أصدر رئيس مجلس النواب المصري الجديد حنفي جبالي، الأربعاء، قراراً بإقالة الأمين العام للمجلس المستشار محمود فوزي، والأمين العام المساعد المستشار أحمد المهدي، تمهيداً لتعيين مستشارين من مجلس الدولة بدلاً منهما، باعتبارهما من المحسوبين على رئيس المجلس السابق علي عبد العال، الذي من المرجح أن يقدم استقالته من عضوية المجلس خلال الأيام القليلة المقبلة.
وحفظاً لماء الوجه، طلب جبالي من فوزي تقديم استقالته من الأمانة العامة للمجلس، هو ومساعده، فور انتهاء الجلسة الافتتاحية (الإجرائية) للبرلمان، مساء الثلاثاء، والتي شهدت انتخاب هيئة مكتب المجلس (الرئيس والوكيلين)، وأعلنت في أول قراراتها قبول الاعتذار المقدم من الأمين العام ومساعده عن الاستمرار في مهام منصبيهما.
وقال فوزي في نص استقالته: "أجد لزاماً علي أن أهنئكم بثقة نواب الشعب، الذين حملوكم أمانة قيادة المؤسسة التشريعية العريقة، في هذه المرحلة الدقيقة من مراحل العمل الوطني، وهي مسؤولية جسيمة أنتم أهل لها"، مستطرداً "تعلمون سيادتكم أنني عملت في مجلس النواب على مدار فصل تشريعي كامل في أكثر من موقع، كان آخرها منصب الأمين العام للمجلس".
وأضاف: "لقد حاولت أثناء هذه الفترة -قدر استطاعتي- أن أؤدي واجبي في ظل ظروف عمل دقيقة، وفي سياق استثنائي، وتوقيتات زمنية ضاغطة، فأحسب أنني لم أدخر جهداً أو أبخل بفكرة، وكان هدفي دائماً الصالح العام، والمصلحة الوطنية، ووضع صورة أفضل لمؤسستنا العريقة في المكان الذي تستحق، والذي يجب أن يكون"، على حد زعمه.
وتابع: "كما سعيت في حدود اختصاصاتي، والوقت الذي أتيح لي، الارتقاء بالأمانة العامة على الصعيدين الإداري والفني، فاقتربت من الجميع، أعضاءً وعاملين، وكانوا جميعاً بالنسبة لي إخوة أعزاء، ووجدت منهم كل دعم ومساندة. وأحسب أنني أديت الأمانة، وسلمت المجلس إلى قيادته الجديدة بعد انتهاء جلساته الإجرائية الأولى بالشكل والمظهر والإجراءات التي كانت محل التقدير والاهتمام".
وختم بقوله: "إيماناً مني بأن لكل إدارة متطلباتها، في ضوء أهدافها التي وضعتها لنفسها، فإنني أفسح المجال لاختيار فريق عملكم الجديد، متقدماً باعتذاري عن عدم الاستمرار كأمين عام لمجلس النواب، ومتمنياً لسيادتكم ولجميع أعضاء المجلس الموقرين التوفيق والسداد".
وتأتي إطاحة فوزي ضمن توابع إزاحة عبد العال عن رئاسة مجلس النواب، إذ كانت البداية بإبعاد مدير مكتب رئيس المجلس، لواء المخابرات السابق علاء ناجي، ليحل محله اللواء هيثم الوكيل، عقب انتخاب جبالي رئيساً للمجلس، في إطار تسليم إدارة البرلمان إلى مجموعة جديدة من المحسوبين على جهاز الأمن الوطني، بدلاً من المجموعة المُقالة بوصفها محسوبة على المخابرات.
واستطاع "الأمن الوطني" إحكام سيطرته على تشكيل مجلس النواب الجديد، بعد إشرافه على وضع تشكيلة المرشحين الأساسيين للنظام الفردي، وأعضاء القوائم المغلقة في الانتخابات البرلمانية المنقضية، وسيطرته التامة على جميع أحزاب الموالاة، وفي مقدمتها حزب "مستقبل وطن" الحائز على أغلبية المقاعد، مع اقتصار دور المخابرات على اختيار أعضاء ما يعرف بـ"تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" داخل البرلمان.
وبالعودة إلى فوزي، فإنه كان يعتبر رجل المخابرات بامتياز داخل مجلس النواب، منذ انتدابه في الأمانة الفنية للجنة تقصي الحقائق في أعقاب انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، ثم بوزارة العدالة الانتقالية (شؤون مجلس النواب حالياً)، في عهد الوزير السابق إبراهيم الهنيدي، والذي عينه الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً في مجلس النواب.
ويمتلك الأمين العام لمجلس النواب صلاحيات واسعة بموجب القانون والأعراف البرلمانية الراسخة، منها تسلم مشاريع القوانين من أعضاء المجلس، وعرضها على هيئة مكتب البرلمان لاتخاذ قرار بإدراجها على جدول الجلسات العامة، في حال استيفاء الشروط المحددة لائحياً.
وتتلقى الأمانة العامة للبرلمان ردود الوزراء الممثلين للحكومة على طلبات النواب، وإفادتهم بها، فضلاً عن تحديد مواعيد الجلسات العامة، واجتماعات اللجان النوعية، بالتنسيق مع هيئة مكتب مجلس النواب، إضافة إلى التواصل مع مسؤولي الاتصال السياسي للوزارات المختلفة، لتحديد مواعيد ثابتة لمقابلة أعضاء الحكومة في مكاتبهم، لإنهاء الطلبات المتعلقة بدوائر النواب الانتخابية.
وتتكوّن الأمانة العامة للبرلمان من الأمانات والإدارات والأقسام الداخلية في الهيكل التنظيمي للجهاز الفني والإداري والمالي، الذي يصدر بقرار من مكتب المجلس، وتتولى الأمانة العامة أداء الأعمال اللازمة لمعاونة المجلس وأجهزته البرلمانية في مباشرة اختصاصاتها ومسؤولياتها.
وطبقاً للهيكل الوظيفي في مجلس النواب، فإن الأمانة العامة تتبع لرئيس المجلس مباشرة، مثلها مثل الوكيلين، وتتبعها كل من أمانة شؤون الجلسات، وأمانة شؤون الأعضاء، وأمانة البحوث والمعلومات، وأمانة الشؤون المالية والإدارية.
وكان جبالي، وهو صاحب الحكم النهائي للمحكمة الدستورية بعدم الاعتداد بجميع أحكام بطلان اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" لصالح السعودية، قد فاز برئاسة المجلس بعد حصوله على 508 أصوات من مجموع 587 صوتاً صحيحاً، مقابل 57 صوتاً لمنافسه عن حزب "الشعب الجمهوري" محمد صلاح أبو هميلة، و9 أصوات لنائب حزب "الوفد" محمد مدينة.
كما فاز مرشحا حزب "مستقبل وطن" بمنصب الوكيلين في الفصل التشريعي الجديد، إثر حصول الأمين العام السابق للمجلس أحمد سعد الدين على 485 صوتاً، ورجل الأعمال محمد أبو العينين على 412 صوتاً، فيما خسر وكيل البرلمان السابق سليمان وهدان بحصوله على 125 صوتاً، والكاتبة فريدة الشوباشي بحصولها على 71 صوتاً.