رغم مرور أكثر عام على محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، إلا أن التحقيقات في الحادثة لم تعلن عن أي نتائج لغاية الآن في ما يتعلق بالجهات المتورطة أو المتهمين.
وفي الـ7 من نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق عن تعرّض الكاظمي لـ"محاولة اغتيال فاشلة بطائرة مسيّرة مفخخة، حاولت استهداف مكان إقامته في المنطقة الخضراء في بغداد"، فيما أعلنت عن فتح ملف تحقيق بالحادثة التي وجهت أصابع الاتهام الرئيسة إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي تحتكر هذا النوع من الطائرات وقدرة كهذه على التحرك وسط بغداد.
وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قد أكد، في مؤتمر عقده عقب الحادثة، أن "قصف منزل الكاظمي تم بطائرتين مسيّرتين محليتي الصنع، وأن اللجنة التحقيقية حصلت على بيانات تؤكد الاستهداف المباشر لحياة رئيس الحكومة"، مشيراً إلى أن "الطائرتين المسيّرتين محليتي الصنع انطلقتا من إحدى المناطق شمال شرقي بغداد، وأن الطائرتين ألقتا مقذوفين أحدهما على سطح منزل الكاظمي والثاني في باحته، وأن أحد المقذوفين انفجر والثاني لم ينفجر وهما تصنيع محلي".
ورغم أن الأعرجي أوضح أن "لجنة التحقيق تقوم بواجبها من دون أية ضغوطات وتنفذ واجبها الوطني، والتحقيق سيتوصل إلى معرفة الأسباب وراء عدم رفع البصمات وتفجير المقذوف، حيث فوجئنا بقيام مفرزتين تابعتين لجهاز مكافحة المتفجرات والأدلة الجنائية بتفجير المقذوف من دون رفع البصمات"، لكن النتائج لم تُعلن لاحقاً، فيما انتهى الحديث الحكومي آنذاك عن هذا الهجوم.
وأفادت مصادر أمنية من جهاز الأمن القومي بأن "القوات العراقية اعتقلت بعد أيام من الحادثة ثلاثة أشخاص وجهت إليهم الاتهامات، لكن لم يجر الإعلان عن اعترافاتهم"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "جهاز الأمن القومي توصل إلى معلومات خطيرة بشأن الحادثة، وقد عرضت هذه المعلومات على مصطفى الكاظمي شخصياً، وأجرى الأخير اتصالات مع زعماء سياسيين وبعض قادة الفصائل المسلحة، وانتهى الأمر إلى هذا الحد".
وأكدت "إغلاق التحقيق في القضية وفض اللجنة المكلفة حولها، حيث لم تعقد أي اجتماع كما لم تجر أي خطوة متابعة للقضية منذ أشهر عديدة". وهو ما أكده نائب في البرلمان العراقي، طلب عدم الكشف عن اسمه، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، قائلاً إن "ضغوطاً كبيرة واجهتها لجنة التحقيق من قبل أطراف سياسية، لكن الضغوط التي مارسها مكتب الكاظمي لإتمام التحقيق كانت أكبر، لا سيما أن الصراع كان مشتداً بين الفصائل المسلحة وحكومة الكاظمي"
ولفت لـ"العربي الجديد" إلى أن "العملية لا تخرج من دائرة كتائب حزب الله أو عصائب أهل الحق، لكن عدم وجود دليل ملموس جعل من تعهد قادة في قوى الإطار التنسيقي بعدم تكرار هذه المحاولة بمثابة تسوية للملف".
وجاءت محاولة الاغتيال الفاشلة بعد ساعات قليلة من تهديدات لزعيم مليشيات "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، على هامش حضوره مجلس عزاء لأحد قادة فصيله المسلح، كان قُتل خلال مواجهات قرب المنطقة الخضراء بين الأمن العراقي وأنصار القوى المعترضة على نتائج الانتخابات آنذاك. وتوعّد الخزعلي، وقتها، بلهجة حادة، الكاظمي بالمحاسبة على سقوط متظاهرين من أنصاره.
بدوره، أشار عضو البرلمان المستقل باسم الخشان إلى أن "تذويب لجان التحقيق وعدم ظهور نتائجها وعرضها أمام الرأي العام سمةٌ أساسية من سمات حكومات ما بعد 2003، لأن معظم الأحداث، سواء الأمنية أو السياسية وحتى الاقتصادية، تكون الأحزاب وبعض الجهات المسلحة هي المتورطة بها، بالتالي فإن الاتفاق المبدئي لدى معظم قوى النظام الحالي هو عدم الوصول إلى مرحلة فضح الجهات بعضها بعضاً".
وأكمل خشان، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "حادثة محاولة اغتيال الكاظمي تحمل بصمات سياسية وأخرى انتقامية من الحكومة السابقة، وبرغم أن حكومة الكاظمي لم تكن بالمستوى المطلوب، إلا أن اللجوء إلى العنف كان فعلاً غير صحيح".
ولفت إلى أن "نتائج التحقيق بالحادثة لن تظهر في الوقت الحالي، وقد تظهر في مذكرات لأحد السياسيين أو الكاظمي نفسه، أي بعد ما لا يقل عن 20 عاماً".