تكشف وثائق حصل عليها "العربي الجديد" من الأرشيف الوطني البريطاني، عن تفاصيل ملف المحادثات السرّية بين الحكومة السورية ودولة الاحتلال بين عامي 1995 و1997 من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين بوساطة أميركية، كما تسلط الضوء على طبيعة خلافات وتعهدات الطرفين ومدى جدية الطرف الإسرائيلي في الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى كيف حاولت دمشق استخدام سيطرتها على لبنان من أجل استعادة مرتفعات الجولان في ظل تخوّف سوري من اقتراح بانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من جنوب لبنان على اعتبار أن الدولتين "حلبة واحدة وأنّ لبنان ورقة قوية في يد سورية"، كما لمّح فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك، مهدّدا بأنّ دمشق لا تضمن النتائج في حال الانسحاب الإسرائيلي بهذا الشكل من جنوب لبنان.
اختبار نوايا نتنياهو
يؤكد فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك أن دمشق تعتبر تفاهمات عام 1994 (تعهد إسرائيل بالانسحاب من الجولان بموجب خط الرابع من حزيران عام 1967)، التي تم التوصل إليها مع الإسرائيليين بمثابة اتفاق بين الجانبين بحسب ما جاء في وثيقة رقم 17323 والمعنونة بـ دمشق 271758Z، في شأن موضوع غداء عمل لوزير الخارجية البريطاني مع وزير الخارجية السوري في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1996.
وأشار الشرع إلى أن وزير الخارجية البريطاني (دوغلاس هيرد آنذاك) كان أول من علم بعد الأميركيين بالاتفاقات السرّية التي تم التوصل إليها برعاية الولايات المتحدة في عام 1994 بين إسرائيل وسورية. وبموجب هذه الاتفاقات، تعهدت إسرائيل بالانسحاب من الجولان إلى خط الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، ويزيل هذا التفاهم العقبة الرئيسية أمام التقدم على المسارين السوري واللبناني. بالإضافة إلى ذلك، أتاح الأمر التوصل إلى اتفاق بشأن المبادئ التوجيهية التي سيتبعها الجانبان بشأن الترتيبات الأمنية (وهي الاحتياجات المائية والسلام وتبادل العلاقات الدبلوماسية الكاملة والتجارة والسياحة).
اتّهم الشرع الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير أحداث إقليمية لاستهداف سورية
وردّ وزير الخارجية البريطاني بأن "الأرض مقابل السلام" يجب أن يكون المبدأ الذي تقوم عليه المفاوضات، وأنهم يحاولون تقييم إلى أي مدى كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استعداد للتفاوض مع سورية مع العلم بأن النتيجة النهائية يجب أن تكون عودة الجولان إلى سورية، مشيرا إلى بعض التلميحات، إذ قال نتنياهو إنه مستعد للدخول في مفاوضات على أساس قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 242 و338 وأن البعض قد يفسر ذلك على أنه يعني الأرض مقابل السلام، وتابع وزير الخارجية البريطاني أنّه يجب علينا أن نختبر نوايا نتنياهو، وأنه يقدّر أنّ السوريين لا يريدون أن تصب المحادثات فقط في مصلحتهم.
ولفت الشرع إلى أن نتنياهو كانت لديه بالفعل وسيلة لحفظ ماء الوجه في متناول يده، إذ كان بإمكانه الزعم بشكل شرعي تماما أنّ اتفاقيات 1994 تمّ التوصل إليها من قبل الحكومة الإسرائيلية السابقة عندما كان الليكود في المعارضة، وكان باستطاعته القول إنّه لم يرغب بها ولكن وفقًا لقواعد القانون الدولي كان ملزمًا باحترامها.
وسأل وزير الخارجية البريطاني ما إذا تمّ تدوين اتفاقيات 1994 رسمياً وقال الشرع: "نعم، الاتفاقات الخاصة بالانسحاب من الجولان سُجلت في محضر اجتماع المحادثات السورية الإسرائيلية والسورية الأميركية، والمواقف التي تم التوصل إليها خلال هذه المحادثات تمت الموافقة عليها شخصيا من قبل كلينتون وحافظ الأسد وإسحاق رابين وشمعون بيريز وأعيد تأكيدها أكثر من مرة، وسأل الأسد، وارن كريستوفر، وزير الخارجية الأميركي خلال فترة بيل كلينتون الأولى عمّا إذا كانت إسرائيل لا تزال لديها أي مطالبات في الجولان بعد خط الرابع من يونيو 1967، ورد كريستوفر أنّ إسرائيل ليست لديها أي مطالبات وأكّد كلينتون هذا الأمر لاحقا في رسالة إلى الأسد".
