08 نوفمبر 2017
البحرين.. حقوق الإنسان تتردى ولا مساحة للمعارضة
منى علي
اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية، منذ يونيو/حزيران 2016، بقمع المعارضة عبر استخدام مجموعة كبيرة من الأساليب القمعية، بما في ذلك القبض والمضايقة والتهديد والمحاكمة والسجن، من أجل إخراس المنتقدين السلميين، كما أن قوات الأمن في البحرين لجأت حتى إلى تعذيب مدافعين عن حقوق الإنسان، من الرجال والنساء، أو إساءة معاملتهم، وهو أسلوب لم يكن سائدًا في البحرين، حسب التقرير الصادر عن المنظمة. والذي جاء قبل فترة بسيطة من عقد جلسة المراجعة الدورية الشاملة للبحرين المخصصة للاستماع إلى رد الوفد الحكومي على التوصيات المقدمة من أعضاء مجلس حقوق الإنسان الدولي، في 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، كما سجلت أكثر من 30 منظمة حقوقية للتعقيب على الرد الحكومي، بينها عشر مستقلة، وصفتها الصحف القريبة من السلطة بأنها منظمات "ذات توجهات معادية للمملكة".
تخلو البحرين، في الوقت الراهن، من الصحافة الحرة المستقلة، بعد أن أغلقت السلطات في يونيو/ حزيران، صحيفة الوسط البحرينية المستقلة، ورفضت تجديد رخص المراسلين الدوليين داخل البحرين، ورُفض اعتماد مراسلين لوكالات عالمية، كما إنها تتحكم بدقة في دخول الصحافيين الأجانب البلاد، وتعمد الصحافة الحكومية، وتلك المحسوبة عليها، والقريبة منها، إلى تبني الخطاب الحكومي بالكامل، بما فيه من تخوين للمعارضة، وعدم إفساح المجال للرأي الآخر، واعتبار أي انتقاد للحكومة، أو سجل حقوق الإنسان في خانة الخيانة والإرهاب والمعاداة للبلاد، حيث تستخدم السلطات بشكل متزايد مواد في قانون العقوبات البحريني، تجرّم الحق في حرية التعبير، وتحاكم الأشخاص بتهمة "إهانة مؤسسات عامة علنا"، و"إهانة الملك"، و"بث أخبار وشائعات كاذبة"، و"التحريض على كراهية النظام"، و"التحريض على قلب نظام الحكم".
"لا أحد يستطيع حمايتكم"
وقد ركزعلى هذا الأمر تقرير منظمة العفو "لا أحد يستطيع حمايتكم"، وهي جملة نقلتها
المحامية ابتسام الصائغ، وهي تروي لمنظمة العفو الدولية، في مايو/أيار 2017، عن معاملتها لدى جهاز الأمن الوطني، في أثناء جلسة تحقيق، قبل أن يتم اعتقالها لاحقا، وتوجيه تهم لها تحت مظلة قانون الإرهاب، حيث أورد التقرير أنه "خلال الفترة من يونيو/حزيران 2016 إلى يونيو/حزيران 2017، توصلت منظمة العفو الدولية إلى أن ما لا يقل عن 169 من منتقدي السلطات وأقاربهم قد تعرّضوا للقبض عليهم أو استدعائهم أو التحقيق معهم، أو للمحاكمة أو السجن أو المنع من السفر إلى الخارج أو للتهديد. وكان المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون والصحافيون والنشطاء والزعماء السياسيون ورجال الدين الشيعة والمتظاهرون السلميون من المتضرّرين على وجه الخصوص".
وأضاف التقرير أنه نتيجة لحملة القمع التي اتخذتها السلطات البحرينية خلال العام الماضي، "تضاءل المجتمع المدني في البحرين، حتى أصبح مجرد أصوات قليلة منفردة، لديها من الشجاعة ما يكفي للمجاهرة بآرائها، بعد أن كان هذا المجتمع من قبل نشطًا ومزدهرًا. كما أصبح معظم المنتقدين السلميين، سواء أكانوا من المدافعين عن حقوق الإنسان أم من النشطاء السياسيين، يشعرون الآن بتعاظم المخاطر المترتبة على أنشطتهم".
