"المملكة": قناة أردنية تواجه انتقادات قبل انطلاقها

09 نوفمبر 2017
تحظى القناة باهتمام ملكي (برندان سميالوسكي/Getty)
+ الخط -
مع قرب انطلاق بثّ تلفزيون الخدمة العامة في الأردن، "المملكة"، والمتوقع توقيته في الثلث الأول من العام المقبل، تُثار تساؤلات حول جدوى الخطوة، وتأثيرها على المشهد الإعلامي. وبينما تتزايد الانتقادات للقناة المحاطة باهتمام ملكي، يبقى سؤال الاستقلالية الأكثر إلحاحاً. 
قناة "المملكة"، الممولة من موازنة الدولة، وأنشئت استناداً إلى نظام "محطة الإعلام العامة المستقلة" الصادر عن مجلس الوزراء في يونيو/ حزيران 2015، تحاكي من حيث الفكرة مؤسسات الخدمة الإعلامية في أميركا، و"بي بي سي" البريطانية، و"دويتشه فيله" الألمانية، بكل ما تحمله تلك من استقلالية وتمثيل لمكونات المجتمع.

الرهان على ترجمة الفكرة/ النموذج واقعاً عملياً عند الانطلاق يحاط بتشاؤم حتى في صفوف المتحمسين للقناة التي تأتي ولادتها في وقت تسجل فيه الحريات الصحافية تراجعاً حاداً، فيما يرجح أكثر المتفائلين أن تختطّ "المملكة" سياسة تلامس حدود الاستقلاليّة، من دون أن تخرق ما يصطلح عليه في الأردن "الخطوط الحمراء"، وهي خطوط تختلف حسب اختلاف المرجعيات.

وفي مؤشر إلى الاستقلالية، ووفقاً لنظام "محطة الإعلام العامة المستقلة"، يصدر قرار تعيين مجلس إدارة القناة بإرادة ملكية، خلافاً للمعمول به بالتلفزيون الرسمي الذي يعيّن مجلس إدارته بقرار من مجلس الوزراء، وهو ما استند إليه رئيس مجلس الإدارة، فهد الخيطان، عندما أعلن أن "المحطة المرتقبة مستقلة تماماً عن الحكومة"، شارحاً "الاستقلالية تبنى بالممارسة، ولا يعني ذلك أن المحطة ستخرج عن الإطار العام لسياسات الدولة، لكن داخل الإطار يمكن أن تُسمع كل الأصوات والأطياف".

غير أن الحكم على المنتَج يبدو مبكراً قبل أن يصبح متاحاً للجمهور، صاحب القول النهائي، والذي قادته وِفرة الخيارات المتاحة للابتعاد عن الإعلام الرسمي بعد أن تحول من إعلام دولة إلى إعلام حكومة.

عند الإعلان عن الفكرة، وحتى بعد أن أصدرت رئاسة الوزراء النظام، روّج على نطاق واسع استحالة أن ترى "المملكة" النور في استحضار لتجارب سابقة جرى إحباطها، وبعد أن توسعت القناة أخيراً بتعيين الكوادر، راح النقد يأخذ أشكالاً جديدة.

أكثر الانتقادات تنصبّ حول جدوى إنفاق ملايين الدنانير من موازنة الدولة (أموال دافعي الضرائب) على تلفزيون جديد، فيما التلفزيون الرسمي الممول كذلك من أموال دفعي الضرائب بأمسّ الحاجة لرفده بالمال والخبرات المؤهلة والتكنولوجيا الحديثة ليخرج من حالة التردي التي يعيشها، والتي أدى نقصها إلى خروجه من سباق المنافسة أمام تلفزيونات خاصة حديثة العهد.
وفيما ساهمت التعيينات في القناة، بتحريك سوق الإعلام الراكد، من خلال خلق فرص للعديد من الخريجين، وكذلك العاملين الباحثين عن فرصة أفضل، ثار العاملون في التلفزيون الرسمي للمطالبة بمساواتهم بالعاملين في "المملكة" من حيث الرواتب، وإن كانوا قد خسروا مطالبتهم فإنهم فتحوا باباً جديداً للانتقادات.

مخاوف العاملين بالتلفزيون الرسمي من أن يجدوا أنفسهم أمام قناة بديلة أو منافسة، يأخذها القائمون على "المملكة" على محمل الجد. وصرح الخيطان مراراً "ليس هناك مبتدئ يعتقد أن تنافس القناة الجديدة التلفزيون الرسمي بخبرته الطويلة".

وكذلك يفعل وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، محمد المومني، الذي يؤكد في كل المناسبات أن "القناة الجديدة لن تؤثر على عمل التلفزيون الرسمي بأي شكل ولن تلغى أية وظيفة فيه"، بل يبشر بأن يساهم انطلاق "المملكة" في إثراء التنوع في التلفزيون الرسمي.
وسط فائض من الانتقادات والشكوك، يجري وضع اللمسات شبه الأخيرة لانطلاقة "المملكة" والتي يعول عليها كثيراً في خلق مناخ يسهم في تطوير قطاع الإعلام في الأردن، وهو أمر يصعب تحقيقه دون أن تنتزع الاستقلالية التي خسرتها مؤسسات إعلامية، وخسرت معها الجمهور والقدرة على التأثير.

تنطلق "المملكة" في وقت يعاني المشهد الإعلامي الأردني من أزمة مركبة، تتصل بواقع المهنة ومستوى الحريات، حيث طاولت الأزمات الاقتصادية العديد من المؤسسات، وأدت إلى إغلاق بعضها، وسط تقديرات بإغلاق أخرى، فيما تحافظ الحريات الإعلامية على ثباتها نحو التراجع، ما يجعل مستقبل القناة الجديدة مفتوحاً على احتمالات كثيرة.


المساهمون