هل تم التوقيع على المحضر؟
سأل وزير الخارجية البريطاني ما إذا كان قد تم التوقيع على المحضر (المحادثات الإسرائيلية السورية، وكذلك السورية الأميركية عام 1994)، فقال الشرع إنهم لم يفعلوا ذلك، وافترض وزير الخارجية البريطاني أن الاتفاقات الواردة في المحضر هي تفاهمات تمكِّن المناقشات على المسار السوري من المضي قدمًا إلى المرحلة التالية، وأكد الشرع أن سورية أرادت إحياء تفاهمات 1994 بحذافيرها حتى تستمر المحادثات كما كانت من قبل.
لكن دنيس روس، المستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمنسّق الأول لعملية السلام في الشرق الأوسط أثناء إدارة كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون والذي التقى حافظ الأسد في يوليو/تموز 1996 ضمن مهام عمله، يرد بأنه لم تكن هناك أية اتفاقيات رسمية بين الجانبين، مشيرا في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إلى أنه في أغسطس/آب 1993، وضع رئيس الوزراء رابين في الجيب الأميركي ما يعرف بـ"الوديعة" للانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان، بشرط توفير احتياجات إسرائيل الأمنية، وعلى وجه الخصوص الإنذار المبكر وتأمين المياه والسلام (بمعنى العلاقات الدبلوماسية الكاملة والتجارة والسياحة) عبر جدول زمني يمتد على مدار 5 سنوات. وكان أحد الشروط الأخرى أن الانسحاب الإسرائيلي يعتمد على عدم اشتراط سورية أن تتوصّل إسرائيل إلى اتفاق مع الفلسطينيين أو الأطراف الأخرى. وكان على الولايات المتحدة أن تنقل هذا كله على أنه طلب أميركي من دمشق بيد أنّ سورية لم تقبل بهذا الأمر على الإطلاق، وقالت إن الأمن يمثل حاجة مشتركة ليس فقط لإسرائيل، وإن الجدول الزمني طويل للغاية ولا يمكن ربط الأمر بالتجارة والسياحة ولكن لن يتم منعهما".
يضيف روس أنّ الأسد الأب بدوره أصرّ على أن إسرائيل بحاجة أيضًا إلى التوصل إلى اتفاق مع لبنان وليس مع الفلسطينيين. ويتابع: "لم يكن هناك اتفاق، لكننا بدأنا مفاوضات ثلاثية سرية في ذلك الوقت. في مايو/أيار 1994، أصر الأسد على أن الانسحاب الكامل يعني خط 4 يونيو 1967. وبقينا عالقين لمدة شهرين في هذا الأمر. ثم في يوليو، قال رابين مرة أخرى للولايات المتحدة، أن تفهم أن هذا يمكن أن يكون مقبولا شريطة أن تحظى إسرائيل باحتياجاتها بشأن الترتيبات الأمنية التي تشمل ضمان تلبية احتياجاتها المائية ومتطلبات السلام. وأوضح أن السوريين لن يسمعوا هذا مباشرة من إسرائيل حتى تتم تلبية جميع احتياجاتها بشكل مرضٍ. وعندما أصبح إيهود باراك رئيسًا للوزراء، لم يعترف بموقف رابين أو ما نسميه "وديعة رابين"، لكن في اجتماع عقدناه في بلير هاوس بواشنطن في ديسمبر/كانون الأول 1999، روى الشرع هذه الأحداث التاريخية بالطريقة التي وصفتها للتو وقال باراك إنّه "لا ينكر التاريخ".
وعلى النقيض مما ورد في وثائق الأرشيف الوطني البريطاني على لسان الشرع، يقول روس إنّه لم يتم تبادل أي شيء كتابي، وإنّ باراك لم يكرّر قط "وديعة" رابين بشكل صريح.