واتهمت المنظمة الدولية السلطات البحرينية "بالتراجع عن الوعود التي قطعتها بالإصلاح في أعقاب ردها العنيف على الانتفاضة في عام 2011، على الرغم من ادعاءات السلطات المتكرّرة بعكس ذلك. فقد شهدت أحداث الانتفاضة متظاهرين سلميين، بينهم زعماء سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وأطباء ومعلمون ومحامون، يخرجون إلى الشوارع مطالبين بالإصلاح، فكان أن ُقوبلوا بالقبض عليهم، واحتجازهم بصورة تعسفية وتعذيبهم، بل وتعرّض بعضهم للقتل بشكل غير قانوني. وأثار هذا القمع الوحشي غضبًا عامًا، سواء داخل البحرين أو خارجها".
جاء تقرير منظمة العفو الدولية في 48 صفحة، والذي استند إلى النتائج التي توصلت إليها المنظمة، من خلال الرصد المستمر للتطورات المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين، والبحوث التي أجرتها في هذا الشأن، مع التركيز بصفة خاصة على الفترة من يونيو/حزيران 2016 إلى يونيو/حزيران 2017، حيث تقصّى الباحثون 210 حالات، وأجروا مقابلات مع 52 من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والشهود على الأحداث الموثقة في التقرير، وكذلك مع 62 من أقارب الضحايا أو أصدقائهم المقربين ومن المحامين، وتحدث الباحثون مع 38 من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والمحامين، كما قامت بتحليل تصريحات عامة صادرة عن السلطات، وإلى مراسلات مع منظمة العفو الدولية، وكذلك إلى وثائق قضائية، ونصوص قانونية وغير ذلك من الأدلة الوثائقية، بما في ذلك لقطات بالفيديو في عدد من الحالات. وقد راجعت منظمة العفو الدولية أيضًا تقارير إعلامية وتقارير منظمات أخرى معنية بحقوق الإنسان، فضلا عن بيانات لحكومات بلدان أخرى. وقد تعين على المنظمة إجراء أغلب المقابلات عن بعد، عن طريق الهاتف أو الإنترنت، نظرا لعدم تيسر دخولها إلى البحرين.
رد حكومي
وجاء رد الحكومة البحرينية على التقريرعلى لسان السكرتير الأول بالسفارة البحرينية في لندن، فهد البنعلي، وقال إن تقرير منظمة العفو الدولية تضمن ادعاءات ومزاعم عارية عن الصحة، وأخبارا غير موثقة، "لا تعكس واقع أوضاع حقوق الإنسان في مملكة البحرين". وأفاد بأن
السفارة تولي اهتمامًا كبيًرا بتعزيز العلاقة مع المنظمة، وتتواصل معها مباشرة منذ مدة طويلة، بغية شرح الأوضاع وإطلاعها على آخر المستجدات، كما أجابت على استفسارات المنظمة بشأن قضايا محدّدة طرحتها، وقدمت المعلومات والوثائق، سواء تعلقت بحالات فردية، أو بالحالة العامة لتطورات أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، مؤكدا على ضرورة استمرار العلاقة الإيجابية معها". وحث البنعلي "العفو الدولية" على أن تكون أكثر حرصًا في التأكد من صحة المعلومات التي تصل إليها، وأن تتأكد من مصداقية مصادرها، حفاظًا على حيادية بياناتها ومصداقية تقاريرها المتعلقة بالبحرين".
ولمداراة الأزمة الحقوقية، كانت البحرين قد أسندت مهمة حقوق الإنسان لإحدى وزيراتها في العام 2011 إلى جانب حقيبة الشؤون الاجتماعية، ومع تصاعد الانتقادات الدولية لوضع حقوق الإنسان في البلاد، تم تشكيل وزارة مستقلة لحقوق الإنسان، لم تدم ليعود ملف حقوق الإنسان ليكون تابعا لوزارة الخارجية. وأنشأ الملك حمد بن عيسى في العام 2009 المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تعزيز حقوق الإنسان وتنميتها وحمايتها، على أن تكون مؤسسة مستقلة تمارس عملها بحرية وحيادية، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، حيث تدأب المؤسسة على تبني الرأي الحكومي فيما يتعلق بالممارسات المناهضة لحقوق الإنسان، بما فيها الإعدام، كذلك لم يجد الضحايا الذين يلجأون للمؤسسة أي حلول أو تدخل من المؤسسة لوقف الانتهاكات.
