ذلك البند المعارض للاستيطان في قرار أممي؟
على الرغم من الاهتمام المؤقت لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إبان حرب الـ11 يوماً على غزة، ليس في الأفق أيّ مؤشّر يعكس قناعة أميركية بالعمل المستمر لحلّ القضية الفلسطينية. وعلى الرغم من وجود حزب ميرتس اليساري والحركة الإسلامية في الائتلاف الحكومي الاسرائيلي، فإنّه هنا أيضاً لا مؤشر إسرائيلياً برغبة واستعداد لحلّ القضية الفلسطينية.
يبقى أنّ الممكن في الوقت الحالي هو إدارة الأزمة التي خلفها الاحتلال يومياً، بدلاً من التفكير في حلها. وفي هذا المجال لا بد من أن يتم العمل والتركيز على موضوع واحد؛ الاستيطان. وطبعاً، قد يتطلب إيجاد علاج لموضوع الاستيطان الشروط والجهود والصعوبات نفسها التي يتطلبها إنهاء الاحتلال، خصوصاً عندما نأخذ بالاعتبار أنّ 30% من وزراء حكومة نفتالي بينت هم من المستوطنين، وأنّ بينت نفسه يميني متطرّف في موضوع الاستيطان، وقد شغل رئاسة اتحاد المستوطنين في إحدى الفترات.
لم يطالب القرار 2334 بحلّ المستوطنات، لكنّه ركز على مبدأ الوقف الفوري لكلّ الأعمال الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 67
لكن، على الرغم من كلّ هذه الصعوبات، يمكن التركيز على الاستيطان من خلال التمسّك بالقوانين الدولية الملزمة والصادرة عن مجلس الأمن، وجديدها القرار 2334، والذي تم إقراره فى الأيام الأخيرة لإدارة أوباما – بايدن، ولم تعترض عليه مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن. ولافتٌ أنّ هذا القرار يشمل كلّ ما يقوله ويدّعيه ممثلو المجتمع الدولي، وحتى الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، لجهة ضرورة وقف الاستيطان، وأنّه غير شرعي وعقبة أمام السلام، وضرورة الإسراع بـمفاوضات لإنهاء الاحتلال على أساس حلّ الدولتين.
لم يطالب القرار بحلّ المستوطنات، لكنّه ركز على مبدأ الوقف الفوري لكلّ الأعمال الاستيطانية في الأراضي المحتلة عام 67، ويضيف، بما في ذلك القدس، أي أنّ القرار ساري المفعول، يدين محاولة إسرائيل الاستيطان في حيّ الشيخ جرّاح في القدس المحتلة، وهو الأمر الذي كان شرارة موجة العنف أخيراً.
وقد التزمت إدارة بايدن، منذ اليوم الأول لتسلّمها الحكم، بأن تحترم حقوق الإنسان في العالم، وأن تكون أداة عملها هي الشرعية الدولية، ممثلة بالأمم المتحدة ومؤسساتها، وأكيد أنّ مجلس الأمن من هذه المؤسسات، وأنّ قراراته ملزمة لأعضاء الهيئة الأممية جميعاً. ويقول قرار 2334 في بنده الخامس: "يؤكّد أنّ على جميع الدول عدم تقديم أيّ مساعدة لإسرائيل تستخدم خصيصاً في النشاطات الاستيطانية". وعلى الرغم من أنّ القرار لا يستند للبند السابع الذي يحدّد عقوباتٍ على من يخالفه، فإنّ من الممكن، بل من الضروري، إطلاق حملة دولية مطالبة دول العالم كافّة، بما فيها الولايات المتحدة، باحترام البند الخامس هذا من قرار مجلس الأمن. وقد يشمل ذلك بنوكاً وشركات نقل وجرّافات وغيرها من الأمور المتعلقة بصورة مباشرة بالاستمرار في الاستيطان.
يمكن لحملة معارضة الاستيطان وكل ما يدعمه أن تلاقي دعماً من التيار التقدّمي في الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة
لقد بيّنت الأحداث، أخيراً، أنّ هناك شغفاً عالمياً، خصوصاً في جيل الشباب، بدعم القضية الفلسطينية، كونها عادلة ومن مخلفات الفترة الاستعمارية العالمية التي تم القضاء عليها في كلّ الدول، في حين يستمر الاستيطان الاستعماري، وكأننا في عصر ما قبل القضاء على الاستعمار بأشكاله كافة. كما يمكن لحملة معارضة الاستيطان وكل ما يدعمه أن تلاقي دعماً من التيار التقدّمي في الحزب الديمقراطي (الحاكم) في الولايات المتحدة، ومن النشطاء الأميركيين من أصول أفريقية.
وسيكون لفكرة التركيز على قرار مجلس الأمن صدى يوم 24 يونيو/ حزيران الحالي، إذ من المتوقع مناقشة القرار المذكور بحسب البند الأخير منه، والذي طالب بمناقشة دورية للقرار لغاية الاطلاع على تنفيذه. هل سنسمع من أعضاء مجلس الأمن الـ15 كيف يتعاملون مع البند الخامس من القرار 2334؟