28 أكتوبر 2024
التوتر الإسرائيلي الإيراني إلى أين؟
ليس مهما ما إذا كانت الأدلة التي كشف عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حيال البرنامج النووي الإيراني صحيحة أم لا، وليس مهما ما نقلته وسائل إعلام عبرية أخيرًا عن مصادر أمنية وعسكرية إسرائيلية من أن إيران تستعد لشن ضربات صاروخية عبر قوات موالية لها في سورية ضد إسرائيل.
المهم هو هدف البروباغندا السياسية/ الإعلامية التي تسعى وراءها حكومة الاحتلال في هذا التوقيت ضد إيران، هل هي نابعة فعلا من خوف إسرائيل من ردة فعل عسكرية إيرانية لم تظهر إلى الآن بوادرها؟ أم هي مقدمات تمهيدية، تشرعن قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران في سورية أو لبنان؟
قواعد الاشتباك الحالية بين الجانبين غير مريحة لكليهما، على الرغم من أن إسرائيل تمتلك مساحة واسعة في التحرّك، في حين لا تمتلك إيران مثلها.
وبالنسبة لإسرائيل، لا تؤدي ضرباتها المتكرّرة إلى إضعاف الحضور العسكري الإيراني في سورية، ولا تمنع من نشر إيران أسلحة ومعدات متطورة، ولا يبدو هذا الهامش الإسرائيلي من التحرك كافيا لإسرائيل، لأنه قد يتغير في أي لحظة إذا ما قرّرت روسيا، لأسباب عدة، التدخل في المعادلة ومنع إسرائيل من القيام بعمليات عسكرية نوعية في سورية.
وبالنسبة لإيران، فإن قواعد الاشتباك الحالية، وإن كانت لا تمنعها من تعزيز وجودها في سورية، إلا أنها لا تسمح لها بالرد عسكريا على الهجمات الإسرائيلية لأسباب كثيرة، بعضها قانوني وسياسي مرتبط بطبيعة النظام الدولي، وبعضها الآخر مرتبط بموازين القوى العسكرية بين الجانبين. وأمام هذا الوضع، تبدو إسرائيل مصممة على استغلال الظرف الإقليمي ـ الدولي الحالي، خصوصا مع وجود إدارة أميركية متحمسة لمعاقبة إيران.
لا يعني ذلك شن إسرائيل حرباً ضد إيران بشكل مباشر أو العكس، فهذا محال، لأن مثل هذه
الحرب ستكون مدمرة لكلا الطرفين.. إيران تعاني من ضعف اقتصادي واضح، وحليفاها الإقليميان منهكان تماما (سورية، حزب الله)، وستكون هذه الحرب بمثابة التدمير الاستراتيجي للحضور الإيراني في المنطقة، كذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل، فهي لن تخاطر بتلقي مئات الصواريخ المتطورة. فضلا عن ذلك، أصبح قرار الحرب بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973 بيد الولايات المتحدة التي لن تسمح بقيام معارك كبرى من شأنها أن تهدد إنتاج النفط العالمي.
ستبقى قواعد الاشتباك القائمة مستمرة، لكن سيحدث تطوران مهمان: تشديد الولايات المتحدة حصارها الاقتصادي على إيران، وتوسيع إسرائيل هجماتها العسكرية في سورية، لتنتقل من مرحلة الردع إلى مرحلة التعطيل. والتطوران مبنيان على تقديرات أميركية ـ إسرائيلية بأن إيران غير قادرة على تغيير سياستها في عموم المنطقة، بسبب تكوينها الأيديولوجي/ الطائفي، وبسبب أن هذا الانخراط في الجغرافيا العربية يشكل لها ورقة استراتيجية، لتثبيت أقدامها أقوى لاعب في المنطقة بعد إسرائيل، ويمنحها القوة اللازمة للتفاوض مع الغرب فاعلا إقليميا يجب أخذ مصالحه بالاعتبار في التسويات الكبرى للمنطقة.
عند هذه النقطة، يمكن وضع الحملة السياسية/ الإعلامية الإسرائيلية في موضعها الصحيح، فهي تتضمن، في المقام الأول، رسالة إلى طهران بعدم الرد عسكريا على أي هجوم إسرائيلي نوعي داخل الساحة السورية، فمثل هذا الرد ستترتب عليه نتائج مدمرة لا تتحملها دمشق ولا موسكو.
وهذه هي المسألة التي يناقشها نتنياهو مع بوتين في موسكو في زيارته المفاجئة، لا يتعلق الأمر بمجرد ردع روسي لإيران، فمثل هذه المسألة لا تتطلب زيارة مفاجئة، وإنما يتعلق الأمر بخطوات روسية ملموسة، مثل عدم تزويد دمشق بمنظومة صواريخ متطورة مثل إس 300 ومنع إيران من نشر صواريخ متطورة داخل سورية.
ويبدو التفاهم الروسي ـ الإسرائيلي معقداً إلى حد ما، فموسكو منزعجة جدا من حجم الهجمات الإسرائيلية، لأنها تعرّي روسيا وتظهرها بمظهر العاجز. ومن جهة أخرى، لا تستطيع موسكو في المقابل غض الطرف عما يجري، لأن من شأن استمرار الهجمات الإسرائيلية أن يضرب عرض الحائط جهود موسكو في المحافظة على التوازنات الصعبة القائمة، ويفقدها ورقة الضامن الاستراتيجي في سورية، بالنسبة لكل الأطراف، بما فيها إسرائيل التي تنسق تحركاتها مع الروس منذ سنوات.
