قالت وزيرة الدفاع الألمانية، كريستين لامبريخت، الأحد، أثناء زيارة للقوات الألمانية المرابطة في ليتوانيا لردع هجوم روسي، إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيبحث مقترحات روسيا الأمنية، لكنه لن يسمح لموسكو بإملاء وضع الحلف العسكري.
وكانت موسكو قد طرحت قائمة مطالب من الغرب يوم الجمعة، تتضمن سحب كتائب حلف شمال الأطلسي من بولندا ومن إستونيا ولاتفيا وليتوانيا التي كانت من قبل جزءاً من الاتحاد السوفييتي.
كما تطالب روسيا بضمانات ملزمة بأن يتخلى الحلف عن نشاطه العسكري في شرق أوروبا وأوكرانيا، وبمنح روسيا حق الاعتراض على انضمام أوكرانيا لعضوية الحلف، وهو ما استبعده الغرب فعلياً.
وقالت وزيرة الدفاع لامبريخت، للصحافيين في روكلا خلال زيارة القوات الألمانية، وفق ما أوردته "فرانس برس" "نحن بحاجة لتسوية التوترات الحالية على المستوى الدبلوماسي، لكن بتأسيس ردع له مصداقيته".
وأضافت "سنبحث المقترحات الروسية... لكن لا يمكن لروسيا أن تملي على شركاء الحلف وضعهم، وهذا شيء سنوضحه جيداً في المحادثات"، في إشارة إلى محادثات مجلس الحلف، الأسبوع المقبل.
وكان الغرب هدد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا إذا صعدت موسكو حشودها العسكرية على حدود أوكرانيا. وتقول موسكو إنها ترد على تهديدات لأمنها من علاقات كييف الوثيقة على نحو متزايد مع حلف الأطلسي.
وزيرة الدفاع الألمانية الجديدة تؤيد "تشديد العقوبات" ضد روسيا
وقبل توجهها إلى ليتوانيا، قالت لامبريخت للصحيفة الأسبوعية الألمانية "بيلد أم تسونتاغ" إنّ المسؤولين عن أي عدوان سيتحمّلون "عواقب شخصية"، مضيفة أنّ ألمانيا والدول الحليفة يجب أن "تضع نصب أعينها" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمحيطين به.
وأضافت الوزيرة الاشتراكية الديمقراطية التي عُينت هذا الشهر وزيرة للدفاع في الائتلاف الجديد الحاكم في ألمانيا "يجب أن نستنفد كل احتمالات العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية. وكل خطوة إضافية يجب اتخاذها بالاتفاق مع حلفائنا".
وفي السياق أيضاً، أبرزت صحيفة "تاغس شبيغل" عن نائب زعيم كتلة "الخضر" في البرلمان الألماني أغنيسكا بروغر، قوله إنّ "باب الحوار لا يزال مفتوحاً من جانب الاتحاد الأوروبي، لكننا لن نستسلم لمحاولات الابتزاز والانتهاك المستمر للقواعد والسلوك الروسي".
وأشار بروغر إلى أنّ الحوار "لا يمكن أن يتم إلا على أسس متفق عليها بشكل متبادل وبمشاركة فاعلة من شركائنا في وسط وشرق أوروبا، والذين لطالما كانت لديهم مخاوف قوية تخص أمنهم".
وفي خضم ذلك، انتقد الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني ميخائيل روث، خلافات الاتحاد الأوروبي حول أوكرانيا، قائلاً، في حديث لإذاعة "دويتشلاند فونك"، الأحد، إنّ "هذه أعظم هدية يمكن أن نقدمها للرئيس الروسي بوتين والأنظمة الاستبدادية الأخرى".
ووصف روث مقترحات بوتين لإجراء محادثات حول الصراع القائم بأنها "غير مقبولة"، مضيفاً أنّ أوروبا الشرقية "ليست الباحة الأمامية لسلطة بوتين، داعياً إلى تطوير "سياسة أوروبية حازمة".
