17 نوفمبر 2024
ماذا تعني الضربة الأميركية؟
فعلت أميركا ما كان متوقعاً منها منذ ست سنوات، بعد جريمة مروّعة ارتُكبت ضد المدنيين في مدينة خان شيخون في أثناء غارة جوية، قتَل فيها طيارٌ بارد القلب أطفالاً من المدينة مع عائلاتهم، وردت الصواريخ الأميركية بأن دمرت مؤونة المطار من السلاح الحربي.
أكّد النظام السوري، مع كفيله الروسي منذ ثلاث سنوات، أن مستودعات الجيش السوري أصبحت خالية من السلاح الكيماوي، وادّعى الطرفان أن هذا السلاح قد دُمِّر نهائياً خلال العملية التي تمت بإشرافٍ دولي، وفق اتفاقية وقِّعت بسرعة، ونفذت بسرعة أيضاً. لكن على عكس ما اعتقد الرئيس الأميركي (السابق) باراك أوباما، عرّاب الحلول السلمية، لم يُجنّب أطفال سورية المصير الخانق الذي يمنع الأكسجين عنهم. وبيّنت الأيام الأخيرة أن النظام الذي دأب على المواربة مارس ما يُحسنه مجدداً، وأنه أخفى ما أخفى من الغازات السامة، ليستعملها عندما تواتيه الريح، من دون أن يلقي بالاً لقانون أو محاسبة.
استمع النظام إلى تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه غير معني بمصير الرئيس السوري، وفهم منها وضوحاً بترك الأسد وشأنه وما يفعل، كما احتفل النظام بعباراتٍ مطابقة من مسؤولين أميركيين بأنهم معنيون، بالدرجة الأولى، بمحاربة الإرهاب، ويقصدون الإرهاب الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الليلة التالية، ألقى النظام قنابله السامة، وكأنه يرغب بتحدّي كل شيء، حتى التصريحات المطمئنة له.
ابتكر نظام الأسد، في عصر القنابل الذكية، سلاحاً فريداً، وهو البراميل العمياء التي تسقط بقوتها الذاتية، ولا توجهها إلا الثقالة. وتستهدف، بنسبة خطأ تتجاوز مئات الأمتار، المستشفيات والمخابز وأماكن التجمع المدني البريئة. وعلى الرغم من ذلك، بقي في مأمن من القصاص، فقرّر تكرار استخدام السلاح الكيماوي، متكئاً على التصريحات الأميركية غير المبالية بوجوده، معتبراً إياها عجزاً، أو تسليماً بالواقع.
ضربات كيميائية من هذا النوع، وفي هذا التوقيت، لم يكن للنظام أن ينفرد بها من دون أن يستشير رعاته في إيران وموسكو، وقد أصبح مرهوناً لتعليماتهما منذ أمد. والمرجح أنه حصل على موافقةٍ ثنائية، وكان توقيت الضربة مهماً، فالأمر بالنسبة إلى قطيع القتلة مجرد رسالة سياسية وعسكرية، ولو قتل عبرها أبرياء كثيرون. أراد الروس إخضاع الحليف الأميركي المفترض للتجربة، وأرادت إيران اختبار النوايا تجاهها، وأراد النظام قتل المزيد. كان القصور السياسي عنوان المغامرة الكيميائية التي أقدم عليها الثلاثي، اعتماداً على القرار العشوائي في الاختبار، وهو التجربة والخطأ، ثم التصحيح حسب النتيجة، والنتيجة كما يبدو سقوط أخلاقي جديد وإعطاء ترامب سبباً ليستخدم عضلات عسكرية، يغطي بها على أدائه الرئاسي المرتبك.
وجد النظام فرصة ليبيع مناصريه جرعةً من الشعور بالأمن والأمان، باستخدامه ضد المناطق المعارضة أقسى أنواع القوة، وأكثرها انحطاطاً، وبإشراف مباشر من رعاته الرسميين، وأراد أن يطلق في الهواء بالوناتٍ لمعرفة اتجاه الريح، ولكنه فوجئ بمن فقعها في وجهه، وترك مناصريه في حيرة ودهشة وخيبة أمل، بعد أن نفذ ترامب ما هدّد به. وعلى الرغم من قلة عدد الصواريخ الأميركية التي أُطلقت، إلا أنها كانت كافيةً لتزلزل أركان قصر الشعب على سفح قاسيون، وتشهر إصبعاً متحديةً في وجه المعربد الروسي الذي كان مندوبُه غاضباً وقلقاً في جلسة مجلس الأمن، فأعطى توجيهاً لمندوبة أميركا بتذكيرها أنها جديدة على كرسي رئاسة المجلس، ويفترض بمنصبها الحياد، ونسي أنه هو نفسه جديد على كرسي تمثيل الاتحاد الروسي، وبالطبع لا يمثل أي حياد.
تعلن، أخيراً، وزارة الدفاع الأميركية أن روسيا كانت على علمٍ مسبقٍ بالضربة، الإعلان بذاته يدلل على تصعيد أميركي قد يطيح حالة الاطمئنان التي يعيشها النظام بدعم حلفائه المطلق والنهائي، الأمر الذي سيقلص العربدة الروسية، ويُفشل الشعور بالأمان الذي أراد النظام نقله إلى جمهوره، ويوحي بأن هناك عواقب وخيمة أكّدتها الضربة الأميركية الأولى التي نفذت في قلب الجزء الذي يعتبره النظام "سوريّاه المفيدة".
