المعكروم بالكشك

04 نوفمبر 2015
تُعرف الأكلة بالمعكروم بالكشك وليس المعكرون (Getty)
+ الخط -
يعتبر تاريخ المكرونة التفصيلي غامضاً، متى ظهرت؟ وفي أي البلاد؟ أسئلة تتعدد إجاباتها على الرغم من كون المتحف الإيطالي يحتفظ بآلة صنع الباستا على أساس أن المكرونة هي أكلة إيطالية بامتياز، حيث إنها انتشرت من إيطاليا إلى العالم. إلا أن حقائق تاريخية أخرى قد ظهرت أدت إلى تكذيب هذا الاعتقاد تماماً، فالمكرونة هي اختراع إسلامي بحت، وقد نقله الفاتحون الإسلاميون إلى جزيرة "سيشل" في القرن التاسع الميلادي. وعند حلول فصل الشتاء من كل عام، يعود أهل بلدة "برجا" في قضاء الشوف الواقع بين صيدا وبيروت في لبنان، إلى إعداد أكلة شعبية خاصة بهم، أكلة تتجه إلى الانقراض بحسب توصيفهم. وتظهر في هذه الأكلة الطريقة البدائية لصنع المكرونة، ويطلق على هذه الأكلة اسم "المعكروم بالكشك".
الشيخ جمال بشاشة، إمام وخطيب جامع برجا الكبير، وهو أيضاً إعلامي بدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، حيث تخرج من كلية اللغة العربية من الأزهر الشريف، أنشأ موقعاً خاصاً ببلدة برجا على الإنترنت وأصبح مسؤولاً عنه وينشر فيه كل ما يخص أهل البلدة، إضافة إلى تاريخها. هو يتابع تفاصيله، وما إن حل الشتاء حتى نشر فيه صوراً عدة لهذه الأكلة الشعبية التي يحبها أهل برجا وما زالت عالقة في أرواح من رحلوا عن البلدة حتى.
يقول الشيخ جمال بشاشة، إن الشرق العربي لا يعرف هذه الأكلة التي تتكون من المكرونة المصنوعة يدوياً والكشك وزيت الزيتون وإضافات أخرى ويشرح لـ"العربي الجديد" طريقة تحضيرها:
يتم إعداد العجينة أولاً وتتكون من الدقيق والماء والملح، ولكن دون خميرة. تعجن ويتم تقطيعها باليد إلى أصابع قصيرة ثم تغلى في الماء وبعد نضجها تسكب في صينية واسعة وبعد ذلك يضاف الكشك إلى ماء سلق المكرونة وهو الكشك البلدي حصراً، ويضاف إليه الثوم والنعنع، ثم يُضاف للمعكرونة السابقة ويزين بزيت الزيتون البلدي، حيث يرش على وجهه، وتعرف الأكلة بالمعكروم بالكشك وليس المعكرون.
ويكاد يجزم أهالي برجا أن الأكلة بقيت خاصة بالبلدة، حيث لم يتم تداول أو نشر وصفتها، إلا أن بعضهم يؤكد أنها تسربت إلى منطقة سريانية في سورية عن طريق الباعة الجائلين، ولكن القرية احتفظت بسر المهنة طويلاً، خصوصاً الأطباق المصنوعة من القش والتي ترص فوقها أصابع العجين، لكي تأخذ شكلها ثم تقطع. وتم تطوير أطباق القش واستُبدلت بالمصافي المخرّمة لإضفاء جمالية على الشكل والتقديم.
ويفضل أهل برجا تناولها ساخنة بمجرد نضجها، حيث تلتف العائلة حولها استعداداً لتذوقها، إلا أن بعضهم يفضل تناولها باردة في اليوم التالي، وذلك لوجود الكشك في مكوناتها، وهو من المكونات التي لا يتطلب الحصول عليها شتاءً الخروج من المنزل.

اقرأ أيضاً: "طشّة" الملوخية: أصل الحكاية


دلالات
المساهمون