28 سبتمبر 2017
البحرين.. أسلحة بالمليارات ورفع أسعار سلع أساسية
منى علي
استضافت مملكة البحرين يومي 16 و17من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع 2017 (بايدك 2017)، وهو الأول من نوعه الذي تستضيفه البحرين. وقد أقيم تحت رعاية من ملك البلاد، ونظمته شركة كلاريون إيڨنتس، بالتعاون مع قوة دفاع البحرين ومركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات). وقد شاركت فيه وفود من كبار الشخصيات العسكرية، وعدد من كبار ممثلي دوائر الدفاع في الخارج والدبلوماسيين المقيمين في المملكة.
أعلنت البحرين، خلال المعرض عن توقيع صفقة مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية لشراء 16 مقاتلة أميركية من طراز إف 16 المطورة، بقيمة 3.8 مليارات دولار. وأوضح قائد سلاح الجو الملكي البحريني، اللواء الركن حمد بن عبد الله آل خليفة، أن هذه المقاتلات المتطورة ستساهم بفاعلية في تطوير سلاح الجو الملكي البحريني الذي يضم منظومات حديثة عديدة، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية البحرينية الرسمية. ويأتي ذلك بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، موافقة وزارة الخارجية الأميركية على صفقة بيع أسلحة للبحرين، تزيد قيمتها على 3.8 مليارات دولار. وجاءت هذه الموافقة على الصفقة المحتملة، تزامنا مع إخطارها الكونغرس الذي عطل، في العام الماضي، اتفاقا مشابها بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. حيث قالت وزارة الدفاع إن المبيعات المقترحة تشمل 19 طائرة إف - 16 من إنتاج لوكهيد مارتن، قد تصل قيمتها إلى 2.7 مليار دولار. وأضافت، في بيانين منفصلين، أن هناك مبيعات محتملة أخرى تشمل زورقي دورية مزودين بمدافع رشاشة و221 صاروخا مضادا للدبابات، تنتجها شركة رايثون، علاوة على عمليات تحديث بقيمة 1.8 مليار دولار، لأسطول البحرين الحالي من طائرات إف – 16.
وقد لقيت الصفقة إدانة شديدة من منظمة "أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" التي قالت إن "بيع الحزم العسكرية جاء من دون إلزام الحكومة البحرينية بشروط حقوق الإنسان"، ودعت الكونغرس الأميركي إلى منع البيع.
وكان أكثر من 60 عضواً في مجلس النواب الأميركي قد توجهوا برسالة إلى الرئيس السابق،
باراك أوباما، من أجل إبطال صفقة بيع أسلحة للسعودية، تقدر بـ 1.15 مليار دولار الصيف الماضي، ما دفع إدارة أوباما إلى عدم توقيع الصفقة، بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان في البلدين، إلا أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كان قد صرح، في مايو/ أيار الماضي، بأن علاقات واشنطن مع البحرين سوف تتحسّن، وذلك عقب اجتماعه مع ملك البحرين، حمد بن عيسى، في الرياض.
وقال السناتور الأميركي بوب كروكر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في يونيو/ حزيران الماضي، إنه سيمنع مبيعات الأسلحة للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها البحرين، حتى تحرز تقدما في حل الخلاف مع قطر. غير أن وزارة الخارجية كانت قد قررت في يوليو/ تموز 2015، رفع حظر بيع السلاح للشؤون الأمنيّة والعسكريّة عن حكومة البحرين، والذي كان قد فُرض في العام 2011 في أعقاب تعامل السلطات البحرينية بعنف مع الاحتجاجات التي انطلقت في فبراير/ شباط ومارس/ آذار من العام نفسه.
تأتي هذه الصفقات مع الولايات المتحدة بشكل خاص، لكون الإدارة الأميركية الحالية حليفا مباشرا لدول الخليج، ومنها البحرين، على خلاف الإدارة السابقة التي كانت تضغط فيما يتعلق بتحسين وضع حقوق الإنسان والحريات وتعديل القوانين، بما يتناسب مع القانون الدولي.
