإرهاب في إسرائيل العميد احتياط نيتسان نورئيل، في مقابلة إذاعية، أمس الإثنين، أنّ العمليات الأخيرة تشير إلى نضوج الشروط لاندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.
وقال نورئيل "في تقديري فإنّ مجمل المركبات التي يمكن أن تقودنا لسلسلة عمليات يمكن أن نسميها لاحقاً انتفاضة، أو لا نسميها كذلك، قائمة".
وتابع: "يوجد توتر كبير، وأسباب كثيرة أغلبها مرتبط بالبعد الديني وأقل من ذلك بالبعد السياسي، لكن كل هذه المركبات موجودة ومتوفرة فعلياً، وهناك تحدٍ كبير في كيفية مواجهة هذه المظاهر ومحاولة إحباطها دون دفع ثمن كالذي دفعناه أمس"، في إشارة منه لعملية باب السلسلة في القدس المحتلة التي نفذها الشهيد فادي أبو شخيدم صباح الأحد.