انتهى "سحر" برامج المواهب وجاء زمن "البهدلة"

12 مارس 2015
أحد أبرز نجوم المواهب في السنوات الـ15 الأخيرة(العربي الجديد)
+ الخط -
 
انتهى "سحر" برامج المواهب العربية. ذلك السحر الذي خرّج ماجدة الرومي من استوديو الفنّ في لبنان عام 1974 على أبواب الحروب الأهلية اللبنانية، وراغب علامة عام 1988 في عزّ حروب لبنان، و"استديو الفنّ" الذي خرّج إليسا ووائل كفوري وكذلك ديانا حدّاد بعد انتهاء الحرب اللبنانية عام 1992 وفارس كرم عام 1996.
انتهى سحر "اكتشاف" المواهب فعلاً، وليس "صناعتها" و"اصطناعها"، كما يفعل برنامج "ستار أكاديمي"، والذي وصل إلى موسمه الـ 11، في رقم قياسي لبرنامج مواهب عربي، وهو أقرب إلى أكاديمية تدريب منه إلى برنامج "اكتشاف" مواهب. أكاديمية تصقل بعض مواهب المشتركين، الصوتية وغير الصوتية، مثل الطلّة والقدرة على الفوز بقلوب المشاهدين على المسرح وتناسق الأجساد وغيرها.

في الجيل الجديد من تلك البرامج، والذي بدأ عام 2003 مع برنامج "سوبر ستار" المنقول عن "Pop Idol" العالمي، كانت الأمور تسير على "السحر" نفسه تقريباً. ملايين، وربما عشرات الملايين، حول العالم العربي، يشاهدون البرنامج، ويتابعونه بشكل جديّ، إلى أن فازت ديانا كرزون التي اعتبرتها الصحافة اللبنانية والعربية يومها "غير جديرة" بالفوز. وأنّ اللقب كان يجب أن يكون من نصيب رويدا عيطة أو ملحم زين.

من تلك اللحظة بدأ العطب يتسلّل إلى مصداقية تلك البرامج وقدرتها على اكتساب احترام الجمهور ومتابعته لها من دون تشكيك. رغم ذلك بقي "سحر البدايات" موجوداً إلى حدّ ما. كما في الحلقات الأولى من "سوبر ستار" 2003، حين شهد العالم العربي ولادة نجم اسمه ملحم زين، بصوته القويّ وثيابه الرثة في يومه الأوّل، و"شبوبيته" الخجولة التي أين منها اليوم ثقة المتقدّمين إلى برامج المواهب وثيابهم وماكياجهم حتّى لتحسبهم أنهوا مسيرتهم الفنية ولا يطلبون إلا توقيع لجنة التحكيم.

لكن بدلاً من "اللجنة" التي كانت تضمّ أبرز وجوه "النخبة" الفنية والأدبية في "استوديو الفنّ"، صار هناك ثلاثة أو أربعة وجوه من النخبة الشابة التي "توجّه" الجمهور في اختياره.
الجمهور بات له "الكلمة الفصل" في معظم البرامج، من خلال التصويت على الإنترنت وعلى الهواتف، يقرّر من هو "النجم" ومن "يخرج" من المسابقات. وبالتصويت فازت ديانا كرزون على ملحم زين ورويدا عطية، وكاد يومها محبّو ملحم أن يهاجموا استوديو التصوير شرق بيروت.



بعدها تكاثرت برامج اكتشاف المواهب مثل الفطر. كلّ شهر نشهد بثّ موسم جديد من برنامج مواهب ما، معظمها على قنوات mbc. من "إكس فاكتور" إلى "آراب غوت تالنت" و"آراب آيدول" و"ذا فويس". وهناك "ستار أكاديمي" على cbc وLBCI و"ستار مايكر" على LBCI. وقبل سنوات كان هناك "صوت الحياة" على تلفزيون "الحياة" وغيرها الكثير.

اليوم إذا سألنا المواطنين في أيّ شارع عربي عن أسماء برامج المواهب التي يتذكّرونها فقد لا يعرفون نصفها، فكيف إذا سألناهم عن أسماء المشتركين أو الفائزين؟


باتت برامج المواهب "دكاكين" تجمع المشاهدين حول التلفزيونات لتبيعهم إلى شركات الإعلانات، وتربح من تصويتهم ملايين الدولارات، على الإنترنت وعلى الهواتف الخلوية.

في الوقت نفسه باتت كثرتها مؤذية للمواهب الحقيقية التي تضيع بين البرامج وبين التصويت وبين اللجان وصراعات أعضائها بين بعضهم البعض ومع الصحافيين. وآخرها صراع أحلام وراغب علامة في "آراب آيدول"، وبين اللجان والصحافيين والمشاهدين وأطراف كثيرة بعضها يهاجم برنامجاً دون آخر، لأسباب شخصية ومالية وكيدية وإعلانية.

تراجعت برامج المواهب، على المستوى الفني تحديداً. كما لو أنّ المواهب "نفدت". قد تكون بعض البرامج مستمرّة لأنّها تربح مالياً، لكن بالطبع المكاسب الفنية باتت قليلة، إن لم تكن معدومة في بعضها.

بدلاً من "السحر" بات هناك "البهدلة". ربّما في السنوات العشر الأخيرة لا نتذكّر من هذه البرامج غير اسم محمد عسّاف، الفلسطيني ذي الصوت الجميل والحضور الرومانسي والقدرة على استمالة الجماهير.

انتهى السحر. انكشف تقريباً. وبات الساحر على المسرح مفضوحاً. وقريباً لن يهتمّ أحد بالمشاهدة.

المساهمون