13 نوفمبر 2024
عندما تصبحين في الخامسة والأربعين
غدا أتمّ عامي الخامس والأربعين. يبدو الخبر عادياً للجميع، لكنه ليس كذلك بالنسبة لي؛ فلا زلت أشعر بسعادة الأنثى، لأن شاعرنا محمود درويش خصّ المرأة الأربعينية بالوصف بأنها امرأة بكامل مشمشها، على الرغم من أن هموم اليومي ومشاغله من الحياة الحالية لم تبق على الخوخ أو المشمش في بستان أعمارنا، ولكن بعض المتعة يراودني، خصوصاً حين تطلب مني امرأة تجاوزت الأربعين أن أستمتع بكل يوم من الأربعينية هذه.
ليس سهلاً أن تستيقظي من نومك، وتجدي نفسك قد أصبحت في منتصف الأربعينات، ففي البيت يتعامل معك الجميع على أنك كتاب معارف وخبرات متحرّك، ولا يوجد شيء تجهله في هذه الحياة، حتى أسرار الكون الغامضة، وما يدور في بعض البلاد من أحداثٍ، فأنت عليم بالحكمة منها، وستنشر تحليلاً لها على مائدة الطعام الجاري تحضيرها، فتجد نفسك ملزماً بأن تستزيد من المعرفة باستمرار.
يناديك الجميع في الشارع بلقب جديد، ليس "يا آنسة أو يا مدام" مثلا؛ فشوارعنا العربية تحبّ الحميمية حتى في الشارع، وكأنها الشعرة الأخيرة التي لا تكلفهم شيئاً، فالسائق يناديك باسم يا خالة، وهو يسألك عن وجهتك، والبائع يدعو لك بطول العمر بقوله "يا حاجة"، وعليك ألا تبتئسي.
عند الطبيب تفرحين بأنك لا زلت بخير، فمعلومٌ أن الحواسّ تبدأ بفقدان فعاليتها بعد الأربعين محض كذب؛ فكل شيء على ما يرام، والحديث عن هرموناتٍ تعويضيةٍ لا زال مبكراً، ما دمت تمارسين الرياضة بانتظام، وتختارين الطعام الصحي.
وحين ترفع ابنتك الصغرى حاجبها مؤنبةً، لأنك تختارين قلم أحمر شفاه زاه، وتخبرك بلوم رقيق أنه مخصّص للصبايا مثلها، ولكنك تتذكّرين أنك قرأت في مجلة مختصة بالجمال أن ألوان الحمرة الزاهية تخفّف من وطأة الخطوط الرفيعة التي تشقّ طريقها حول زوايا الفم فتصرّين عليها.
في الخامسة والأربعين، لديّ الشجاعة على مصادقة من هن أكبر سناً من السيدات، لأستمع لخبراتهن مع الأعوام المقبلة، وأرى ما يفعله الزمن على وجوههن لأتحسّب، وأتخذ احتياطاتي، ولكني لم أعد واثقةً بأنهن طبيعيات ممتثلات لسنن الطبيعة، بعد انتشار عمليات الحقن والحشو والشدّ وغيرها. ولكن تكفيني متعة المقارنة بين ما أملكه وما قمن هنّ بإصلاحه.
وسأتبع نصيحة صديقتي التي قالت لي، وهي المهووسة بجمالها وأناقتها منذ صغرها: لم تعد الأربعين هي النهاية، أنظري حولك، فالجميلات في العالم تجاوزن هذه السن بكثير، إنه سن النضج والحكمة والجمال، وكلما أوغلت في التقدم في العمر أصبحت أكثر قدرةً على ابتكار الطرق لإبراز ما بداخلك. وفي كل مرةٍ، تكتشفين كنزاً ثميناً يشدّ الأبصار، ويخطف القلوب، وكأنه سر دفين خرج من باطن الأرض إلى متحفٍ شهير.
والأهم أنني لا زلت أمتلك شغف الكتابة، فأجد أنها ستنقذني حتى النهاية من هاجس العمر. كثر الكتاب والكاتبات ممن أبدعوا وأبدعن في سنٍّ متأخرة، وقدموا أجمل ما لديهم، وبهذا الشغف أمضي نحو عوالم، سأكتشفها مع انقلاب معايير العمر والشباب في هذا الزمن.
وعن الحب والمرأة الأربعينية، أتكلم بفخر وزهو، وليس من فراغ. ولكن، نتيجة لأبحاث استقصائية عديدة، وهي أن الرجال يفضلون المرأة الأربعينية، فمرحى مرحى لصديقاتي الأربعينيات اللواتي لا زلن يحتفظن برجالٍ في حياتهن، أو يبحثن عن رجلٍ مناسب؛ فالفرصة لا زالت مؤاتية والاحتفاط به أصبح ميسوراً، لأن الرجل بطبعه، حسب الأبحاث والدراسات، يفضل المرأة الأربعينية في الحب، لأنها واقعية، وشبعت من الدلال، ولا تطلبه باستمرار، كما أنها لا تطلب المديح المستمر، ولديها القدرة على النقاش الهادئ، وإخفاء مشاعرها، لكي تسير مركب الحياة، فلا رجل بلا هفوات، ولا حياة بلا عثرات، كما أن الأربعينية لا تدمن الشكوى والتذمر مثل الفتاة العشرينية، والتي يبتعد عنها من هم في سنها أو أكبر، ويبحثون عن الوهج الخاص لدى التي تمتلك مفتاحاً سحرياً.