ولا يتناسب سباق البحرين نحو التسلح بهذا الشكل المبالغ فيه مع ميزانيتها ولا دخلها الاقتصادي، فهي لا تنعم بالموارد الطبيعية بغنى كما في الجارتين، العربية السعودية وقطر. كما إنها صغيرة الحجم، وتحتوي على قاعدتين عسكريتين، أميركية وبريطانية. لذا، فإن الحاجة للتسلح بهذا الكم الكبير تثير التساؤل، وتفتح النار على السلطات التي تنفق هذه الأموال الطائلة على شراء الطائرات العسكرية، وعلى المشاركة في حرب اليمن، بدلا من حل المشكلات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
كما تأتي هذه الخطوات لحيازة ترسانة عسكرية قوية، تمثل نوعا من الهرولة وراء ما تقوم به الدول المجاورة، مثل السعودية وقطر والإمارات، وحتى الجارة على الضفة الأخرى إيران، جزءا من استراتيجية شراء السكوت الدولي عن انتهاكات حقوق الإنسان والحروب غير العادلة. علاوة على أنها تفتح الباب أمام تضامن الدول المصدّرة للسلاح في وجه ما يسمونه "الإرهاب" والذي يكون، في أحيان كثيرة، ثورات شعبية، أو مطالب إصلاحية من مواطنين يُتهمون بالعمالة للخارج والإرهاب.
تنويع مصادر الأسلحة
ليست هذه الصفقة الأولى التي تبرمها البحرين مع الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية المصنعة للأسلحة. فهي تحاول تنويع تعاونها العسكري التقني الخارجي، وتوسيعه، ليشمل عددا أكبر من الدول، بغرض تعزيز التعاون مع هذه الدول، وتشتيت الانتباه، فيما يتعلق بالانتهاكات التي ترتكبها السلطات في المملكة الخليجية الصغيرة في مجال حقوق الإنسان.
فخلال المعرض ذاته، كشف قائد الحرس الملكي البحريني، الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، نجل ملك البلاد، أن بلاده تجري مفاوضات مع روسيا، بشأن توريد منظومة الدفاع الصاروخية "إس 400". ويأتي هذا التصريح في أعقاب إعلان روسيا، في يوليو/ تموز الماضي، عن عقدها صفقة مع البحرين، لتوريد صواريخ محمولة مضادة للطائرات، ومنظومات صواريخ مضادة للدبابات إلى المنامة.
وكانت الحكومة الروسية قد كلفت وزارة الدفاع في مايو/ أيار من العام 2016، بعقد اتفاقية تعاون عسكري مع مملكة البحرين. وذلك بعد تجديد روسيا والبحرين اهتمامهما المشترك بتعزيز التعاون العسكري التقني بينهما، في أثناء زيارة ملك البحرين، حمد بن عيسى، إلى روسيا في فبراير/ شباط من العام نفسه. حينها، أعاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى الأذهان أن الطرفين أنشآ لجنةً للتعاون العسكري والفني للعمل معا في هذا المجال.
وتتضمن مسودة اتفاقية التعاون العسكري بين موسكو والمنامة إنشاء قاعدة متينة لهذا التعاون،
بما يمهد لتبادل الخبراء في مجالي محاربة الإرهاب وعمليات حفظ السلام، وتأهيل الكوادر العسكرية، وتبادل دعوة المراقبين إلى حضور التدريبات العسكرية، وإجراء مشاوراتٍ بين هيئتي الأركان الروسية والبحرينية.
تأتي هذه الصفقات مع الدول الغربية في ظل تسابق هذه الدول على الحضور في منطقة الخليج العربي، ومنها الإدارة الأميركية الجديدة، حيث تسعى واشنطن إلى بناء تحالف قوي من أجل محاربة الجماعات المسلحة، كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأيضاً من أجل تحجيم دور إيران في المنطقة. كما أن البحرين وحدها تستضيف الأسطول الخامس الأميركي وقاعدة بحرية بريطانية، والتي يعتبرها ناشطون ضد التسليح ومع حقوق الإنسان واجهات لاحتلال عسكري، تتحكم خلاله الولايات المتحدة وبريطانيا في مصائر دول الخليج، فيما يتعلق بالأمن والتسليح.
