18 أكتوبر 2024
لبنان... لعبة الشارع والقفز في المجهول
تُعقد يوم الثامن والعشرين من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية، رقم 45، ولا يبدو أن جديداً طرأ على الملف، لناحية تأمين النصاب القانوني لجلسة الانتخاب لاختيار واحدٍ من المرشحين، فالمواقف على حالها، ولم يطرأ عليها أي تطور إيجابي. دحضت كتلة تيار المستقبل الشائعات التي تردّدت في الأيام الماضية عن إمكانية أن يدفع رئيس التيار، سعد الحريري، بنواب كتلته، لينتخبوا الجنرال ميشال عون، وأكّدت، بعد اجتماعها الأسبوعي الثلاثاء الماضي، أنها لا تزال تتمسّك بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بل طلبت، أكثر من ذلك، عندما طالبت حزب الله بتأمين الأصوات لمرشحه عون، إذا كان جادّاً فعلاً بإيصاله إلى الرئاسة، من خلال العمل على إقناع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بانتخابه. وفي مقابل ذلك، أكد حزب الله أنه متمسك بعون مرشحاً وحيداً، وهو ما أعلنه نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة، محمد رعد، ما يجعل عون متمسكاً أيضاً بترشحه، رافضاً التخلي عن هذا الترشح. وبالطبع، بقية الأطراف السياسية والكتل النيابية متمسكة أيضاً بمواقفها، سواء إلى جانب هذا المرشح أو ذاك، إلا أن الجديد في هذا الملف الذي يراوح مكانه منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، هو التهديد باللجوء إلى الشارع الذي بدأ يلوّح به التيار الوطني الحر، والذي سبقه مقاطعة وزراء التيار جلسة الحكومة تحت عنوان الميثاقية، وقد أخذ التيار الوطني الحر يكثر، في الأيام الماضية، من التهديد والتلويح بالنزول إلى الشارع، من أجل الضغط لانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية. فهل يلجأ التيار الوطني الحر فعلاً إلى الشارع؟ ولماذا؟ وهل يقبل معه حلفاؤه بهذا الخيار؟ وإلى أين يمكن أن تمضي الأمور؟
لعبة الشارع في لبنان خطيرة ومكلفة جداً، فالوضع في الجوار اللبناني مشتعل بشكل كبير، ونرى أن معظم الوساطات والاتصالات تفشل في التوصل إلى اتفاقٍ لوقف نار حقيقي، في سورية واليمن والعراق، والصراع يأخذ يوماً بعد آخر بعداً طائفياً أو مذهبياً، وليست الحالة في لبنان على مستوى الاستقرار الأمني على ما يرام، كما تظهر في يوميات اللبنانيين، فالبلد يعيش حالةً من الاحتقان الكبير على المستويات كافة، ويكاد ينفجر في أية لحظة، وحالة الإحباط التي تعيشها شرائح كثيرة من اللبنانيين، قد تجد بعضها في لعبة الشارع متنفساً للخروج إلى ما يمكن أن تظنها حالة أفضل. والتعبئة، للأسف، موجودة وقائمة عند الجميع. وبالتالي، لعبة الشارع
تعني، فيما تعنيه، في واحدةٍ من لحظاتها، انزلاق البلد نحو الفوضى الكاملة والشاملة، خصوصاً إذا ما شعرت مكونات معينة بمزيد من الإحباط، أو بمحاولةٍ للانقلاب على النظام السياسي القائم لفرض معادلاتٍ جديدة، وعليه، فإن ذلك قد يدخل البلد في دوامة المجهول التي قد يملك بعضهم فيها قرار النزول إلى الشارع، لكنه، بكل تأكيد، قد لا يملك قرار الخروج منه، ولا كيفية هذا الخروج، أو كلفته. وعليه، ينبغي أن يفكّر التيار الوطني الحر ملياً قبل الإقدام على هذه الخطوة، حتى لا تشبه، في نتائجها على المسيحيين، ما سمّي يوماً حرب توحيد البندقية.
وأما لماذا يلوّح التيار الوطني الحر بالشارع خياراً قد يلجأ إليه لتحقيق مطالبه، لا سيما في رئاسة الجمهورية؟ فلعلّه يوجّه تهديده إلى من يعتبرهم خصومه في السياسة، حتى تصل رسائله إلى حلفائه. وهنا على وجه التحديد حزب الله؛ والمعروف أن الحزب يريد، في هذه المرحلة، للوضع في لبنان أن يبقى في دائرة المراوحة، لا يريد للحلول أن تسير إلى الأمام، ولا أن ينزلق البلد إلى الفوضى، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في سورية، وحتى لا تفتح عليه جبهة جديدة في الداخل اللبناني، هي بالتأكيد أكثر تأثيراً على بيئته من تورطه بالحرب السورية. لذلك، يحرص الحزب كل الحرص على إبقاء الأوضاع في لبنان تحت السيطرة، وبالتالي، فإنه لا يفضّل أي تحركٍ في الشارع، قد لا تكون عواقبه مضمونةً، وقد رأينا كيف فرّغ الحزب وحلفاؤه، العام الماضي، التحركات التي قادها المجتمع المدني في لبنان، لمواجهة الفساد وسوء الإدارة الحكومي. وعليه، قد تكون إحدى رسائل عون من التلويح بالشارع، أو التهديد به، موجهة إلى حلفائه، بل إلى حزب الله تحديداً، ليضغط عليهم من أجل تأمين أصوات حلفاء الحلفاء (كتلة بري) في معركته الرئاسية. وهنا، كانت لافتة نصيحة نبيه بري إلى عون، حيث حذّره من مغبة لعبة الشارع.
