16 سبتمبر 2024
هل "وقف" العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل مراوغة؟
أنيس فوزي قاسم
خبير فلسطيني في القانون الدولي، دكتوراة من جامعة جورج واشنطن، رئيس مجلس إدارة صندوق العون القانوني للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين
أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يوم 26 يوليو/ تموز الحالي، أن القيادة الفلسطينية اتخذت قراراً بـ "وقف العمل" بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل. وأفاد مستشاره، عمر الغول، بأن القرار يشمل التنسيق الأمني. وواضح أن القرار اتخذ على خلفية عملية التطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل في وادي الحمص في بلدة صور باهر وتدمير حوالي سبعين شقة سكنية وتشتيت 550 فردا من العائلات الفلسطينية القاطنة فيها. ولافت للنظر أن عمليات الهدم وقعت في المنطقة "أ"، وهي الواقعة تحت السيطرة المدنية والأمنية لسلطة الحكم الذاتي، حسب ما جاء في اتفاقية أوسلو للعام 1995، وهذا سبب غضب الرئيس عباس الذي وصف الإجراء الإسرائيلي بأنه عمل "في منتهى الوقاحة والعدوان على الحقوق الفلسطينية"، وهو وصفٌ صحيحٌ ودقيق.
الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في صور باهر من تدمير وتشتيت هي حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم الموثقة، والتي تقع تحت طائلة المساءلة القانونية الدولية. إلّا أننا لا نضيف كثيراً على سجل الجرائم الإسرائيلية التي استمرأت الاستباحة والتوغل في حقوق الفلسطينيين، أفراداً وشعباً وأرضاً. وفي جانبٍ منه، يفضح هذا التصرّف الذي أيدته محكمة العدل العليا الإسرائيلية أن إسرائيل تملك، بموجب اتفاقية أوسلو، "حق" تنظيم البناء، ليس في جهتها من الجدار فقط، بل في الجانب الفلسطيني كذلك. وعلى أي حال، تظل جريمة الهدم التي لا زالت تجري في الأراضي المحتلة جريمة حرب كاملة المواصفات، وهي ليست الأولى ولا الأخيرة. ولعلّي لا أجازف في القول إن إسرائيل لم تترك جريمةً حرّمها القانون الدولي إلّا وارتكبتها أكثر من مرّة، وبإصرار ومنهجية، وهذا، على أي حال، ليس مناط الحديث هنا؛ بل كيف لنا قراءة القرار الرئاسي، وما مدى جدّيته، وما هي الآثار المترتبة عليه، إن حصل فعلاً؟
اعتباراً من دورته السابعة والعشرين المنعقدة في 5 /3 /2015، "قرّر" المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة" مع سلطة الاحتلال. وفي
الدورة الثامنة والعشرين، "كلف" المجلس اللجنة التنفيذية للمنظمة "بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين..."، كما "جدّد" قراره "وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية.. والطلب من اللجنة التنفيذية.. البدء في تنفيذ ذلك". وتكرّر هذا القرار في الدورة التاسعة والعشرين. أما في الدورة الثلاثين، فإن المجلس المركزي طلب "إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية كافة.. مع الاحتلال"، وكرّر القرار الطلب بسحب الاعتراف ووقف التنسيق الأمني. ووصلنا الآن إلى الإعلان الجديد "بتعليق" الاتفاقيات مع سلطة الاحتلال.
