دعت "المبادرة الديمقراطية" (مواطنون ضد الانقلاب)، اليوم الأربعاء، إلى ضرورة العودة إلى المسار الديمقراطي والدفع نحو الحل السياسي في ظل المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد بعد الانقلاب، وهو ما من شأنه أن يقود إلى انفجار اجتماعي وشيك، وإلى الانهيار في ظل تراجع كل المؤشرات، معلنة عن تنظيم تحرك نضالي والنزول إلى الشارع احتجاجاً يوم 20 مارس/ آذار المقبل بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال.
وحضرت شخصيات وطنية وأحزاب سياسية عدة اللقاء الحواري، الذي انتظم اليوم الأربعاء، لتباحث مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي، والنظر في الخطوات المقبلة لحلحلة الأزمة.
وقال عضو "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك في الافتتاح إن "سلطة الانقلاب تستثمر في الفراغ، فبعد حل المؤسسات السيادية وإقالة الحكومة فقد استغل سعيد هذا الفراغ وأيضاً تأزم المشهد السياسي وغياب الفعل المشترك لبسط يده على الدولة واحتكار جميع السلطات"، مؤكداً أن "مقاومة الانقلاب وإيجاد تسوية تاريخية يحتاجان إلى ردة فعل أقوى من الطبقة السياسية ورص الصفوف لأن تشتت الجهود لن يقود إلى حلول"، مبيناً أنه "رغم عديد التحركات إلا أنها لم تبلغ المستوى المطلوب لتشكيل الجبهات الضرورية لمقاومة الانقلاب".
وبين أن "هذه الندوة تأتي في إطار مسيرة كانت انطلقت منذ أشهر في إطار تحركات ميدانية من تنقلات في الجهات، إلا أنها تبقى غير كافية لتمكن من تحريك المسار المقاوم للانقلاب"، مبيناً أن "تونس حالياً في مفترق صعب، وهو ما يتطلب ضرورة الخروج من النفق وإلا فسنبقى تحت الاستبداد، فقيس سعيد يريد تقسيم التونسيين وضرب المجتمع، وهذا أساس الخطاب الشعبوي"، محذراً من حل المجالس البلدية والإعداد لانتخابات محلية وفق ما يرسم له سعيد، إذ إنه لن تكون هناك انتخابات تشريعية، ومشيراً إلى أنه يمكن الخروج بتوصيات وبنتائج طيبة من هذه الندوة.
وأكدت النائبة الأولى لرئيس البرلمان سميرة الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك هروباً للأمام من قبل الانقلاب الذي يسوّق لصورة مخالفة للواقع والأزمة"، مؤكدة أن "هناك مجلساً مجمداً، كان يمكن أن يكون ضمانة للخروج من بعض الأزمات مع تواصل غياب حكومة شرعية"، مبينة أن "الأزمات العميقة التي نعيشها اليوم يتم اختزالها في بعض النقاط، كفقدان مواد أساسية والاحتكار، في حين أن النقص الحاصل في عديد المواد هو نتاج أزمة أعمق وموازنة وضعت دون تحضيرات مسبقة، ودون مراعاة للأسباب التي قادت إليها، وهناك حتى محاولات لإقحام الأزمة الأوكرانية الروسية في التأثير على الوضع هو في الحقيقة مجانب للصواب، لأن التداعيات لهذه الحرب لم تبدأ بعد انعكاستها على تونس وجلها مغالطات يسوقها النظام.
ولفتت إلى أن "الوضع خطير جداً والأزمة الاقتصادية ستلقي بظلالها على الوضع السياسي، ولذلك لا بد من الجلوس على طاولة الحوار والعودة إلى المسار الديمقراطي"، مبينة أن "كل الجهات المانحة لا تتعامل مع سلطة الانقلاب، بل مع دولة تمثلها مؤسسات شرعية، لأن كل شيء متوقف على المسار الديمقراطي الذي يجب أن يعود لمساره الطبيعي".