يربط البحرين بفرنسا، هي الأخرى، اتفاق للتعاون العسكري، وإعلان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية لأهداف سلمية، وُقّع في فبراير/ شباط 2009، كما أن هناك مباحثات دائمة بشأن التعاون العسكري بين البلدين، كان آخرها بحث القائد العام لقوة دفاع البحرين، العميد الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، مع مدير شؤون أفريقيا والشرق الأوسط في الإدارة الفرنسية العامة للتسليح، ستيفان بيكن، سبل دعم العلاقات الثنائية. وقد جاء هذا أيضا خلال معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع 2017.
لا يقتصر التعاون البحريني في المجال العسكري مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بل يتخطاه إلى تعاون عسكري مع باكستان وماليزيا والأردن ومصر والمغرب، وغيرها. فمثلا دعا اجتماع بين رئيس الحرس الوطني، الفريق الركن الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، ومدير عام جهاز الاستخبارات العسكري الباكستاني المشترك (ISI) الجنرال نويد مختار لرفع مستوى التبادل والتنسيق العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة، بغية الارتقاء بمستوى الخبرات العسكرية والأداء العملياتي والقتالي. وذلك حسب بيان نشرته وكالة الأنباء البحرينية.
كما أكد الجانبان، البحريني والماليزي، خلال زيارة ملك البحرين ماليزيا هذا العام على ضرورة تنمية علاقات التعاون الدفاعي والأمني بين البلدين وتقويتها. وتقرّر تبادل المعلومات والتقييمات الاستخباراتية وأفضل الممارسات. واتفقت ماليزيا والبحرين على مواصلة تعزيز علاقاتهما الدفاعية. ووقع الطرفان مذكرة تفاهم، ترمز إلى هذه الرغبة التي سيعملان من خلالها على مواصلة استكشاف التعاون العسكري. ويشمل الأخير، على سبيل المثال، تدريب الأفراد العسكريين وتبادلهم بين القوات المسلحة الماليزية وقوة دفاع البحرين، وتكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات والاستخبارات بشأن الشبكات الإرهابية، والعمل معاً لتبادل الخبرات بشأن التعامل مع ظاهرة التطرف المتزايدة.
كما وُقعت اتفاقية مشابهة للتعاون المشترك بين القوات المسلحة الأردنية وقوة دفاع البحرين في مارس/ آذار الماضي. حينها أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، الفريق الركن محمود عبدالحليم فريحات، إلى الدور البارز للقوات المسلحة الأردنية في تأسيس قوة دفاع البحرين وتبادل الخبرات العسكرية والفنية والتدريبية معها. وفي العام 2012، وقعت مملكتا البحرين والمغرب اتفاقية تعاون في المجال العسكري، لزيادة أواصر ذلك التعاون، وفتح آفاق أرحب في تبادل الخبرات العسكرية والعلمية المتصلة بها. وذلك حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية البحرينية.
المنتقدون
في السياق ذاته، سخر ناشطون ومغرّدون بحرينيون من خبر الكشف عن آلية عسكرية صممها نجل الملك الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، وتم الإعلان عنها في فعاليات معرض ومؤتمر
البحرين الدولي للدفاع، حملت اسم "ذيب"، وقد ظهر نجل الملك مصوَّرا بجانبها ومزينا صدره بأوسمة عسكرية عديدة، على الرغم من صغر سنه، واقتصار خبراته العسكرية في المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، ويقوم بعملياته في اليمن.
وكان نشطاء في حقوق الإنسان قد وجهوا انتقادات إلى المملكة المتحدة، بسبب رعاية شركة كلاريون إيڨنتس البريطانية تنظيم المعرض الدولي للأسلحة في البحرين، فقد عبرت حملة مناهضة تجارة الأسلحة البريطانية عن اعتراضها، في بيان جاء فيه "البريطانيون يرفضون إنفاق الضرائب على ترويج مبيعات الأسلحة للبحرين، وغيرها من الأنظمة التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان". وأضاف البيان أن "تعزيز المملكة المتحدة صادرات الأسلحة (من خلال المعرض) سيُعتبر دعما للنظام (في البحرين)، وفضلا عن سجن وتعذيب نشطاء حقوق الإنسان والناشطين المؤيدين للديمقراطية؛ فإن حكومة البحرين هي جزء من التحالف الذي يقصف اليمن حاليا، وتسبب في تعريض الملايين من اليمنيين لحافة المجاعة وخطر الكوليرا".