من قراءتها، يتضح التخبط الذي تتخذ فيه قرارات المجلس المركزي على المستوى القيادي. ذلك أن أغلبها تدعو إلى "وقف" العمل بالاتفاقيات الموقعة، وفي مرة وحيدة يدعو المجلس إلى "إنهاء" العمل بالاتفاقيات، وهناك فرق شاسع بين الأمرين. كما ورد في تلك القرارات "تعليق" الاعتراف بإسرائيل إلى أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وهذا الطلب لا سابقة له في القانون، فالثابت أن الاعتراف يكون منجزاً وغير معلق على شرط، وإذا صدر الاعتراف لا يجوز سحبه. وربما لم يلحظ من صاغوا تلك القرارات أن الاعتراف الفلسطيني لم يكن مماثلاً للاعترافات التقليدية التي تجري بين الدول، بل ينفرد الاعتراف الفلسطيني بأنه لا يكتفي بالاعتراف بإسرائيل، بل أضاف أنه يعترف بحقها في الوجود. وأكثر ما يتضح التخبط وقع في صيغة القرار الصادر في الدورة التاسعة والعشرين، حيث "أقرّ المجلس التوصيات المقدمة له من اللجنة التنفيذية للمنظمة بتنفيذ قرارات المجلس الوطني"، وتقديم مشروع زمني متكامل لتحديد العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية. ويتضح أن القرارات تدور في حلقة مفرغة، فكيف توصي اللجنة التنفيذية إلى المجلس المركزي بإقرار توصياتٍ بتنفيذ قرارات المجلس الوطني، مع العلم والثابت في قانون المنظمة أن المجلس المركزي هو المجلس الوطني، ويباشر مهامه كمجلس وطني، في الفترة بين دورتين، ويتصرّف المركزي بتفويض من الوطني، والمجلس الوطني لا يصدر توصياتٍ بل قرارات. ويزداد التخبط تخبطاً، حين يعلن الرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة أن "التنسيق الأمني مقدس"، ما يرفع من سويته التي تعلو على الالتزامات العادية. وتكشف عن هذه القداسة قرارات المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني "بأشكاله كافة"، ولا نعلم على وجه اليقين ما هي "الأشكال" الأخرى أو الصور المتعدّدة لهذا التنسيق الأمني. فهل أحد الأشكال الأخرى هي "الشركات الأمنية" التي تنتشر الآن بمساعدة أجهزة الأمن الإسرائيلية، ويقوم بها بعض قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حين بلغوا سن التقاعد؟ وبشأن القرار الرئاسي، ثمّة احتمالان: أنه يقصد "الوقف" حقيقة، ويعمل على هذا الأساس. أو يقصد "الإنهاء"، ويريد الخروج من مأزق "أوسلو" حلا جذريا.
حسب الاحتمال الأول، ما تطلبه القيادة الفلسطينية هو "وقف" العمل بالاتفاقية، وليس
"الإنهاء"، وهذا أشبه ما يرد في قانون العمل مثلاً، حين يطلب رب العمل "وقف" موظف عن العمل إلى أن يتم التحقيق معه في أمر ما، أو عقوبة له عن فعل شائن، ما يعني أن الموظف سوف يعود إلى العمل بعد انتهاء التحقيق أو بعد فرض العقوبة التأديبية، من دون حاجة لتوقيعه على عقد عمل جديد. أما الإنهاء فإنه فسخ العلاقة بالكامل، حين يتم طرد موظف من العمل لارتكابه مخالفة جسيمة، وأحياناً يتم الإنهاء حتى بدون تعويضات، أي لا عودة حين يتم "الإنهاء"، فإذا كان القصد هو "الوقف"، فإن هذا يعني أن العلاقة سوف تستأنف بعد إنجاز شروط محددة، وهي حسب قرارات المركزي، شروط لن تقبل إسرائيل بتحقيقها، مثل العودة عن قرار إعلان القدس عاصمة لدولة إسرائيل، أي أنها عملية تعني "تعليق" الاتفاقية على نحو دائم، من دون الوصول إلى حلٍّ مرضٍ.