وضع حقوق الإنسان
يُضاف تقرير "العفو الدولية" إلى بيانات لمنظمة هيومان رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الدولية، في انتقاد الممارسات الرسمية التي لا تحترم حقوق الإنسان في البحرين، والتي تزايدت بعد قمع الحراك في العام 2011، ومنها السماح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وإعادة صلاحيات جهاز الأمن الوطني في القبض والتحقيق، مئات الادعاءات بالتعذيب والمعاملة السيئة في أثناء فترة الاحتجاز، بالإضافة إلى مئات الادعاءات لمسجونين يقضون أحكاما قضائية بسوء المعاملة والتضييق، كما انتقدت هذه المنظمات عدم عدالة القضاء وتغليظ الأحكام ضد المعارضين، ومحاكمة الناس على آرائهم، كما قبلت المحاكم "اعترافات" انتُزعت بالإكراه، باعتبارها أدلة.
ومن الانتقادات التي وجهتها هذه المنظمات للسلطات البحرينية إسقاط الجنسية عن معارضين بشكل تعسّفي، وإصدار المحاكم أحكاما بالإعدام، كما تمنع البحرين زيارة الهيئات المستقلة
المعنية بحقوق الإنسان، مثل "مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و"مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان"، و"مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات"، و"مقرّر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير"، و"مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان"، التي أُلغيت زياراتها المزمعة للبحرين منذ عام 2014، و ُألغيت زيارتها أخيرا في يونيو/ حزيران2017. كما منعت منظمات العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، و"أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين"، ومنع أيضا صحافيون دوليون كانوا قد انتقدوا الحكومة من دخول البلاد.
وتفرض السلطات البحرينية حظرا على المظاهرات السلمية، كما أن المادة 178 من قانون العقوبات البحريني تعاقب كل من اشترك في تجمهرٍ في مكان عام، مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تتجاوز 200 دينار، أو بإحدى العقوبتين، وهي المادة المستخدمة لمحاكمة المتظاهرين، بالإضافة إلى استخدام الشرطة العنف خلال فض التظاهرات، ما يؤدي إلى إصابات في صفوف المتظاهرين وحالات وفاة في بعض الأحيان، كما حدث عند فض الاعتصام أخيرا في قرية الدراز مطلع عام 2017، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم طفل، وإصابة مئات آخرين.
وكانت المحكمة في البحرين قد أصدرت حكما بالسجن أربع سنوات على أحد أبرز قادة المعارضة في إبريل/ نيسان 2017، كما حكمت بالسجن عامين على المدافع عن حقوق الإنسان، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان ونائب الأمين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وعضو المجلس الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، نبيل رجب، بتهمة بث "أخبار كاذبة" و"إشاعات مغرضة تنال من هيبة الدولة"، بسبب مقابلات أجراها مع محطات تلفزيونية. كما سحبت السلطات الجنسية من أكثر من ثلاثمائة معارض، في مقدمتهم الزعيم الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم، كما حلت السلطات أكبر جمعية معارضة، وتحاكم أخرى، بسبب آرائها ومواقفها الداعمة للحراك الشعبي.
والجدير بالذكر أن سجناء سجني جو والحوض الجاف يضربون عن الطعام منذ التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، بهدف تسليط الضوء على معاناتهم، حسب رسالةٍ أرسلوها إلى الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أشارت إلى تعرّض السجناء "للتعذيب الممنهج وسوء المعاملة والحط بالكرامة بشكل يومي، بالإضافة إلى الإهمال الطبي وعدم توفر الرعاية الصحية والمنع من ممارسة الشعائر الدينية ومنع إقامة صلاة الجماعة والمنع من الاتصال والتواصل مع الأهل، علاوة على الحبس المتكرر في الزنازين لمدة تفوق أربعا وعشرين ساعة متواصلة".