وقالت صوفي باغوت، من معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، "مما يدعو إلى القلق الشديد أن تكون الشركات قادرة على الإعلان عن الأسلحة وبيعها إلى البحرين، وهي عضو في التحالف الذي تقوده السعودية، والذي ساعد في تفجير اليمن، وفي خلق أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم. فلن تستخدم هذه الأسلحة ضد المدنيين اليمنيين فقط، بل أيضا ضد مواطني البحرين الذين تم تقليص حرياتهم بشكل كبير على مدى الـ 18 شهرا الماضية".
وتهكم البحرينيون، في مواقع التواصل الاجتماعي، على توقيع حكومتهم صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، في وقتٍ لا تجد حلا لمشكلاتها الاقتصادية، ولا حتى السياسية والحقوقية. فالدَّين العام يتجه إلى مزيد من الارتفاع نحو مستويات غير مسبوقة، وربّما يتجاوز 100% من إجمالي الناتج المحلّي، في حال قارب السقف الأعلى في مشروع القانون الجديد، والمتمثّل في 13 مليار دينار، في حين أن الناتج الإجمالي المحلّي نهاية العام المنصرم (2016) كان 12.5 مليار دينار (28 مليار يورو).
وكانت نسبة الدَّين العام من إجمالي الناتج القومي في نهاية العام المنصرم 72%، بعد أن بلغ الدَّين العام 8.8 مليارات دينار (17.04 مليار يورو)، في حين تشير التوقعات إلى وصوله إلى عشرة مليارات دينار (19.8 مليار يورو) بحلول نهاية العام الجاري، ليشكّل ما مجموعه 80% من إجمالي الناتج المحلّي.
كما تجد المملكة الصغيرة صعوبة في الإيفاء بمشاريع تنموية وخدمية عديدة، كالمشاريع الإسكانية التي تقيمها وتبيع وحداتها للمواطنين بقروض طويلة الأجل، حيث تجاوز عدد الطلبات الإسكانية 55 ألف طلب، يقابلها عدد وحدات سكنية يقدر بما لا يزيد عن17 ألف وحدة تعمل وزارة الإسكان على إنشائها في حزم من المشاريع.
وتفرض البحرين على مواطنيها رسوماً وضرائب عديدة جديدة، منذ بدء مشاركتها في التحالف العسكري في اليمن، بالإضافة إلى رفع أسعار البترول وغيرها من السلع الأساسية. وهو ما أثار كثيرا من التهكم والشكاوى.
أعلنت البحرين، خلال المعرض عن توقيع صفقة مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية لشراء 16 مقاتلة أميركية من طراز إف 16 المطورة، بقيمة 3.8 مليارات دولار. وأوضح قائد سلاح الجو الملكي البحريني، اللواء الركن حمد بن عبد الله آل خليفة، أن هذه المقاتلات المتطورة ستساهم بفاعلية في تطوير سلاح الجو الملكي البحريني الذي يضم منظومات حديثة عديدة، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية البحرينية الرسمية. ويأتي ذلك بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، موافقة وزارة الخارجية الأميركية على صفقة بيع أسلحة للبحرين، تزيد قيمتها على 3.8 مليارات دولار. وجاءت هذه الموافقة على الصفقة المحتملة، تزامنا مع إخطارها الكونغرس الذي عطل، في العام الماضي، اتفاقا مشابها بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. حيث قالت وزارة الدفاع إن المبيعات المقترحة تشمل 19 طائرة إف - 16 من إنتاج لوكهيد مارتن، قد تصل قيمتها إلى 2.7 مليار دولار. وأضافت، في بيانين منفصلين، أن هناك مبيعات محتملة أخرى تشمل زورقي دورية مزودين بمدافع رشاشة و221 صاروخا مضادا للدبابات، تنتجها شركة رايثون، علاوة على عمليات تحديث بقيمة 1.8 مليار دولار، لأسطول البحرين الحالي من طائرات إف – 16.