وبشأن "الإنهاء"، والتحلّل من قيود اتفاقية أوسلو، والخروج من مآزقها، هذا هو أقصى المطامح والآمال الوطنية، ذلك أنه انفكاك من واجبات حراسة الاحتلال بكل مستوطنيه، وبكل السرقات التي تمارسها دولة "الشعب اليهودي" على أموالنا المنقولة والثابتة، بما في ذلك المياه الجوفية والسطحية، ومصادرنا الطبيعية من البحر الميت، ومصادرنا النفطية في حوض رنتيس، ونهب الغاز من شواطئ غزة، بالإضافة إلى المقالع والأحجار التي تتم سرقتها من الأراضي الفلسطينية. وفوق ذلك كله، سرقة الأرض واستعمارها. وجميعها أعمال يؤثم عليها القانون الدولي، وتستطيع القيادة الفلسطينية أن تتحلل منها بدون تبعاتٍ قانونية، لأن القانون الدولي يؤكد، وعلى نحو صريح وثابت، أن أي اتفاقية تخالف المبادئ الآمرة في القانون الدولي هي باطلة، وإن كانت باطلة فإنها لا تورث أي مسؤولية على الطرف الذي يعلن انسحابه منها. لا بل تستطيع القيادة الفلسطينية أن تطالب بتعويضها عن كل الثروات المنهوبة، كما فعلت إسرائيل مع مصر حين سرقت نفط سيناء، وبعد "كامب ديفيد"، قامت بتعويض مصر. كما أن القضاء الدولي قد استقرّ، منذ الحرب العالمية الثانية، على تعويض المؤسسات والأشخاص في البلاد التي وقعت تحت الاحتلال النازي، وتعرّضت للنهب من الجيش والمؤسسات الألمانية. كما صدر قرار محكمة العدل الدولية في العام 2005، حيث أمرت فيه المحكمة أوغندا بتعويض الكونغو الديمقراطية عن النهب الذي مارسته قوات الأولى حين احتلت أراضي الثانية.
والظنّ عندي أن القيادة الفلسطينية قصدت في قرارها "الوقف" من دون "الإنهاء"، وهذه هي الطامّة الكبرى التي لا تزال تطحن تطلعات شعبنا الواقع تحت الاحتلال، وطموحات ذلك الجزء من شعبنا المقيم في الشتات، فالتنسيق الأمني "مقدّس"، ومن الصعب أن يتخلّى المؤمن عن
مقدّساته، إلّا إن كان ذلك جزءاً من صفقة عصر ما. ومع ذلك، فإن الطلب "بالوقف" لم يتوقف، على الرغم من مرور أكثر من أربعة أعوام على القرار، وتكراره في أربع دورات للمجلس المركزي، ودورة للمجلس الوطني. وما يؤيد هذا القول أن قرار الرئيس تكليف لجنة لترتيب عمليات "الوقف" سبق وأن تمّ طلب ذلك في قرار الدورة التاسعة والعشرين، حيث من المفترض أن تكون قيادة منظمة التحرير قد قدّمت "مشروعاً زمنياً متكاملاً" لأخذ موافقة المجلس عليه، فأين ذهب ذلك المشروع؟! إذ من المتوقع أنه جاهز، ويمكن وضعه موضع التطبيق فوراً.
وربما قصدت القيادة الفلسطينية في قرارها أخيرا امتصاص النقمة الشعبية العارمة التي اجتاحت الوسط الفلسطيني والدولي على تدمير إسرائيل المباني السكنية في وادي الحمص وتشتيت سكانها، ولم تكن النيّة لا في "الوقف" ولا في "الإنهاء"، بل هي ترضية للجماهير الناقمة، ولو أرادت القيادة القطيعة لاستعدت لها، ورسمت خططها التي توضع موضع التنفيذ فوراً.
يعيش الفلسطينيون حالياً حالة قحط سياسي في غاية الصعوبة والبؤس، ما "يبشر" بقبول "صفقة القرن"، رغم الألسنة التي تورمت وهي تدينها وتلعن من يؤيدها، إذ لا يمكن حلّ التناقض بين رفض الصفقة بينما يظل التنسيق الأمني المقدس قائماً. إنها حالة شبيهة بحالة من يجلس في المسجد يلقي عظاته على الناس، ولسانه مبلّل بالخمر!
الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في صور باهر من تدمير وتشتيت هي حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم الموثقة، والتي تقع تحت طائلة المساءلة القانونية الدولية. إلّا أننا لا نضيف كثيراً على سجل الجرائم الإسرائيلية التي استمرأت الاستباحة والتوغل في حقوق الفلسطينيين، أفراداً وشعباً وأرضاً. وفي جانبٍ منه، يفضح هذا التصرّف الذي أيدته محكمة العدل العليا الإسرائيلية أن إسرائيل تملك، بموجب اتفاقية أوسلو، "حق" تنظيم البناء، ليس في جهتها من الجدار فقط، بل في الجانب الفلسطيني كذلك. وعلى أي حال، تظل جريمة الهدم التي لا زالت تجري في الأراضي المحتلة جريمة حرب كاملة المواصفات، وهي ليست الأولى ولا الأخيرة. ولعلّي لا أجازف في القول إن إسرائيل لم تترك جريمةً حرّمها القانون الدولي إلّا وارتكبتها أكثر من مرّة، وبإصرار ومنهجية، وهذا، على أي حال، ليس مناط الحديث هنا؛ بل كيف لنا قراءة القرار الرئاسي، وما مدى جدّيته، وما هي الآثار المترتبة عليه، إن حصل فعلاً؟
اعتباراً من دورته السابعة والعشرين المنعقدة في 5 /3 /2015، "قرّر" المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة" مع سلطة الاحتلال. وفي
من قراءتها، يتضح التخبط الذي تتخذ فيه قرارات المجلس المركزي على المستوى القيادي. ذلك أن أغلبها تدعو إلى "وقف" العمل بالاتفاقيات الموقعة، وفي مرة وحيدة يدعو المجلس إلى "إنهاء" العمل بالاتفاقيات، وهناك فرق شاسع بين الأمرين. كما ورد في تلك القرارات "تعليق" الاعتراف بإسرائيل إلى أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وهذا الطلب لا سابقة له في القانون، فالثابت أن الاعتراف يكون منجزاً وغير معلق على شرط، وإذا صدر الاعتراف لا يجوز سحبه. وربما لم يلحظ من صاغوا تلك القرارات أن الاعتراف الفلسطيني لم يكن مماثلاً للاعترافات التقليدية التي تجري بين الدول، بل ينفرد الاعتراف الفلسطيني بأنه لا يكتفي بالاعتراف بإسرائيل، بل أضاف أنه يعترف بحقها في الوجود. وأكثر ما يتضح التخبط وقع في صيغة القرار الصادر في الدورة التاسعة والعشرين، حيث "أقرّ المجلس التوصيات المقدمة له من اللجنة التنفيذية للمنظمة بتنفيذ قرارات المجلس الوطني"، وتقديم مشروع زمني متكامل لتحديد العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية. ويتضح أن القرارات تدور في حلقة مفرغة، فكيف توصي اللجنة التنفيذية إلى المجلس المركزي بإقرار توصياتٍ بتنفيذ قرارات المجلس الوطني، مع العلم والثابت في قانون المنظمة أن المجلس المركزي هو المجلس الوطني، ويباشر مهامه كمجلس وطني، في الفترة بين دورتين، ويتصرّف المركزي بتفويض من الوطني، والمجلس الوطني لا يصدر توصياتٍ بل قرارات. ويزداد التخبط تخبطاً، حين يعلن الرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة أن "التنسيق الأمني مقدس"، ما يرفع من سويته التي تعلو على الالتزامات العادية. وتكشف عن هذه القداسة قرارات المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني "بأشكاله كافة"، ولا نعلم على وجه اليقين ما هي "الأشكال" الأخرى أو الصور المتعدّدة لهذا التنسيق الأمني. فهل أحد الأشكال الأخرى هي "الشركات الأمنية" التي تنتشر الآن بمساعدة أجهزة الأمن الإسرائيلية، ويقوم بها بعض قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حين بلغوا سن التقاعد؟ وبشأن القرار الرئاسي، ثمّة احتمالان: أنه يقصد "الوقف" حقيقة، ويعمل على هذا الأساس. أو يقصد "الإنهاء"، ويريد الخروج من مأزق "أوسلو" حلا جذريا.