وقال رئيس الحكومة ووزير الداخلية الأسبق، علي العريض، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "مستقبل تونس رهين التنسيق والتشاور والجلوس على طاولة الحوار والتوحد لبناء جبهة موحدة، وهذا ليس صعباً"، مبيناً أن "هذه الجبهة تأخرت بالنظر إلى الوضع الحالي وهناك تسريع للمضي نحو تشكلها، وهناك رأي يرى أنها لم تتأخر إذا اعتبرنا أن الانقلاب لم يمض عليه سوى 8 أشهر"، مشيراً إلى أن "الانقلابات قد تستغرق عدة سنوات".
وأفاد بأن "الأزمة تعمقت منذ 25 يوليو/ تموز، وتم تفكيك جل مؤسسات الدولة التي ضربت الديمقراطية في العمق"، مبيناً أن "الدولة والمؤسسات تجسدت في شخص واحد وهو قيس سعيد، وهو ما أدى إلى عدة مشاكل كبرى ومزيد من التجاوزات التي دمرت ما تم بناؤه بعد 10 سنوات من الثورة".
وبين المتحدث أن "مقاومة الانقلاب تتطلب التسريع والعمل لإسقاطه وإعادة الديمقراطية لمسارها لأن الوضع خطير والدولة في انهيار".
ويرى رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل نجيب الشابي، في مداخلة له، أن "هذه الجلسة هي جزء من المسار الذي انطلق لبناء جبهة سياسية، ولكنها تظل غير كافية لأن المطلوب هو جبهة معلنة لها قيادتها"، مؤكداً أن عامل الوقت ضد ذلك، لأن كل تأخر يزيد في تعميق الأزمة، ومبيناً أن "المعارضة وللأسف بصدد التجديف ضد التيار، والتنافر الحقيقي حاصل بين مختلف مكونات المعارضة، ففي جزء كبير منها هي مشتتة، وباستثناء النهضة، كونها حزباً مهيكلاً ووازناً في الساحة إلى جانب الدستوري الحر، فإن بقية أحزاب المعارضة تظل مجرد نواة غير قادرة على التأثير".
وأشار إلى أن "توظيف القضاء العسكري كان وراء القرار الاعتباطي القاضي بسجن عميد المحامين السابق، عبد الرزاق الكيلاني"، مؤكداً أنه "لا بد من مزيد النضال لإيصال الأصوات الرافضة للانقلاب".
وتابع أن "الماضي فات ومات بحلوه ومره، واليوم لا بد من التركيز على المستقبل، فجبهة 18 أكتوبر (تأسست قبل الثورة لمقاومة الاستبداد بين مجموعة من الأحزاب التونسية) كانت لحظة فارقة في تاريخ تونس، وجمعت الطيف السياسي وكانت وراء اهتزاز النظام السابق، ولكنها تفرقت في 2007 لعدة أسباب، وعندما حلت الثورة كان الطيف السياسي مشتتاً"، مبيناً أن "الخيارات لم تكن مشتركة ولكنها حلت عدة قضايا ترجمت في الدستور".
ولاحظ أن "الأزمة لم تكن في 25 يوليو بل تعمقت بعد هذا التاريخ"، مبيناً أن "بناء المستقبل يستدعي تجنب أخطاء الماضي".
ويرى السياسي عياض اللومي أن "حل المجلس الأعلى للقضاء، والمحاكم الاستثنائية ومحاولة وضع اليد على القضاء هي عملية انتحار سياسي"، مؤكداً أنه "لا يمكن لبلد يعيش ظروفاً استثنائية أن يتحدث عن استثمار، وقانون الصلح الجزائي عبارة عن تهديد واضح للاستثمار ومصادرة الأملاك"، ومبيناً أن "الأرقام الحالية مرعبة ونحن أمام حتمية للانفجار الاجتماعي".
وأضاف "تونس ليست ملكاً لأي طرف، وتواصل العبث على هذا النحو سيقود إلى الانهيار، والشارع الاجتماعي سيغلب الشارع السياسي، ما يدعو إلى ضرورة إنقاذ البلاد".