هل سيكون لكريم يونس دور قيادي؟
عجّت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأربعين يوماً الماضية، بعدٍّ تنازلي لخروج عميد الأسرى الفلسطينيين، كريم يونس، من السجن، بعد مرور أربعين عاماً خلف القضبان. لم تطلق إسرائيل يونس بالطريقة العادية من موقعٍ معروف. قال للتلفزيون الفلسطيني إن شبه عملية عسكرية جرت للتمويه على مكان إطلاق سراحه، حيث جرى، في الأخير، تركه قرب محطة حافلات إسرائيلية، وتعرف أحد العمّال الفلسطينيين عليه فوراً، واتصل بأهله، حيث أوتي به إلى قريته عارة، في المثلث الشمالي، ضمن مناطق الـ 48، وبدأ الاحتفال بحريته هناك.
اتصل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، هاتفياً بعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، كريم يونس، لتهنئته بالحرية، التي كان من المفترض أن تجري ضمن اتفاق تبادل الاعتراف بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، لكنّ إسرائيل تردّدت في ذلك، إلى أن جاء وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وجرى الاتفاق عام 2013 على إطلاق سراح سجناء الثورة الفلسطينية المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، في أربع مراحل. ثم انهار الاتفاق في المرحلة الرابعة، وكان يونس ضمنها، بسبب أنه (كريم يونس) وآخرين في تلك الدفعة من مواطني إسرائيل، وبذلك بقي في سجون الاحتلال.
يونس الآن في حيرة، كيف يتابع النضال الذي ضحّى من أجله غالبية سنوات حياته منذ كان عمره 22 عاماً، حيث حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، بسبب قيامه بعملية مقاومة ضد جندي إسرائيلي. والمعروف عالمياً أن الحكم المؤبد يُترجم عملياً إلى 25 سنة، لكن إسرائيل رفضت السماح له بذلك، ما أدّى إلى بقائه في السجن 40 عاماً.
ومن الواضح أنّ تعامل إسرائيل مع أحد مواطنيها الذي انضم للثورة الفلسطينية يعكس استمرار رفضها وجود حركة وطنية فلسطينية عابرة للحدود، تشمل أبناء فلسطين من الداخل، والذين أتت إسرائيل عليهم، عندما أقامت دولتها عام 1948، فالعضوية في الشعب الفلسطيني ليست مرتبطة بجواز سفر، والعضوية في الحركة الوطنية الفلسطينية عالمية، لا يمكن وأدها مهما حاول الاحتلال ومؤيدوه في العالم.
المستقبل السياسي لكريم يونس مليء بالأشواك، كما هو للشعب الفلسطيني
بعد أن تنتهي فترة الراحة واستقبال المباركات بالحرية، على كريم يونس، كما على قيادة حركة فتح، أن يفكرا في وضعه وعضويته في القيادة الفلسطينية. عندما أجرى التلفزيون الفلسطيني مقابلة معه، قال صراحة إنّ لديه الكثير ليقوله للرئيس عباس والقيادة الفلسطينية، فهل ستتوفر له هذه الفرصة وجهاً لوجه؟
يعتقد بعضهم أنّ من الممكن أن يتسلم يونس ملفّ الأسرى لمتابعة شؤونهم وأحوالهم، وتقديم التوصيات للقيادة الفلسطينية. لكن، هل سيجري ذلك بصورة عملية من قرية في إسرائيل، أم ستكون هناك حاجة إلى أن ينتقل إلى الإقامة في الأراضي الفلسطينية؟ وهل يختار السكن في رام الله أم سيبقى في قريته، ويأتي إلى رام الله لحضور جلسات القيادة؟ وهل ستسمح إسرائيل لكريم يونس بالسفر إلى رام الله؟ تداول بعضهم فكرة أن يقيم كريم يونس في القدس الشرقية، وهي منطقة قانونياً تابعة لدولة إسرائيل بسبب ضمّها. تخيل لو مثلاً قرر كريم يونس أن يسكن في منطقة كفر عقب، وهي خلف الجدار الفاصل، وليس بينها وبين رام الله أي حواجز... هل يستطيع الاحتلال أن يمنع كريم يونس من السكن في مناطق تُعتبر تابعة لدولة إسرائيل؟ قد يصدُر قرار بمنعه من الوصول إلى رام الله، ولكن هل يستطيع المحتل أن يمنع زيارته واللقاء في منزله؟
المستقبل السياسي لكريم يونس مليء بالأشواك، كما هو للشعب الفلسطيني، فهل يستطيع أن يجد طريقه لكي يلعب دوراً في القيادة الفلسطينية؟ قد تكون هذه الأسئلة مبكّرة، فمن الضروري إعطاء الأسير السابق وقتاً كافياً للراحة والاستمتاع بالشمس من دون شبك، والسير على شاطئ البحر من دون وجود حرّاس أمامه وخلفه، وأن يلتقي الأحباء، وبعد ذلك يمكن البحث عن دور لهذا المناضل الذي ضحّى كثيراً من أجل الشعب الفلسطيني.