لكن الدكتور نيل كويليام، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس"، ومدير مشروع مبادرة سياسة سورية وجيرانها ومؤلف كتاب "سورية والنظام العالمي الجديد 1999"، يعتقد بأنّه حسب فهمه ومتابعته، توجد وثائق مكتوبة حول تفاهمات أطراف العملية وقد تم إيداعها في مكان ما. لكنّه لا يظن أنها كانت اتفاقيات رسمية بل بمثابة محاضر اجتماعات لما تم الاتفاق عليه. ويتابع: "لا أعرف أين تم إيداعها ولكن تدوين تك الوثائق ربما كان وسيلة للتأكد من أن كل ما تم الاتفاق عليه واضح جدًا، لأنه إذا كان لفظيًا بحتًا فيمكن تغيير ما تم الاتفاق عليه خاصة أنّ المناقشات كانت تكتيكية للغاية، لذلك لا يمكن أن تكون فقط شفهية".
حساسية تجاه صفقة منفصلة مع لبنان
تكشف الوثيقة رقم 016640 والصادرة عن السفارة البريطانية بدمشق وموجهة إلى وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث في أغسطس/آب 1996، عن نتائج زيارة دنيس روس إلى دمشق في يوليو 1996 ولقائه الشرع والأسد، لبحث عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وتخلص الوثيقة إلى حساسية السوريين حول صفقة منفصلة مع لبنان واقتراح إسرائيل انسحابا أحادي الجانب من جنوب لبنان وتشاؤم مبكر حول إمكانيات استئناف مفاوضات المسار السوري.
وتشير إلى أن روس في 31 يوليو، أطلع رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي، على نتائج زيارته إلى سورية في 23 و24 يوليو، وأن المحادثات مع الشرع استمرت ساعتين وجرت في 23 يوليو واشتكى الشرع من أن الوضع الإقليمي لا يصب في مصلحة سورية وضرب على سبيل المثال الاتفاقية العسكرية الإسرائيلية التركية، وإجراء اتفاق سلام منفصل بين الأردن وإسرائيل ومؤتمر شرم الشيخ عن الإرهاب. واتّهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير هذه الأحداث، وفي ردّه سعى روس إلى طمأنة الشرع أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئًا من هذا القبيل، وأنها ملتزمة بالعمل مع سورية في عملية السلام.
وأوضح وزير الخارجية الشرع، أنّ الانسحاب الأحادي عن طريق التفاوض مع لبنان غير مقبول لأن سورية كانت تحاول الاتفاق على ترتيبات أمنية مع إسرائيل في الجولان، وتلك المنطقة وجنوب لبنان يعدان "حلبة واحدة" يجب التعامل معهما كليهما، وعند الضغط عليه اعترف الشرع بأن جنوب لبنان ورقة في يد سورية، وهو ما ترك لدى المبعوث الأميركي انطباعاً بأن الانسحاب أحادي الجانب حتى من دون مفاوضات لم يكن جذاباً لسورية لأنّها ستخسر هذه الورقة، وإن كان الشرع قال إن سورية يمكن أن تقبل بانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من لبنان وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 425، لكنه استدرك بأنه لا يمكن لأحد أن يمنع حزب الله من شنّ هجمات ضد إسرائيل في حال جرى انسحاب أحادي الجانب ووصف الاقتراح بأنه جزء من مؤامرة لتطويق سورية.
لقاء في القرداحة
جرى اللقاء مع الأسد الأب في القرداحة واستمر 6 ساعات، وكان محوره تسليم رسالة من الرئيس كلينتون إلى الأسد. ولم يكشف المبعوث الأميركي عن مضمون الرسالة لكنّه وصف المناقشة بعبارات عامة، وأكّد روس للأسد أن نتنياهو مهتم بإجراء محادثات سلام مع سورية وأقرّ بأن سورية يجب أن تبدأ من موقفها الحالي بشأن الجولان عند أي استئناف للمحادثات. وأنه (خلافا لعرفات) كان نتنياهو على استعداد للقاء الأسد "في أي وقت وفي أي مكان". ثم حثّ روس على استئناف مفاوضات المسار السوري.
وتبع ذلك نقاش مطول حول الأساس الذي يمكن أن تستأنف المحادثات استناداً إليه. كان هناك موقفان متعارضان. أرادت سورية استئناف المناقشات من حيث توقفت، وأرادت إسرائيل استئناف المحادثات ولكن مع وجود مساحة للأفكار الجديدة.