ليس سهلاً أن تستيقظي من نومك، وتجدي نفسك قد أصبحت في منتصف الأربعينات، ففي البيت يتعامل معك الجميع على أنك كتاب معارف وخبرات متحرّك، ولا يوجد شيء تجهله في هذه الحياة، حتى أسرار الكون الغامضة، وما يدور في بعض البلاد من أحداثٍ، فأنت عليم بالحكمة منها، وستنشر تحليلاً لها على مائدة الطعام الجاري تحضيرها، فتجد نفسك ملزماً بأن تستزيد من المعرفة باستمرار.
يناديك الجميع في الشارع بلقب جديد، ليس "يا آنسة أو يا مدام" مثلا؛ فشوارعنا العربية تحبّ الحميمية حتى في الشارع، وكأنها الشعرة الأخيرة التي لا تكلفهم شيئاً، فالسائق يناديك باسم يا خالة، وهو يسألك عن وجهتك، والبائع يدعو لك بطول العمر بقوله "يا حاجة"، وعليك ألا تبتئسي.
عند الطبيب تفرحين بأنك لا زلت بخير، فمعلومٌ أن الحواسّ تبدأ بفقدان فعاليتها بعد الأربعين محض كذب؛ فكل شيء على ما يرام، والحديث عن هرموناتٍ تعويضيةٍ لا زال مبكراً، ما دمت تمارسين الرياضة بانتظام، وتختارين الطعام الصحي.
وحين ترفع ابنتك الصغرى حاجبها مؤنبةً، لأنك تختارين قلم أحمر شفاه زاه، وتخبرك بلوم رقيق أنه مخصّص للصبايا مثلها، ولكنك تتذكّرين أنك قرأت في مجلة مختصة بالجمال أن ألوان الحمرة الزاهية تخفّف من وطأة الخطوط الرفيعة التي تشقّ طريقها حول زوايا الفم فتصرّين عليها.
في الخامسة والأربعين، لديّ الشجاعة على مصادقة من هن أكبر سناً من السيدات، لأستمع لخبراتهن مع الأعوام المقبلة، وأرى ما يفعله الزمن على وجوههن لأتحسّب، وأتخذ احتياطاتي، ولكني لم أعد واثقةً بأنهن طبيعيات ممتثلات لسنن الطبيعة، بعد انتشار عمليات الحقن والحشو والشدّ وغيرها. ولكن تكفيني متعة المقارنة بين ما أملكه وما قمن هنّ بإصلاحه.
وسأتبع نصيحة صديقتي التي قالت لي، وهي المهووسة بجمالها وأناقتها منذ صغرها: لم تعد الأربعين هي النهاية، أنظري حولك، فالجميلات في العالم تجاوزن هذه السن بكثير، إنه سن النضج والحكمة والجمال، وكلما أوغلت في التقدم في العمر أصبحت أكثر قدرةً على ابتكار الطرق لإبراز ما بداخلك. وفي كل مرةٍ، تكتشفين كنزاً ثميناً يشدّ الأبصار، ويخطف القلوب، وكأنه سر دفين خرج من باطن الأرض إلى متحفٍ شهير.
والأهم أنني لا زلت أمتلك شغف الكتابة، فأجد أنها ستنقذني حتى النهاية من هاجس العمر. كثر الكتاب والكاتبات ممن أبدعوا وأبدعن في سنٍّ متأخرة، وقدموا أجمل ما لديهم، وبهذا الشغف أمضي نحو عوالم، سأكتشفها مع انقلاب معايير العمر والشباب في هذا الزمن.
وعن الحب والمرأة الأربعينية، أتكلم بفخر وزهو، وليس من فراغ. ولكن، نتيجة لأبحاث استقصائية عديدة، وهي أن الرجال يفضلون المرأة الأربعينية، فمرحى مرحى لصديقاتي الأربعينيات اللواتي لا زلن يحتفظن برجالٍ في حياتهن، أو يبحثن عن رجلٍ مناسب؛ فالفرصة لا زالت مؤاتية والاحتفاط به أصبح ميسوراً، لأن الرجل بطبعه، حسب الأبحاث والدراسات، يفضل المرأة الأربعينية في الحب، لأنها واقعية، وشبعت من الدلال، ولا تطلبه باستمرار، كما أنها لا تطلب المديح المستمر، ولديها القدرة على النقاش الهادئ، وإخفاء مشاعرها، لكي تسير مركب الحياة، فلا رجل بلا هفوات، ولا حياة بلا عثرات، كما أن الأربعينية لا تدمن الشكوى والتذمر مثل الفتاة العشرينية، والتي يبتعد عنها من هم في سنها أو أكبر، ويبحثون عن الوهج الخاص لدى التي تمتلك مفتاحاً سحرياً.