تخلو البحرين، في الوقت الراهن، من الصحافة الحرة المستقلة، بعد أن أغلقت السلطات في يونيو/ حزيران، صحيفة الوسط البحرينية المستقلة، ورفضت تجديد رخص المراسلين الدوليين داخل البحرين، ورُفض اعتماد مراسلين لوكالات عالمية، كما إنها تتحكم بدقة في دخول الصحافيين الأجانب البلاد، وتعمد الصحافة الحكومية، وتلك المحسوبة عليها، والقريبة منها، إلى تبني الخطاب الحكومي بالكامل، بما فيه من تخوين للمعارضة، وعدم إفساح المجال للرأي الآخر، واعتبار أي انتقاد للحكومة، أو سجل حقوق الإنسان في خانة الخيانة والإرهاب والمعاداة للبلاد، حيث تستخدم السلطات بشكل متزايد مواد في قانون العقوبات البحريني، تجرّم الحق في حرية التعبير، وتحاكم الأشخاص بتهمة "إهانة مؤسسات عامة علنا"، و"إهانة الملك"، و"بث أخبار وشائعات كاذبة"، و"التحريض على كراهية النظام"، و"التحريض على قلب نظام الحكم".
"لا أحد يستطيع حمايتكم"
وقد ركزعلى هذا الأمر تقرير منظمة العفو "لا أحد يستطيع حمايتكم"، وهي جملة نقلتها
وأضاف التقرير أنه نتيجة لحملة القمع التي اتخذتها السلطات البحرينية خلال العام الماضي، "تضاءل المجتمع المدني في البحرين، حتى أصبح مجرد أصوات قليلة منفردة، لديها من الشجاعة ما يكفي للمجاهرة بآرائها، بعد أن كان هذا المجتمع من قبل نشطًا ومزدهرًا. كما أصبح معظم المنتقدين السلميين، سواء أكانوا من المدافعين عن حقوق الإنسان أم من النشطاء السياسيين، يشعرون الآن بتعاظم المخاطر المترتبة على أنشطتهم".
واتهمت المنظمة الدولية السلطات البحرينية "بالتراجع عن الوعود التي قطعتها بالإصلاح في أعقاب ردها العنيف على الانتفاضة في عام 2011، على الرغم من ادعاءات السلطات المتكرّرة بعكس ذلك. فقد شهدت أحداث الانتفاضة متظاهرين سلميين، بينهم زعماء سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وأطباء ومعلمون ومحامون، يخرجون إلى الشوارع مطالبين بالإصلاح، فكان أن ُقوبلوا بالقبض عليهم، واحتجازهم بصورة تعسفية وتعذيبهم، بل وتعرّض بعضهم للقتل بشكل غير قانوني. وأثار هذا القمع الوحشي غضبًا عامًا، سواء داخل البحرين أو خارجها".
جاء تقرير منظمة العفو الدولية في 48 صفحة، والذي استند إلى النتائج التي توصلت إليها المنظمة، من خلال الرصد المستمر للتطورات المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين، والبحوث التي أجرتها في هذا الشأن، مع التركيز بصفة خاصة على الفترة من يونيو/حزيران 2016 إلى يونيو/حزيران 2017، حيث تقصّى الباحثون 210 حالات، وأجروا مقابلات مع 52 من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والشهود على الأحداث الموثقة في التقرير، وكذلك مع 62 من أقارب الضحايا أو أصدقائهم المقربين ومن المحامين، وتحدث الباحثون مع 38 من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والمحامين، كما قامت بتحليل تصريحات عامة صادرة عن السلطات، وإلى مراسلات مع منظمة العفو الدولية، وكذلك إلى وثائق قضائية، ونصوص قانونية وغير ذلك من الأدلة الوثائقية، بما في ذلك لقطات بالفيديو في عدد من الحالات. وقد راجعت منظمة العفو الدولية أيضًا تقارير إعلامية وتقارير منظمات أخرى معنية بحقوق الإنسان، فضلا عن بيانات لحكومات بلدان أخرى. وقد تعين على المنظمة إجراء أغلب المقابلات عن بعد، عن طريق الهاتف أو الإنترنت، نظرا لعدم تيسر دخولها إلى البحرين.
