حثت الولايات المتحدة "جميع الأطراف"، اليوم الأربعاء، على "خفض التصعيد" في الشمال السوري، ورفعت ورقتي "داعش" وسلامة جنودها في وجه أنقرة لأجل أن تتراجع عن عملية برية متوقعة.
وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحافي: "شاهدتم من المصادر المفتوحة تعرض تركيا الأسبوع الماضي لهجوم، ثم رأينا ضربات جوية في العراق وسورية، ندعو الأطراف لوقف جميع الصراعات"، وذلك وفق ما جاء في موقع وزارة الدفاع الأميركية.
كما اعتبرت المسؤولة الأميركية أن "جميع الهجمات التي تقوم بها الأطراف في المنطقة تؤثر على القتال ضد "داعش""، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة "لم تغير من انتشارها في المنطقة".
من جهته، أكد المتحدث باسم البنتاغون البريغادير جنرال بات رايدر أنّ الضربات الجوية التركية في الآونة الأخيرة في شمال سورية "هددت سلامة العسكريين الأميركيين"، وأن الوضع المتصاعد "يعرِض للخطر سنوات من التقدم ضد مقاتلي تنظيم "داعش"".
وقال رايدر، في بيان نقلته "رويترز"، إن "الضربات الجوية الأخيرة في سورية هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأميركيين الذين يعملون في سورية مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم "داعش" والاحتفاظ باحتجاز أكثر من عشرة آلاف معتقل من التنظيم المتشدد".
وكان منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قد قال، أمس الثلاثاء، إن تركيا "تواجه تهديداً إرهابياً على حدودها الجنوبية، ولها الحق في الدفاع عن نفسها"، مشيراً إلى أنه لدى الولايات المتحدة "مخاوف بشأن العمليات عبر الحدود، والتي قد تجبر شركاءنا في "قوات سورية الديمقراطية" على رد فعل من شأنه أن يحد من قدرتهم على محاربة تنظيم "داعش"، ونريد أن نكون قادرين على مواصلة الضغط على التنظيم الإرهابي"، وفق تعبيره.
روسيا طلبت عدم شن عملية برية
في السياق نفسه، أعلنت روسيا أنها طلبت من تركيا، اليوم الأربعاء، الامتناع عن شن هجوم بري شامل في سورية.
وقال مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف إن "مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى تصاعد العنف"، مضيفاً، خلال اجتماع مع وفدين من تركيا وإيران على هامش محادثات مؤتمر أستانة بشأن سورية: "نأمل أن يصل صدى مناقشاتنا إلى أنقرة، وأن توجد وسائل أخرى لحل الأزمة".
ورأى لافرنتييف أن الولايات المتحدة تتبنى "نهجاً مدمراً" في شمال شرقي سورية، وأن "حل القضية الكردية سيكون عاملاً مهماً في تحقيق استقرار الأوضاع في المنطقة"، وفق وكالة "رويترز".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال، في وقت سابق اليوم الأربعاء، إن العمليات الجوية التي شنتها مقاتلات تركية في شمال شرقي سورية "هي مجرد بداية"، وإن العمليات البرية ستبدأ في وقت لاحق بهدف "تطهير المنطقة انطلاقاً من تل رفعت ومنبج وعين العرب".
مظلوم عبدي يبتزّ التحالف بـ"وقف قتال داعش"
إلى ذلك، قال قائد قوات "قسد"، مظلوم عبدي، في تصريح لقناة "روناهي" الكردية، إنهم أوقفوا القتال ضد "داعش" بسبب الهجمات التركية، مضيفا أن عملهم ضد "داعش" مع التحالف الدولي قد توقف، لأنهم منشغلون بالهجمات التركية، مشيرا إلى تأثر تنسيق العمل مع روسيا على الأرض أيضا جراء هذه الهجمات.
كما أكد قائد قوات "قسد"، في مقابلة نُشرت على موقع "المونيتور" الأميركي، الأربعاء، إن الهدف الأكثر ترجيحاً لهجوم بري تركي محتمل ضد المناطق التي تسيطر عليها قواته سيكون مدينة عين العرب (كوباني).
وأضاف عبدي أنه "محبط من الرد الضعيف لروسيا والولايات المتحدة على عشرات الغارات الجوية التركية التي استهدفت مناطق نسيطر عليها".
ورأى قائد "قسد" أن الغزو الروسي لأوكرانيا "عزز من قيمة تركيا في نظر روسيا والغرب على حد سواء"، وأضاف أنه "ما لم تقف موسكو وواشنطن بحزم، فمن المرجح أن تتابع تركيا عمليتها العسكرية كما فعلت في عامي 2018 و2019".
ويعتبر عبدي أن هجمات تركيا الأخيرة سببها "جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإذكاء المشاعر القومية قبل الانتخابات العام المقبل"، قائلاً إنه لا يعتقد أن القوات الأميركية على علم بالهجمات التركية.
وشدد المتحدث ذاته: "يمكننا القول إن الهجوم وقع على الرغم من وجودهم (الأميركيين) هناك"، لكنه رأى أنه "من دون موافقة أميركية وروسية، فلن تقوم تركيا بأي هجوم بري"، مشيراً إلى أن موقف واشنطن الحالي هو رفض الهجوم التركي، موضحا: "يقولون لنا إنهم لا يوافقون على أي إجراء من هذا القبيل من جانب تركيا".
وعن إمكانية اللجوء إلى النظام السوري للرد على أي هجوم تركي محتمل، قال عبدي إن "هذا ما تريده روسيا بطبيعة الحال، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فهم بحاجة إلى صياغة سياسة أوضح بشأن سورية، ليس لديهم استراتيجية غير محاربة "داعش"، وفشلوا في صياغة سياسة واضحة فيما يتعلق بمستقبل المناطق الواقعة تحت سيطرتنا، وغياب هذه السياسة يجعل من الصعب علينا التفاوض بنجاح مع النظام السوري".
واعتبر أن واشنطن "لا تعارض إجراء محادثات مع النظام في دمشق، ولكن النظام نفسه غير مستعد، وروسيا لا تمارس عليهم ضغوطاً كافية".