الاتحاد الأوروبي يلوّح بـ"سيف حاد"
وأعربت نائبة رئيس البرلمان الأوروبي كاترينا بارلي، في تصريحات لإذاعة "دويتشلاند فونك"، عن اعتقادها أنه "من الصواب عدم تحديد إجراءات على وجه التحديد لأنّ هذه الفترة حرجة ومربكة للغاية، ولذلك من المهم التوضيح أنّ العقوبات الحالية قد تم تشديدها، وهناك تنسيق مع الشركاء الدوليين".
ولفتت بارلي في الوقت نفسه إلى "ضرورة إجراء محادثات بين أطراف النورماندي الأربعة، أي ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا"، قبل أن تستدرك قائلة: "إن بوتين يحاول تجنب ذلك من أجل جلب الانفصاليين إلى طاولة المفاوضات، وهذا المسار غير ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مض "لن نعترف بأشخاص نعتقد أنهم غير شرعيين. الجميع يتفق على أنّ روسيا هي المعتدي والاتحاد الأوروبي الأنسب للوساطة".
إلى ذلك، أبرزت بارلي أنه "إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية وغزا بوتين أوكرانيا، فستكون هناك عواقب، وسيتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات من شأنها أن تؤثر على روسيا بشكل حساس، وعلى سبيل المثال لا تزال هناك اتفاقية سويفت، التي من شأنها أن تعيق أو حتى تجعل المدفوعات الدولية مستحيلة في روسيا، وستضرب مصالحها بشكل خطير، وهذا بالتأكيد سيكون سيفاً حاداً للغاية".
روسيا ترد: مقترحاتنا لا تنطوي على أجندات خفية
في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، إنّ مقترحات روسيا بشأن الضمانات الأمنية لا تنطوي على أي أجندات خفية.
وأوضح غروشكو، في تصريحات للصحافيين، أوردتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، الأحد "لقد تم إعداد المقترحات بشكل يكون واضحاً تماماً. يتم انتقادنا لأننا منفتحون جداً، ولكننا ننطلق من أننا في نقطة تحول محفوفة بالمخاطر في العلاقات الدولية".
ولفت نائب وزير الخارجية الروسي إلى أنّ سياسة "الأبواب المفتوحة" تتعارض مع مصالح حلف شمال الأطلسي، زاعماً أنّ انضمام دول أخرى له سيزيد من ضعفه.
وتابع قائلاً: "ماذا يعني توسع الناتو؟ إنها سياسة الأبواب المفتوحة. لقد وصلت إلى الحد الأقصى لها... إنها تتعارض مع مصالح الناتو لأن أي توسع سيزيد من ضعف الحلف نفسه".
ورأى غروشكو أنّ "إعلان الاتحاد الأوروبي استعداده لمناقشة القضايا الأمنية بشكلها الحالي، يعني شيئاً واحداً، وهو أنّ أوروبا تخضع بالكامل لسيطرة الحلف في هذا المجال".
محللون: مطالب روسية "سخيفة"
وبشأن مقترحات الضمانات الأمنية التي تقدمت بها روسيا، عبّر ميخائيل كوفمان المدير الروسي في معهد "سي إن آي" للتحليل الأمني في واشنطن عن صدمته من المطالب، مشيراً في مقابلة مع صحيفة "بيلد"، إلى أنّ موسكو "لا تطالب فقط بالأشياء التي لا تستطيع الحصول عليها، ولكن أيضاً بطريقة يجب أن تعترف بأنها غير ممكنة".
أما المؤرخ والخبير الروسي بول مازون فذهب إلى أبعد من ذلك في تقييمه لمطالب موسكو، لافتاً إلى أنه "من السخف مطالبة الناتو بتعليق تعامله العسكري في أوروبا الشرقية".
وينتشر قرابة 550 جندياً ألمانياً في قاعدة روكلا العسكرية في ليتوانيا، وتقود ألمانيا الكتيبة متعددة الجنسيات هناك.
وقد أرسلت وحدات عسكرية مماثلة إلى دول البلطيق الأخرى وبولندا عام 2017 لردع الروس من أي عدوان محتمل بعدما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم وساعدت الانفصاليين في السيطرة على أجزاء من شرق أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.