وقد لقيت الصفقة إدانة شديدة من منظمة "أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" التي قالت إن "بيع الحزم العسكرية جاء من دون إلزام الحكومة البحرينية بشروط حقوق الإنسان"، ودعت الكونغرس الأميركي إلى منع البيع.
وكان أكثر من 60 عضواً في مجلس النواب الأميركي قد توجهوا برسالة إلى الرئيس السابق،
وقال السناتور الأميركي بوب كروكر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في يونيو/ حزيران الماضي، إنه سيمنع مبيعات الأسلحة للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها البحرين، حتى تحرز تقدما في حل الخلاف مع قطر. غير أن وزارة الخارجية كانت قد قررت في يوليو/ تموز 2015، رفع حظر بيع السلاح للشؤون الأمنيّة والعسكريّة عن حكومة البحرين، والذي كان قد فُرض في العام 2011 في أعقاب تعامل السلطات البحرينية بعنف مع الاحتجاجات التي انطلقت في فبراير/ شباط ومارس/ آذار من العام نفسه.
تأتي هذه الصفقات مع الولايات المتحدة بشكل خاص، لكون الإدارة الأميركية الحالية حليفا مباشرا لدول الخليج، ومنها البحرين، على خلاف الإدارة السابقة التي كانت تضغط فيما يتعلق بتحسين وضع حقوق الإنسان والحريات وتعديل القوانين، بما يتناسب مع القانون الدولي.
ولا يتناسب سباق البحرين نحو التسلح بهذا الشكل المبالغ فيه مع ميزانيتها ولا دخلها الاقتصادي، فهي لا تنعم بالموارد الطبيعية بغنى كما في الجارتين، العربية السعودية وقطر. كما إنها صغيرة الحجم، وتحتوي على قاعدتين عسكريتين، أميركية وبريطانية. لذا، فإن الحاجة للتسلح بهذا الكم الكبير تثير التساؤل، وتفتح النار على السلطات التي تنفق هذه الأموال الطائلة على شراء الطائرات العسكرية، وعلى المشاركة في حرب اليمن، بدلا من حل المشكلات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
كما تأتي هذه الخطوات لحيازة ترسانة عسكرية قوية، تمثل نوعا من الهرولة وراء ما تقوم به الدول المجاورة، مثل السعودية وقطر والإمارات، وحتى الجارة على الضفة الأخرى إيران، جزءا من استراتيجية شراء السكوت الدولي عن انتهاكات حقوق الإنسان والحروب غير العادلة. علاوة على أنها تفتح الباب أمام تضامن الدول المصدّرة للسلاح في وجه ما يسمونه "الإرهاب" والذي يكون، في أحيان كثيرة، ثورات شعبية، أو مطالب إصلاحية من مواطنين يُتهمون بالعمالة للخارج والإرهاب.
تنويع مصادر الأسلحة
ليست هذه الصفقة الأولى التي تبرمها البحرين مع الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية المصنعة للأسلحة. فهي تحاول تنويع تعاونها العسكري التقني الخارجي، وتوسيعه، ليشمل عددا أكبر من الدول، بغرض تعزيز التعاون مع هذه الدول، وتشتيت الانتباه، فيما يتعلق بالانتهاكات التي ترتكبها السلطات في المملكة الخليجية الصغيرة في مجال حقوق الإنسان.
فخلال المعرض ذاته، كشف قائد الحرس الملكي البحريني، الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، نجل ملك البلاد، أن بلاده تجري مفاوضات مع روسيا، بشأن توريد منظومة الدفاع الصاروخية "إس 400". ويأتي هذا التصريح في أعقاب إعلان روسيا، في يوليو/ تموز الماضي، عن عقدها صفقة مع البحرين، لتوريد صواريخ محمولة مضادة للطائرات، ومنظومات صواريخ مضادة للدبابات إلى المنامة.
