"أمنستي"... تقرير غير تقليدي

27 فبراير 2022
مسيرة في لندن دعما لمقدسيين أخلتهم قوات الاحتلال من منازلهم (رشيد أسليم/الأناضول)
+ الخط -

بتنا نشهد تغيّرا لافتا في الخطاب الحقوقي الدولي تجاه فلسطين، التي لم تعد معه مجرد قضية إنسانية لمجموعات سكانية تعاني من أزمات عارضة منفصلة، بل قضية سياسية وحقوقية وعرقية، تتعلق بشعب موحّد تاريخا وجغرافيا يتعرض لتطهير عرقي ممنهج. أما النقاش حول ما إذا كانت دولة إسرائيل دولة أبارتهايد على غرار النظام القديم في جنوب أفريقيا فليس جديدا، بل هو مستمر منذ الثمانينيات، وأشارت إليه تقارير منظمات حقوقية، مثل: "هيومن رايتس ووتش" و"بتسيلم" و"هناك عدالة".

ناطوري كارتا
حركة "ناطوري كارتا" تنضم في لندن لحملة المقاطعة الثقافية للاحتلال الإسرائيلي، 9 /7 /2021 (مارتن بوب/Getty)

لكن "أمنستي"، في تقريرها الأخير، قالت بشكل صريح إنها لا تجري مقارنات مباشرة مع جنوب أفريقيا القديمة، وإنما تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك المعاهدة الخاصة بالفصل العنصري لعام 1973 وقانون روما لعام 1998 الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، والذي يعرّف الأبارتهايد بأنه هيمنة عنصرية منتظمة، يؤكد تقرير المنظمة أن إسرائيل تمارسها منذ العام 1948 من خلال نظام كامل يتشكل من القوانين والسياسات المتبعة من قبل الدولة الإسرائيلية. 

يبرهن التقرير على صدقية السردية التاريخية الفلسطينية، ويربطها بحاضر الفلسطينيين، موضّحا العلاقة المباشرة بين نكبتهم المستمرة وطبيعة النظام في دولة الاحتلال بوصفه أبرتهايد، وما فيه من عنف بنيوي، ومرسّخا قناعة تردد كثيرون في تبنيها بأن الانتهاكات التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين ليست استثناء طارئًا، بل جزءًا من بنية معقدة ومستمرة من التهميش والاضطهاد والفصل العنصري تمارس بحق الفلسطينيين حيثما وجدوا، بمن فيهم اللاجئون والنازحون في الشتات، مقاربا حق عودة اللاجئين من خلال وضع قانون "العودة اليهودي" في سياق شامل من امتيازات عرقية. 

باريس
متضامنون في ساحة الجمهورية في باريس (ألاتين دوغرو/الأناضول)

ناشدت "أمنستي" في تقريرها جميع الدول بممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي تلك الجرائم إلى العدالة، لكن تداعياته القانونية تبدو محدودة بالسقف السياسي، الدولي والفلسطيني، ويبقى التعويل على استثماره على مستوى الجاليات الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة أو داخليًا من قبل المنظمات المحلية وأصدقاء فلسطين، بوصف قضيتها قضية عادلة، أينما كانوا. لمَ لا؟ وقد كان هؤلاء إحدى الركائز التي استندت إليها "أمنستي" وغيرها من منظمات حقوقية لإعلان إسرائيل دولة أبرتهايد.
 
(العربي الجديد)