مارتن بيسون وميديا المسحوقين في فرنسا

22 يوليو 2016
مارتان بيسون (سيمون لام/فيسبوك)
+ الخط -
لا يعرف كثيرون في فرنسا من هو مارتن بيسون، وقد يكون اسمه تبادر صدفة إلى مسامع "من هم في خطر" أو الذين أطلق عليهم أنطوان ديكليتي في "لوفيغارو" منذ أيام "المسحوقين". فالشاب الذي يبلغ من العمر 21 سنة استطاع في ظرف عامين ونصف من إطلاق شبكة إعلامية وموقع خاص سمّاه "Sans A" أي "بلا ملجأ" وهو يعنى بشكل رئيسي في إسماع الطبقة السياسية والعامة في فرنسا صوت الأشخاص الذين يعانون من الفقر والبطالة وفقدانهم للمسكن. 
في الحوار الذي أجرته معه "لو فيغارو"، يقول بيسون "إنّ مساهمات الأشخاص عبر موقع تمويل جماعي أوروبي (Ulule) للشبكة التي أسّسها بلغت حوالي 35 ألف يورو في بضعة أشهر". ويضيف "بعد امتحانات الباكالوريا تملّكني فضول كبير لأعرف كيف يقضي الشريدون نهاراتهم. وطرحت على نفسي أسئلة من نوع: ماذا يأكلون يوميا؟ كيف يعيشون بلا دخل وبلا مسكن وبلا حب وبلا مستقبل واضح؟! من هنا ولد مشروعي في تأسيس ميديا تشاركية كانت بمثابة فضاء مفتوح لهؤلاء الأشخاص تنقل معاناتهم وتحثّ الدولة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية على التطلّع إلى أحوالهم".
ينقل بوسون تجربته في التماثل والتماهي مع الأشخاص الذي يعيشون في شوارع فرنسا، في محطات المترو، في الحدائق العامة "اتخذت قرارا في البقاء أسبوعا كاملا من دون مأوى، في الشارع أحاول مقاومة الظروف المناخية ونظرات المارة الغريبة وأشياء أخرى. تخيّل لم أستطع أن أكمل نهاراً واحداً". في طريق عودته ليلا إلى منزله صادف أحد هؤلاء "المسحوقين" الذي قال له "ينظر إليّ المارة بشكل سيئ، لأنهم لا يعرفون قصتي". بقيت هذه الجملة عالقة في ذهن الشاب اليافع لأيام قبل أن يقرر نقل قصص هؤلاء عبر الموقع الذي اختار له اسم Sans A والـA هنا تحمل الحرف الأول من كلمات "حب" (Amour) و"مستقبل" (Avenir) و"انتباه" (Attention) و"مال" (Argent).
سنتان على انطلاق الميديا التي تحمل شعار "جعل من لا نراهم مرئيين"، وفريق العمل الذي بدأ نواة صغيرة أصبح يضمّ 20 صحافيا ومصوّرا وحوالي 60 مراسلا موزّعين على معظم مراكز الأقضية الفرنسية، لا سيّما في المدن الكبرى. حتى اللحظة كل العاملين هم من المتطوعين الذين اختاروا المساهمة في "فعل الخير" كما يقول بيسون.
برفقة بينوا رفاييل يحاول بيسون الانتقال إلى مرحلة جديدة بعد أن حقق الهدف الأول وهو تحصيل مبلغ 35 ألف يورو في مدة زمنية لا تتعدى الشهرين. المبلغ سيتوزّع بين الإدارة والإنتاج والدعم اللوجيستي لفريق العمل، وقد يبدأ جديا بيسون التفكير في إنشاء مكاتب للموقع وصرف رواتب شهرية للعاملين.
وتقول ليا، إحدى الصحافيات اللواتي بدأن العمل منذ اليوم الأول "أقضي بين 10 و15 ساعة في الأسبوع في متابعة قضايا أشخاص شباب يعانون من البطالة أو عجزة يعانون من أمراض مزمنة في ظل غياب معيل لهم، ثم ننقلها على الموقع مع مقطع مصوّر. أنا سعيدة جدا لأننا نؤسس اليوم لميديا "ذات أثر" لا تجتر أخبار وكالة فرانس برس، بل تصنع الحدث في فضاءات اجتماعية لا يملك أصحابها المال والحب والمسكن، لكنّهم يحملون قصصًا مؤلمة".


دلالات
المساهمون