روسيا اليوم أمام ثلاث مشكلات: استسلامها لرؤية النظام السياسية، اضطرارها للانصياع لمصالح شريكيها في أستانة (إيران، تركيا)، عجزها عن ردع إيران وإسرائيل على السواء. وفي ضوء ذلك، ستبقى الساحة السورية تراوح مكانها في المرحلة المقبلة، وستبقى ساحة للاشتباك الإقليمي ـ الدولي.
المهم هو هدف البروباغندا السياسية/ الإعلامية التي تسعى وراءها حكومة الاحتلال في هذا التوقيت ضد إيران، هل هي نابعة فعلا من خوف إسرائيل من ردة فعل عسكرية إيرانية لم تظهر إلى الآن بوادرها؟ أم هي مقدمات تمهيدية، تشرعن قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران في سورية أو لبنان؟
قواعد الاشتباك الحالية بين الجانبين غير مريحة لكليهما، على الرغم من أن إسرائيل تمتلك مساحة واسعة في التحرّك، في حين لا تمتلك إيران مثلها.
وبالنسبة لإسرائيل، لا تؤدي ضرباتها المتكرّرة إلى إضعاف الحضور العسكري الإيراني في سورية، ولا تمنع من نشر إيران أسلحة ومعدات متطورة، ولا يبدو هذا الهامش الإسرائيلي من التحرك كافيا لإسرائيل، لأنه قد يتغير في أي لحظة إذا ما قرّرت روسيا، لأسباب عدة، التدخل في المعادلة ومنع إسرائيل من القيام بعمليات عسكرية نوعية في سورية.
وبالنسبة لإيران، فإن قواعد الاشتباك الحالية، وإن كانت لا تمنعها من تعزيز وجودها في سورية، إلا أنها لا تسمح لها بالرد عسكريا على الهجمات الإسرائيلية لأسباب كثيرة، بعضها قانوني وسياسي مرتبط بطبيعة النظام الدولي، وبعضها الآخر مرتبط بموازين القوى العسكرية بين الجانبين. وأمام هذا الوضع، تبدو إسرائيل مصممة على استغلال الظرف الإقليمي ـ الدولي الحالي، خصوصا مع وجود إدارة أميركية متحمسة لمعاقبة إيران.
لا يعني ذلك شن إسرائيل حرباً ضد إيران بشكل مباشر أو العكس، فهذا محال، لأن مثل هذه
ستبقى قواعد الاشتباك القائمة مستمرة، لكن سيحدث تطوران مهمان: تشديد الولايات المتحدة حصارها الاقتصادي على إيران، وتوسيع إسرائيل هجماتها العسكرية في سورية، لتنتقل من مرحلة الردع إلى مرحلة التعطيل. والتطوران مبنيان على تقديرات أميركية ـ إسرائيلية بأن إيران غير قادرة على تغيير سياستها في عموم المنطقة، بسبب تكوينها الأيديولوجي/ الطائفي، وبسبب أن هذا الانخراط في الجغرافيا العربية يشكل لها ورقة استراتيجية، لتثبيت أقدامها أقوى لاعب في المنطقة بعد إسرائيل، ويمنحها القوة اللازمة للتفاوض مع الغرب فاعلا إقليميا يجب أخذ مصالحه بالاعتبار في التسويات الكبرى للمنطقة.
عند هذه النقطة، يمكن وضع الحملة السياسية/ الإعلامية الإسرائيلية في موضعها الصحيح، فهي تتضمن، في المقام الأول، رسالة إلى طهران بعدم الرد عسكريا على أي هجوم إسرائيلي نوعي داخل الساحة السورية، فمثل هذا الرد ستترتب عليه نتائج مدمرة لا تتحملها دمشق ولا موسكو.
وهذه هي المسألة التي يناقشها نتنياهو مع بوتين في موسكو في زيارته المفاجئة، لا يتعلق الأمر بمجرد ردع روسي لإيران، فمثل هذه المسألة لا تتطلب زيارة مفاجئة، وإنما يتعلق الأمر بخطوات روسية ملموسة، مثل عدم تزويد دمشق بمنظومة صواريخ متطورة مثل إس 300 ومنع إيران من نشر صواريخ متطورة داخل سورية.
ويبدو التفاهم الروسي ـ الإسرائيلي معقداً إلى حد ما، فموسكو منزعجة جدا من حجم الهجمات الإسرائيلية، لأنها تعرّي روسيا وتظهرها بمظهر العاجز. ومن جهة أخرى، لا تستطيع موسكو في المقابل غض الطرف عما يجري، لأن من شأن استمرار الهجمات الإسرائيلية أن يضرب عرض الحائط جهود موسكو في المحافظة على التوازنات الصعبة القائمة، ويفقدها ورقة الضامن الاستراتيجي في سورية، بالنسبة لكل الأطراف، بما فيها إسرائيل التي تنسق تحركاتها مع الروس منذ سنوات.
روسيا اليوم أمام ثلاث مشكلات: استسلامها لرؤية النظام السياسية، اضطرارها للانصياع لمصالح شريكيها في أستانة (إيران، تركيا)، عجزها عن ردع إيران وإسرائيل على السواء. وفي ضوء ذلك، ستبقى الساحة السورية تراوح مكانها في المرحلة المقبلة، وستبقى ساحة للاشتباك الإقليمي ـ الدولي.