بناء عليه، سيعمل حزب الله على استيعاب هذا الطرح، أو هذا التهديد، بإرضاء الجنرال بشيء ما في مكان آخر، ولن ينجر معه إلى لعبة الشارع التي يلوّح بها، لأنها ستصيبه، أولاً وقبل الجميع، بأضرار كبيرة. وأغلب الظن أن الجنرال سيعود إلى الواقعية في مقاربة هذا الموضوع، وسيجعل من التحرّك رمزياً إذا ما حصل، وفي أماكن محدّدة تكون بمثابة الاحتفاظ بماء الوجه، أو سيقبض ثمن أي تراجعٍ في أماكن أخرى، قد تكون مزيداً من التنازل لصالح وزرائه في الحكومة، وفي الإدارات.
يبقى شيء واحد، هو أن تلويح عون وتهديده كان غالباً ما يتوجه إلى سعد الحريري، لتحديد موقفه من انتخابه (عون) لرئاسة الجمهورية، في حين أن الحريري ليس مسؤولاً عن ذلك، اللهمّ إلا إذا كان يستعجل الرجوع إلى رئاسة الحكومة.
لعبة الشارع في لبنان خطيرة ومكلفة جداً، فالوضع في الجوار اللبناني مشتعل بشكل كبير، ونرى أن معظم الوساطات والاتصالات تفشل في التوصل إلى اتفاقٍ لوقف نار حقيقي، في سورية واليمن والعراق، والصراع يأخذ يوماً بعد آخر بعداً طائفياً أو مذهبياً، وليست الحالة في لبنان على مستوى الاستقرار الأمني على ما يرام، كما تظهر في يوميات اللبنانيين، فالبلد يعيش حالةً من الاحتقان الكبير على المستويات كافة، ويكاد ينفجر في أية لحظة، وحالة الإحباط التي تعيشها شرائح كثيرة من اللبنانيين، قد تجد بعضها في لعبة الشارع متنفساً للخروج إلى ما يمكن أن تظنها حالة أفضل. والتعبئة، للأسف، موجودة وقائمة عند الجميع. وبالتالي، لعبة الشارع
وأما لماذا يلوّح التيار الوطني الحر بالشارع خياراً قد يلجأ إليه لتحقيق مطالبه، لا سيما في رئاسة الجمهورية؟ فلعلّه يوجّه تهديده إلى من يعتبرهم خصومه في السياسة، حتى تصل رسائله إلى حلفائه. وهنا على وجه التحديد حزب الله؛ والمعروف أن الحزب يريد، في هذه المرحلة، للوضع في لبنان أن يبقى في دائرة المراوحة، لا يريد للحلول أن تسير إلى الأمام، ولا أن ينزلق البلد إلى الفوضى، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور في سورية، وحتى لا تفتح عليه جبهة جديدة في الداخل اللبناني، هي بالتأكيد أكثر تأثيراً على بيئته من تورطه بالحرب السورية. لذلك، يحرص الحزب كل الحرص على إبقاء الأوضاع في لبنان تحت السيطرة، وبالتالي، فإنه لا يفضّل أي تحركٍ في الشارع، قد لا تكون عواقبه مضمونةً، وقد رأينا كيف فرّغ الحزب وحلفاؤه، العام الماضي، التحركات التي قادها المجتمع المدني في لبنان، لمواجهة الفساد وسوء الإدارة الحكومي. وعليه، قد تكون إحدى رسائل عون من التلويح بالشارع، أو التهديد به، موجهة إلى حلفائه، بل إلى حزب الله تحديداً، ليضغط عليهم من أجل تأمين أصوات حلفاء الحلفاء (كتلة بري) في معركته الرئاسية. وهنا، كانت لافتة نصيحة نبيه بري إلى عون، حيث حذّره من مغبة لعبة الشارع.
بناء عليه، سيعمل حزب الله على استيعاب هذا الطرح، أو هذا التهديد، بإرضاء الجنرال بشيء ما في مكان آخر، ولن ينجر معه إلى لعبة الشارع التي يلوّح بها، لأنها ستصيبه، أولاً وقبل الجميع، بأضرار كبيرة. وأغلب الظن أن الجنرال سيعود إلى الواقعية في مقاربة هذا الموضوع، وسيجعل من التحرّك رمزياً إذا ما حصل، وفي أماكن محدّدة تكون بمثابة الاحتفاظ بماء الوجه، أو سيقبض ثمن أي تراجعٍ في أماكن أخرى، قد تكون مزيداً من التنازل لصالح وزرائه في الحكومة، وفي الإدارات.
يبقى شيء واحد، هو أن تلويح عون وتهديده كان غالباً ما يتوجه إلى سعد الحريري، لتحديد موقفه من انتخابه (عون) لرئاسة الجمهورية، في حين أن الحريري ليس مسؤولاً عن ذلك، اللهمّ إلا إذا كان يستعجل الرجوع إلى رئاسة الحكومة.