وكانت الحكومة الروسية قد كلفت وزارة الدفاع في مايو/ أيار من العام 2016، بعقد اتفاقية تعاون عسكري مع مملكة البحرين. وذلك بعد تجديد روسيا والبحرين اهتمامهما المشترك بتعزيز التعاون العسكري التقني بينهما، في أثناء زيارة ملك البحرين، حمد بن عيسى، إلى روسيا في فبراير/ شباط من العام نفسه. حينها، أعاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى الأذهان أن الطرفين أنشآ لجنةً للتعاون العسكري والفني للعمل معا في هذا المجال.
وتتضمن مسودة اتفاقية التعاون العسكري بين موسكو والمنامة إنشاء قاعدة متينة لهذا التعاون،
تأتي هذه الصفقات مع الدول الغربية في ظل تسابق هذه الدول على الحضور في منطقة الخليج العربي، ومنها الإدارة الأميركية الجديدة، حيث تسعى واشنطن إلى بناء تحالف قوي من أجل محاربة الجماعات المسلحة، كتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأيضاً من أجل تحجيم دور إيران في المنطقة. كما أن البحرين وحدها تستضيف الأسطول الخامس الأميركي وقاعدة بحرية بريطانية، والتي يعتبرها ناشطون ضد التسليح ومع حقوق الإنسان واجهات لاحتلال عسكري، تتحكم خلاله الولايات المتحدة وبريطانيا في مصائر دول الخليج، فيما يتعلق بالأمن والتسليح.
يربط البحرين بفرنسا، هي الأخرى، اتفاق للتعاون العسكري، وإعلان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية لأهداف سلمية، وُقّع في فبراير/ شباط 2009، كما أن هناك مباحثات دائمة بشأن التعاون العسكري بين البلدين، كان آخرها بحث القائد العام لقوة دفاع البحرين، العميد الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، مع مدير شؤون أفريقيا والشرق الأوسط في الإدارة الفرنسية العامة للتسليح، ستيفان بيكن، سبل دعم العلاقات الثنائية. وقد جاء هذا أيضا خلال معرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع 2017.
لا يقتصر التعاون البحريني في المجال العسكري مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، بل يتخطاه إلى تعاون عسكري مع باكستان وماليزيا والأردن ومصر والمغرب، وغيرها. فمثلا دعا اجتماع بين رئيس الحرس الوطني، الفريق الركن الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، ومدير عام جهاز الاستخبارات العسكري الباكستاني المشترك (ISI) الجنرال نويد مختار لرفع مستوى التبادل والتنسيق العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة، بغية الارتقاء بمستوى الخبرات العسكرية والأداء العملياتي والقتالي. وذلك حسب بيان نشرته وكالة الأنباء البحرينية.
كما أكد الجانبان، البحريني والماليزي، خلال زيارة ملك البحرين ماليزيا هذا العام على ضرورة تنمية علاقات التعاون الدفاعي والأمني بين البلدين وتقويتها. وتقرّر تبادل المعلومات والتقييمات الاستخباراتية وأفضل الممارسات. واتفقت ماليزيا والبحرين على مواصلة تعزيز علاقاتهما الدفاعية. ووقع الطرفان مذكرة تفاهم، ترمز إلى هذه الرغبة التي سيعملان من خلالها على مواصلة استكشاف التعاون العسكري. ويشمل الأخير، على سبيل المثال، تدريب الأفراد العسكريين وتبادلهم بين القوات المسلحة الماليزية وقوة دفاع البحرين، وتكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات والاستخبارات بشأن الشبكات الإرهابية، والعمل معاً لتبادل الخبرات بشأن التعامل مع ظاهرة التطرف المتزايدة.
كما وُقعت اتفاقية مشابهة للتعاون المشترك بين القوات المسلحة الأردنية وقوة دفاع البحرين في مارس/ آذار الماضي. حينها أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، الفريق الركن محمود عبدالحليم فريحات، إلى الدور البارز للقوات المسلحة الأردنية في تأسيس قوة دفاع البحرين وتبادل الخبرات العسكرية والفنية والتدريبية معها. وفي العام 2012، وقعت مملكتا البحرين والمغرب اتفاقية تعاون في المجال العسكري، لزيادة أواصر ذلك التعاون، وفتح آفاق أرحب في تبادل الخبرات العسكرية والعلمية المتصلة بها. وذلك حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية البحرينية.