وناقش روس أيضاً الإرهاب مع الأسد، وحاول وصف الحالة المزاجية في الولايات المتحدة في أعقاب تفجير في المملكة العربية السعودية (وقع بأبراج الخبر في 25 يونيو 1996)، وتحطم طائرة تي دبليو إيه (وقع شرقي لونغ آيلاند بمدينة نيويورك في 17 يوليو 1997). وفي حال اتضح أن الأسد كان مسؤولاً عن هذا الدمار، فمن المحتمل أن يكون هناك تحول كبير في مزاج الجمهور الأميركي. وهناك خطر كبير من أن ينشغل الرأي العام بالإرهاب أكثر من عملية السلام في الشرق الأوسط في مثل هذه الحالة، وقال روس للأسد إنه سيكون من الصعب شرح الفرق بين الجماعات التي ارتكبت أعمالًا إرهابية وأولئك الذين على ارتباط بها. كان القصد من ذلك إرسال رسالة واضحة إلى السوريين حول دعمهم لجماعات الرفض الفلسطينية وحزب الله. وكان رد الأسد أنه إذا كان تحطّم طائرة تي دبليو إيه ناتجًا عن أعمال تخريبية فقد يكون مصدره محليا. ثم اشتكى الأسد من أن الولايات المتحدة تلقي باللوم على سورية كل مرة تنفجر فيها قنبلة. وأضاف يوجد فرق بين المقاومة الوطنية المشروعة والإرهاب.
كما طُرح لبنان خلال المناقشة. وأخبر روس الأسد أنه خلال زيارته لواشنطن، كان نتنياهو حريصًا على استكمال المفاوضات حول مجموعة المراقبة (أنشئت عام 1996 بعد عملية عناقيد الغضب الإسرائيلية، وكان الهدف من مجموعة المراقبة الإسرائيلية اللبنانية (ILMG)، المساعدة في منع تصعيد آخر للعمليات العسكرية)، وأنه اقترح أن يكون لبنان وسيلة لبناء الثقة بين سورية وإسرائيل. كان من الواضح أن نتنياهو لديه بعض الأفكار حول جنوب لبنان ولكن لم تتم مناقشتها بشكل كامل ولم تكن الولايات المتحدة تعرف ما هو النهج الذي سيتخذه في هذا الشأن.
الأسد لم يكرّر التهديد الضمني بشأن عمليات حزب الله الذي لمّح به الشرع
وردًا على سؤال "العربي الجديد"، قال روس إن الأسد لم يكرّر التهديد الضمني بشأن حزب الله الذي لمّح به الشرع في وقت سابق. وتابع أن الشرع كان أكثر صراحة من الأسد في ما يتعلق بلبنان. كما أشار المبعوث الأميركي إلى وجود عدد من الإشارات المثيرة للاهتمام وقتها، إذ كان الوضع في جنوب لبنان هادئًا نسبيًا بالإضافة إلى تبادل الجثث والأسرى بين إسرائيل وحزب الله. وكان العرب يحاولون إرسال رسالة مفادها أن الباب مفتوح.
ولفتت الوثيقة إلى أن ما يقوله الشرع في الواقع بأنه لا ينبغي لأحد أن يطلب من سورية ضمان النتائج إذا انسحبت إسرائيل بشكل أحادي من جنوب لبنان، يمثل تحوّلا في الموقف السوري خاصة أن السوريين قلقون جدًا بشأن هذا الاحتمال. لكن السفير الأميركي متشكك جدا في ما إذا كان نتنياهو سيقوم بالانسحاب أحادي الجانب لأنه سيكون من الصعب جدا تبريره للجمهور الإسرائيلي.
ابتعاد سورية عن حزب الله وإيران
وحول ما كان إذا أي من الطرفين جدياً في تحقيق السلام يقول روس، لـ "العربي الجديد": "نعم، أعتقد ذلك. لكن الجانبين لم يكونا متزامنين. فعندما كان رابين جادا لم يكن حافظ الأسد كذلك. وكان حافظ جادا لفترة قصيرة في نهاية عام 1999 وبداية عام 2000، عندما لم يكن باراك مستعدا. وعندما أصبح مستعدا، لم يعد حافظ كذلك. لفترة وجيزة كان (حافظ) يعتقد أن الصفقة ستساعد بشار، لكن بحلول 26 مارس من عام 2000 (قبل وفاته بثلاثة أشهر) بات يعتقد أنها ستخاطر بحكمه".