حسب الاحتمال الأول، ما تطلبه القيادة الفلسطينية هو "وقف" العمل بالاتفاقية، وليس
وبشأن "الإنهاء"، والتحلّل من قيود اتفاقية أوسلو، والخروج من مآزقها، هذا هو أقصى المطامح والآمال الوطنية، ذلك أنه انفكاك من واجبات حراسة الاحتلال بكل مستوطنيه، وبكل السرقات التي تمارسها دولة "الشعب اليهودي" على أموالنا المنقولة والثابتة، بما في ذلك المياه الجوفية والسطحية، ومصادرنا الطبيعية من البحر الميت، ومصادرنا النفطية في حوض رنتيس، ونهب الغاز من شواطئ غزة، بالإضافة إلى المقالع والأحجار التي تتم سرقتها من الأراضي الفلسطينية. وفوق ذلك كله، سرقة الأرض واستعمارها. وجميعها أعمال يؤثم عليها القانون الدولي، وتستطيع القيادة الفلسطينية أن تتحلل منها بدون تبعاتٍ قانونية، لأن القانون الدولي يؤكد، وعلى نحو صريح وثابت، أن أي اتفاقية تخالف المبادئ الآمرة في القانون الدولي هي باطلة، وإن كانت باطلة فإنها لا تورث أي مسؤولية على الطرف الذي يعلن انسحابه منها. لا بل تستطيع القيادة الفلسطينية أن تطالب بتعويضها عن كل الثروات المنهوبة، كما فعلت إسرائيل مع مصر حين سرقت نفط سيناء، وبعد "كامب ديفيد"، قامت بتعويض مصر. كما أن القضاء الدولي قد استقرّ، منذ الحرب العالمية الثانية، على تعويض المؤسسات والأشخاص في البلاد التي وقعت تحت الاحتلال النازي، وتعرّضت للنهب من الجيش والمؤسسات الألمانية. كما صدر قرار محكمة العدل الدولية في العام 2005، حيث أمرت فيه المحكمة أوغندا بتعويض الكونغو الديمقراطية عن النهب الذي مارسته قوات الأولى حين احتلت أراضي الثانية.
والظنّ عندي أن القيادة الفلسطينية قصدت في قرارها "الوقف" من دون "الإنهاء"، وهذه هي الطامّة الكبرى التي لا تزال تطحن تطلعات شعبنا الواقع تحت الاحتلال، وطموحات ذلك الجزء من شعبنا المقيم في الشتات، فالتنسيق الأمني "مقدّس"، ومن الصعب أن يتخلّى المؤمن عن
وربما قصدت القيادة الفلسطينية في قرارها أخيرا امتصاص النقمة الشعبية العارمة التي اجتاحت الوسط الفلسطيني والدولي على تدمير إسرائيل المباني السكنية في وادي الحمص وتشتيت سكانها، ولم تكن النيّة لا في "الوقف" ولا في "الإنهاء"، بل هي ترضية للجماهير الناقمة، ولو أرادت القيادة القطيعة لاستعدت لها، ورسمت خططها التي توضع موضع التنفيذ فوراً.
يعيش الفلسطينيون حالياً حالة قحط سياسي في غاية الصعوبة والبؤس، ما "يبشر" بقبول "صفقة القرن"، رغم الألسنة التي تورمت وهي تدينها وتلعن من يؤيدها، إذ لا يمكن حلّ التناقض بين رفض الصفقة بينما يظل التنسيق الأمني المقدس قائماً. إنها حالة شبيهة بحالة من يجلس في المسجد يلقي عظاته على الناس، ولسانه مبلّل بالخمر!
أنيس فوزي قاسم
خبير فلسطيني في القانون الدولي، دكتوراة من جامعة جورج واشنطن، رئيس مجلس إدارة صندوق العون القانوني للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين
أنيس فوزي قاسم
مقالات أخرى
23 يونيو 2024
09 مايو 2024
06 ابريل 2024