أكّد النظام السوري، مع كفيله الروسي منذ ثلاث سنوات، أن مستودعات الجيش السوري أصبحت خالية من السلاح الكيماوي، وادّعى الطرفان أن هذا السلاح قد دُمِّر نهائياً خلال العملية التي تمت بإشرافٍ دولي، وفق اتفاقية وقِّعت بسرعة، ونفذت بسرعة أيضاً. لكن على عكس ما اعتقد الرئيس الأميركي (السابق) باراك أوباما، عرّاب الحلول السلمية، لم يُجنّب أطفال سورية المصير الخانق الذي يمنع الأكسجين عنهم. وبيّنت الأيام الأخيرة أن النظام الذي دأب على المواربة مارس ما يُحسنه مجدداً، وأنه أخفى ما أخفى من الغازات السامة، ليستعملها عندما تواتيه الريح، من دون أن يلقي بالاً لقانون أو محاسبة.
استمع النظام إلى تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه غير معني بمصير الرئيس السوري، وفهم منها وضوحاً بترك الأسد وشأنه وما يفعل، كما احتفل النظام بعباراتٍ مطابقة من مسؤولين أميركيين بأنهم معنيون، بالدرجة الأولى، بمحاربة الإرهاب، ويقصدون الإرهاب الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الليلة التالية، ألقى النظام قنابله السامة، وكأنه يرغب بتحدّي كل شيء، حتى التصريحات المطمئنة له.
ابتكر نظام الأسد، في عصر القنابل الذكية، سلاحاً فريداً، وهو البراميل العمياء التي تسقط بقوتها الذاتية، ولا توجهها إلا الثقالة. وتستهدف، بنسبة خطأ تتجاوز مئات الأمتار، المستشفيات والمخابز وأماكن التجمع المدني البريئة. وعلى الرغم من ذلك، بقي في مأمن من القصاص، فقرّر تكرار استخدام السلاح الكيماوي، متكئاً على التصريحات الأميركية غير المبالية بوجوده، معتبراً إياها عجزاً، أو تسليماً بالواقع.
ضربات كيميائية من هذا النوع، وفي هذا التوقيت، لم يكن للنظام أن ينفرد بها من دون أن يستشير رعاته في إيران وموسكو، وقد أصبح مرهوناً لتعليماتهما منذ أمد. والمرجح أنه حصل على موافقةٍ ثنائية، وكان توقيت الضربة مهماً، فالأمر بالنسبة إلى قطيع القتلة مجرد رسالة سياسية وعسكرية، ولو قتل عبرها أبرياء كثيرون. أراد الروس إخضاع الحليف الأميركي المفترض للتجربة، وأرادت إيران اختبار النوايا تجاهها، وأراد النظام قتل المزيد. كان القصور السياسي عنوان المغامرة الكيميائية التي أقدم عليها الثلاثي، اعتماداً على القرار العشوائي في الاختبار، وهو التجربة والخطأ، ثم التصحيح حسب النتيجة، والنتيجة كما يبدو سقوط أخلاقي جديد وإعطاء ترامب سبباً ليستخدم عضلات عسكرية، يغطي بها على أدائه الرئاسي المرتبك.
وجد النظام فرصة ليبيع مناصريه جرعةً من الشعور بالأمن والأمان، باستخدامه ضد المناطق المعارضة أقسى أنواع القوة، وأكثرها انحطاطاً، وبإشراف مباشر من رعاته الرسميين، وأراد أن يطلق في الهواء بالوناتٍ لمعرفة اتجاه الريح، ولكنه فوجئ بمن فقعها في وجهه، وترك مناصريه في حيرة ودهشة وخيبة أمل، بعد أن نفذ ترامب ما هدّد به. وعلى الرغم من قلة عدد الصواريخ الأميركية التي أُطلقت، إلا أنها كانت كافيةً لتزلزل أركان قصر الشعب على سفح قاسيون، وتشهر إصبعاً متحديةً في وجه المعربد الروسي الذي كان مندوبُه غاضباً وقلقاً في جلسة مجلس الأمن، فأعطى توجيهاً لمندوبة أميركا بتذكيرها أنها جديدة على كرسي رئاسة المجلس، ويفترض بمنصبها الحياد، ونسي أنه هو نفسه جديد على كرسي تمثيل الاتحاد الروسي، وبالطبع لا يمثل أي حياد.
تعلن، أخيراً، وزارة الدفاع الأميركية أن روسيا كانت على علمٍ مسبقٍ بالضربة، الإعلان بذاته يدلل على تصعيد أميركي قد يطيح حالة الاطمئنان التي يعيشها النظام بدعم حلفائه المطلق والنهائي، الأمر الذي سيقلص العربدة الروسية، ويُفشل الشعور بالأمان الذي أراد النظام نقله إلى جمهوره، ويوحي بأن هناك عواقب وخيمة أكّدتها الضربة الأميركية الأولى التي نفذت في قلب الجزء الذي يعتبره النظام "سوريّاه المفيدة".