ويعلّق روس، أنّه اليوم لا توجد إمكانية لأي صفقة. ويشير إلى أنّه عندما كان نتنياهو رئيساً للوزراء في عام 2010، كانت هناك مناقشات حول استراتيجية أو صيغة انسحاب لإعادة الاصطفاف الاستراتيجي في المنطقة، بمعنى ابتعاد سورية عن إيران وحزب الله. وتابع: "في الوقت الحالي لا أحد يعتقد أن بشار يمكن أن يفعل ذلك حتى لو أراد".
بدوره يعلّق ديفيد باتر زميل مشارك، في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس والذي شغل منصب المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط بين عامي 2007 و2012 في حديثه لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنني أتذكر إحاطة إعلامية مع الشرع خلال إحدى زياراته إلى لندن، التي ربما كانت في عام 1994 كان من الواضح أن إسرائيل وسورية اقتربتا من التوصل إلى اتفاق، لكن لبنان كان عقبة استمرت في الظهور فضلاً عن تواجد إيران أيضًا في الخلفية".
ماذا جرى في اجتماع الأسد الأب وكلينتون؟
يلفت روس إلى أن حافظ الأسد رفض في اجتماع جرى في 26 مارس/آذار 2000 بجنيف مع الرئيس بيل كلينتون، العرض التقديمي الذي قرأ فيه كلينتون نقاط الحوار المعتمدة من باراك، وقال فيها إن إسرائيل ستوافق على الانسحاب إلى خط 4 يونيو 1967 على أساس حدود متفق عليها بشكل عام. وعلى ما يبدو رفض الأسد، مبدأ أنه يجب الاتفاق على الحدود بشكل عام. فطلب منّا الشرع تقديم النقاط التي قرأها كلينتون كتابة، ورفضنا ذلك باعتبار أن الأسد رفض العرض.
في المقابل، تؤكد دراسة بعنوان "الوساطة والسياسة الداخلية والمفاوضات الإسرائيلية السورية 1991-2000" للبروفيسور جيريمي بريسمان أستاذ العلوم السياسية ومدير دراسات الشرق الأوسط بجامعة كونيتيكت الأميركية، أنّ المفاوضين الإسرائيليين اعتقدوا أن الأسد جاء إلى جنيف في 26 مارس عام 2000 ليقول "نعم" خاصة أن الوفد السوري كانت لديه 135 غرفة لمسؤوليه في فندق إنتركونتيننتال بجنيف. وكان الأسد مستعدًا لتغيير كبير في السياسة تجاه إسرائيل كما أنّه غادر سورية رغم مرضه، ولو أراد رفض الصفقة كان بإمكانه قول "لا" عبر الهاتف وتجنّب السفر في وقت اعتلال صحته. وتابع: "جاء الأسد بالتأكيد إلى جنيف لإتمام الصفقة، خاصة أنّ كلينتون قال: لقد صدقت الأسد عندما قال إنه اتخذ خيارًا استراتيجيًا من أجل السلام". وبشكل عام، فإن العديد من المصادر تلوم تردّد باراك وتأسف على الفرصة الضائعة بحسب بريسمان صاحب مؤلف "السيف لا يكفي: عرب وإسرائيليون وحدود القوة العسكرية".
وفي رد للدكتور جيفري ك سوسلاند، أستاذ مساعد للأعمال والتجارة الدولية بالجامعة الأميركية في واشنطن ومؤلف كتاب "المتنافسون المتعاونون" الذي تناول مسار السلام السوري الإسرائيلي من عام 1991 حتى عام 2006 على أسئلة "العربي الجديد"، يقول إنّه خلال هذا الوقت كانت تجري مفاوضات حقيقية وجادة بين إسرائيل وسورية. بيد أنّه، لسوء الحظ، لم تتمكنا من حل بعض القضايا الرئيسية بما في ذلك المياه وتطبيع العلاقات. وبسبب هذه القضايا المعقدة لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق رسمي، مشيرا إلى أنّ مسألة المياه كانت أقل أهمية على المسار اللبناني الإسرائيلي.