فرنسا: الإعلام المستقلّ في خطر

17 يناير 2016
مشاكل مالية وقضائية تلاحق الصحف (Getty)
+ الخط -
واجهت وسائل إعلامية فرنسية عدة خلال الأشهر القليلة الماضية مشاكل مالية وقضائية، ومن أبرز تلك المنابر موقع "ميديا بارت" ومجلة "بوليتيس".

وكان موقع "ميديا بارت" قد استطاع خلال سنوات قليلة تحقيق استقلالية مادية، بفضل اشتراكات وصلت إلى 115 ألف شخص، ليتوسع الموقع عبر إصدار مجلة فصلية تحمل عنوان "Le Crieur" وعبر تفعيل برامج مباشرة وتفاعلية أسبوعية، إلا أن قسم الضرائب في وزارة المالية كان له رأي آخر، حيث طالب الموقع بتسديد مبلغ 4,1 ملايين يورو.

وأطلقت إدارة الموقع حملة تبرعات في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول بين قرّاء الموقع استطاعت جمع مبلغ 2,5 مليون يورو تم تسليمها لقسم الضرائب. واعترف القائمون على الموقع أن "هذه الضربة التي جاءت من قسم الضرائب ساهمت في عرقلة تشييد رأسمال استقلاليته، كما أنها كبحت بعض طموحاته التحريرية".

ومنذ تأسيسه في شهر مارس/آذار 2008، شدد موقع "ميديا بارت" على ضرورة تأدية الموقع دوراً يوازي الصحافة الإخبارية المكتوبة وبالتالي على الضريبة على القيمة المضافة ألا تتجاوز 2,1 في المائة. وكان لدوائر الضرائب رأيٌ آخر، وهو أن الأمر لا ينطبق على الصحافة الرقمية، وبالتالي الموقع ملزم بدفع 19,6 في المائة.

وعلى الرغم من أن قانون يناير/كانون الثاني 2014، الذي خاضت من أجله "ميديا بارت" معارك مع الوزراء والإدارات باسم مبدأ واحد وبسيط وهو "حيادية الدعامات"، يُطبّق اليوم على الموقع الذي يدفع 2,1 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة، إلا أن إدارة الضرائب تطالب الموقع بتسديد ما لم يتم دفع المتأخرات بين سنتي 2008 و2013.

ومن جهة أخرى، تعاني مجلة بوليتيس الأسبوعية، التي تملك موقعا إلكترونيا، من متاعب مالية تهدد وجودها. ومن أجل تدارك إفلاسها، قامت المجلة، في بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بتدشين حملة لطلب الدعم من قرائها والمتعاطفين معها، وقد حملت عنوان: "بوليتيس، قف أو استمر؟".

ويبدو الرهان واضحاً: ضمان استمرارية المجلة ورقياً ورقمياً، وإلا فإن التضحية بالرقمي واردة. وهو ما يعني، بحسب إدارة المجلة: "العودة إلى الانطواء والهامشية. لأن جذب قراء جدد هو في، الآن نفسه، حاجة اقتصادية وضرورة سياسية وثقافية".

وتستعين المجلة في أعدادها بشخصيات من المجال السياسي والفكري والثقافي، تدافع عن الصحافة المستقلة والرأي المختلف والمتعدد.

وفي عدد يوم الخميس 14 يناير/ كانون الثاني، استضافت صفحتها لبيير خالفا، رئيس مؤسسة كوبرنيكوس، الذي أشار إلى هشاشة المجلة وكتب: "هشاشتنا نحن جميعا، أي هشاشة مشروع تحوّل اجتماعي وأيديولوجي، حامل لقيم المساواة والتضامن والعدالة، والذي يعارض الرأسمالية والبطركية... وإن دعم بوليتيس هو دعم لأنفسنا".

أما الضيف الثاني فكان النائب الاشتراكي "المتمرد"، بوريا أميرشاهي، والمعروف بمواقفه المبدئية في الدفاع عن كل القضايا العادلة، في الداخل الفرنسي وفي الخارج. وقد كتب أميرشاهي في الصحيفة: "لا أمل من دون صحافة حرة". وأضاف: "بوليتيس ضوءٌ في نفق المحافظين الجدد الذي يُحيط بنا. ولا أمل في هذه المعركة الثقافية التي تنفتح، الآن، من دون صحافة مستقلة وملتزمة ومتجهة نحو الأفكار والتجارب المحسوسة: أفكار الإيكولوجيا والديمقراطية ونحو فكرة ما عن الاشتراكية".

اقرأ أيضاً: إمام مزيف على القناة الفرنسية الثالثة
المساهمون