المنتقدون
في السياق ذاته، سخر ناشطون ومغرّدون بحرينيون من خبر الكشف عن آلية عسكرية صممها نجل الملك الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، وتم الإعلان عنها في فعاليات معرض ومؤتمر
وكان نشطاء في حقوق الإنسان قد وجهوا انتقادات إلى المملكة المتحدة، بسبب رعاية شركة كلاريون إيڨنتس البريطانية تنظيم المعرض الدولي للأسلحة في البحرين، فقد عبرت حملة مناهضة تجارة الأسلحة البريطانية عن اعتراضها، في بيان جاء فيه "البريطانيون يرفضون إنفاق الضرائب على ترويج مبيعات الأسلحة للبحرين، وغيرها من الأنظمة التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان". وأضاف البيان أن "تعزيز المملكة المتحدة صادرات الأسلحة (من خلال المعرض) سيُعتبر دعما للنظام (في البحرين)، وفضلا عن سجن وتعذيب نشطاء حقوق الإنسان والناشطين المؤيدين للديمقراطية؛ فإن حكومة البحرين هي جزء من التحالف الذي يقصف اليمن حاليا، وتسبب في تعريض الملايين من اليمنيين لحافة المجاعة وخطر الكوليرا".
وقالت صوفي باغوت، من معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (بيرد)، "مما يدعو إلى القلق الشديد أن تكون الشركات قادرة على الإعلان عن الأسلحة وبيعها إلى البحرين، وهي عضو في التحالف الذي تقوده السعودية، والذي ساعد في تفجير اليمن، وفي خلق أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم. فلن تستخدم هذه الأسلحة ضد المدنيين اليمنيين فقط، بل أيضا ضد مواطني البحرين الذين تم تقليص حرياتهم بشكل كبير على مدى الـ 18 شهرا الماضية".
وتهكم البحرينيون، في مواقع التواصل الاجتماعي، على توقيع حكومتهم صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، في وقتٍ لا تجد حلا لمشكلاتها الاقتصادية، ولا حتى السياسية والحقوقية. فالدَّين العام يتجه إلى مزيد من الارتفاع نحو مستويات غير مسبوقة، وربّما يتجاوز 100% من إجمالي الناتج المحلّي، في حال قارب السقف الأعلى في مشروع القانون الجديد، والمتمثّل في 13 مليار دينار، في حين أن الناتج الإجمالي المحلّي نهاية العام المنصرم (2016) كان 12.5 مليار دينار (28 مليار يورو).
وكانت نسبة الدَّين العام من إجمالي الناتج القومي في نهاية العام المنصرم 72%، بعد أن بلغ الدَّين العام 8.8 مليارات دينار (17.04 مليار يورو)، في حين تشير التوقعات إلى وصوله إلى عشرة مليارات دينار (19.8 مليار يورو) بحلول نهاية العام الجاري، ليشكّل ما مجموعه 80% من إجمالي الناتج المحلّي.
كما تجد المملكة الصغيرة صعوبة في الإيفاء بمشاريع تنموية وخدمية عديدة، كالمشاريع الإسكانية التي تقيمها وتبيع وحداتها للمواطنين بقروض طويلة الأجل، حيث تجاوز عدد الطلبات الإسكانية 55 ألف طلب، يقابلها عدد وحدات سكنية يقدر بما لا يزيد عن17 ألف وحدة تعمل وزارة الإسكان على إنشائها في حزم من المشاريع.
وتفرض البحرين على مواطنيها رسوماً وضرائب عديدة جديدة، منذ بدء مشاركتها في التحالف العسكري في اليمن، بالإضافة إلى رفع أسعار البترول وغيرها من السلع الأساسية. وهو ما أثار كثيرا من التهكم والشكاوى.
دلالات