أنسنة العربي... فوبيا أوروبية ـ صهيونية

23 ديسمبر 2022
ميسي مرتدياً "البشت" خلال الاحتفال مع فريقه بالفوز (Getty)
+ الخط -

بعد مونديال قطر لكرة القدم، الذي أبهج الناس بعد كآبة جائحة كورونا ووسط أزمة مالية عالمية والحرب في أوروبا، ظهر المزيد من العبث الغربي - الصهيوني، مثل التذمر من إلباس اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي "البشت" العربي (عباءة تقليدية)، وسخافات مؤامرة "فيروس الإبل"، وبقية قائمة عار العنصرية بحق لاعبين من أصول أفريقية، كمؤشر جديد إلى رهاب أنسنة صورة العربي، أو نقلها على طبيعتها عالمياً.

تلك العبثية أصبحت أيضاً تثير انتباه علماء وباحثي علم الاجتماع السياسي، للنظر في مصادر التأسيس لها. فللغة مدلولاتها لتنشئة أجيال تغوص في التطبيع مع العنصرية. إذ يرى البعض أن العقل الباطني يتلقى إعلامياً وسياسياً كمّاً كافياً لجعل الادعاءات بمثابة حقائق.  

وسواء تعلق الأمر بمونديال قطر أو الدوريات الكروية الأوروبية، أمكن على الدوام التقاط جمل ثابتة، تقول عن اللاعب من أصل غير أوروبي: "لاعب قوي البنية وسريع"، بينما عن زميله الأوروبي: "لاعب ماهر وذكي".  

لا نحتاج لسرد كل ما قدمته هوليوود و"ديزني" لترسيخ صور مخزية، وتنميط عنصري، لغة وصورة، إن عن العرب أو عن الشعوب الأصلية في أميركا، و"المغامرة" خارجها، حيث يظل رجال الـ"كاوبوي"، والمغامرون البيض، منتصرين وأذكياء، مقابل "همجية وتخلف" المستحقين للقتل والإبادة.

خلف السياسة الدعائية الصاخبة عن "المساواة والإخاء وحقوق الإنسان"، تظهر في القارة الأوروبية أبشع صور العبودية الحديثة، بحسب عالم الاجتماع الإيطالي في جامعة بادوفا ديفي ساشيتو، في مقارنته بين قطر وأوروبا. ففي إيطاليا وحدها يعمل نحو 600 ألف مهاجر سرّي (من بين 5 ملايين عامل أجنبي)، أغلبهم من أفريقيا وآسيا، ولا يتلقون في 12 ساعة عمل شاق، في الحقول الزراعية وبناء السفن السياحية ودور الطباعة والمسالخ وخدمة التوصيل وأعمّال النظافة في الفنادق ومصانع الأحذية، وغيرها، سوى 2 يورو في الساعة.

وهؤلاء، وفق توثيق ساشيتو، لا يحصلون حتى على عطلات نهاية الأسبوع أو إجازة سنوية، ويقيم كل 20 منهم في بيوت متهالكة، ويتلقون ضرباً مبرحاً إن اشتكوا للنقابات. وتلك الشهادة المدعمة بأرقام بحثية، تُعتبر المختبر الحقيقي لانتشار فيروس الكراهية والعنصرية، الذي يفزع من مشاهد نجاح من جرى تنميطهم لعقود. 

ببساطة، أوروبا تحتاج إلى أن تتوقف أمام مرآة ذاتها وأن تتخلى عن مركزية الذات الاستعلائية وأن تمعن قليلاً بما كُنس تحت سجاد شعاراتها البرّاقة، وأن تستوعب أن لدى "الشعوب الأخرى" سياسة وثقافة واجتماعاً.

المساهمون