رد حكومي
وجاء رد الحكومة البحرينية على التقريرعلى لسان السكرتير الأول بالسفارة البحرينية في لندن، فهد البنعلي، وقال إن تقرير منظمة العفو الدولية تضمن ادعاءات ومزاعم عارية عن الصحة، وأخبارا غير موثقة، "لا تعكس واقع أوضاع حقوق الإنسان في مملكة البحرين". وأفاد بأن
ولمداراة الأزمة الحقوقية، كانت البحرين قد أسندت مهمة حقوق الإنسان لإحدى وزيراتها في العام 2011 إلى جانب حقيبة الشؤون الاجتماعية، ومع تصاعد الانتقادات الدولية لوضع حقوق الإنسان في البلاد، تم تشكيل وزارة مستقلة لحقوق الإنسان، لم تدم ليعود ملف حقوق الإنسان ليكون تابعا لوزارة الخارجية. وأنشأ الملك حمد بن عيسى في العام 2009 المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تعزيز حقوق الإنسان وتنميتها وحمايتها، على أن تكون مؤسسة مستقلة تمارس عملها بحرية وحيادية، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع، حيث تدأب المؤسسة على تبني الرأي الحكومي فيما يتعلق بالممارسات المناهضة لحقوق الإنسان، بما فيها الإعدام، كذلك لم يجد الضحايا الذين يلجأون للمؤسسة أي حلول أو تدخل من المؤسسة لوقف الانتهاكات.
وضع حقوق الإنسان
يُضاف تقرير "العفو الدولية" إلى بيانات لمنظمة هيومان رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الدولية، في انتقاد الممارسات الرسمية التي لا تحترم حقوق الإنسان في البحرين، والتي تزايدت بعد قمع الحراك في العام 2011، ومنها السماح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وإعادة صلاحيات جهاز الأمن الوطني في القبض والتحقيق، مئات الادعاءات بالتعذيب والمعاملة السيئة في أثناء فترة الاحتجاز، بالإضافة إلى مئات الادعاءات لمسجونين يقضون أحكاما قضائية بسوء المعاملة والتضييق، كما انتقدت هذه المنظمات عدم عدالة القضاء وتغليظ الأحكام ضد المعارضين، ومحاكمة الناس على آرائهم، كما قبلت المحاكم "اعترافات" انتُزعت بالإكراه، باعتبارها أدلة.
ومن الانتقادات التي وجهتها هذه المنظمات للسلطات البحرينية إسقاط الجنسية عن معارضين بشكل تعسّفي، وإصدار المحاكم أحكاما بالإعدام، كما تمنع البحرين زيارة الهيئات المستقلة
وتفرض السلطات البحرينية حظرا على المظاهرات السلمية، كما أن المادة 178 من قانون العقوبات البحريني تعاقب كل من اشترك في تجمهرٍ في مكان عام، مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تتجاوز 200 دينار، أو بإحدى العقوبتين، وهي المادة المستخدمة لمحاكمة المتظاهرين، بالإضافة إلى استخدام الشرطة العنف خلال فض التظاهرات، ما يؤدي إلى إصابات في صفوف المتظاهرين وحالات وفاة في بعض الأحيان، كما حدث عند فض الاعتصام أخيرا في قرية الدراز مطلع عام 2017، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم طفل، وإصابة مئات آخرين.
وكانت المحكمة في البحرين قد أصدرت حكما بالسجن أربع سنوات على أحد أبرز قادة المعارضة في إبريل/ نيسان 2017، كما حكمت بالسجن عامين على المدافع عن حقوق الإنسان، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان ونائب الأمين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وعضو المجلس الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، نبيل رجب، بتهمة بث "أخبار كاذبة" و"إشاعات مغرضة تنال من هيبة الدولة"، بسبب مقابلات أجراها مع محطات تلفزيونية. كما سحبت السلطات الجنسية من أكثر من ثلاثمائة معارض، في مقدمتهم الزعيم الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم، كما حلت السلطات أكبر جمعية معارضة، وتحاكم أخرى، بسبب آرائها ومواقفها الداعمة للحراك الشعبي.
والجدير بالذكر أن سجناء سجني جو والحوض الجاف يضربون عن الطعام منذ التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، بهدف تسليط الضوء على معاناتهم، حسب رسالةٍ أرسلوها إلى الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أشارت إلى تعرّض السجناء "للتعذيب الممنهج وسوء المعاملة والحط بالكرامة بشكل يومي، بالإضافة إلى الإهمال الطبي وعدم توفر الرعاية الصحية والمنع من ممارسة الشعائر الدينية ومنع إقامة صلاة الجماعة والمنع من الاتصال والتواصل مع الأهل، علاوة على الحبس المتكرر في الزنازين لمدة تفوق أربعا وعشرين ساعة متواصلة".
دلالات