المالوف الجزائري... سُلالة من الغناء

21 مايو 2018
ربط الإخوة مصيرهم بسيرة أخيهم محمد الطاهر(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
دعا الفنان الجزائري سليم فرقاني الشباب المهتمين بفن المالوف إلى "بذل مزيد من الجهد والتقرب من الشيوخ للغرف من مخزونهم المعلوماتي والتراثي". وقال نجل أيقونة المالوف الراحل محمد الطاهر فرقاني، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، إثر عودته من نيويورك حيث شارك في إحياء "تظاهرة يوم الجزائر"، إنه ينتظر رد المسؤولين بخصوص مسعاه لإنشاء مؤسسة بهدف الحفظ على هذا الإرث الموسيقي، وستضم هذه المؤسسة ورشات للآلات ومتحفاً توضع فيه الآلات الموسيقية وكل ما له علاقة بهذا الفن من ممتلكات أسرة فرقاني ومكتبة وعدد من التسجيلات الخاصة، لتكون مفتوحة أمام المهتمين.

وقال إنه انتهى من إعداد "أنطولوجيا المالوف" المتكونة من 40 قرصاً في جزأين؛ سجل فيها جزءاً من الريبرتوار المعروف لهذا الفن إلى جانب مؤلفين دوّن فيهما الأشعار المغناة بترجمات إلى اللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية. وأُنجز هذا العمل "الضخم"، كما قال الفرقاني، تحت رعاية وزارة الثقافة وسجّله بصوته.

تأثّر الابن بأبيه، محمد الطاهر الفرقاني (9 مايو/ أيار 1928 في قسنطينة - 7 ديسمبر/ كانون الأول 2016 في باريس) الذي يُعتبر عميد الموسيقي الأندلسية المعروفة باسم المالوف، وكان الجد حمو فرقاني (1884ـ1972) مطرباً وملحناً وعازفاً في الطابع الحوزي، وسجّل أكثر من 20 أسطوانة، وكانت العمة الحاجة زهور (1915ـ1982) تؤدي المالوف وعازفة كمان ومديرة فرقة نسائية، وكذلك عمه الزواوي الموسيقي المحترف منذ الثلاثينيات على الكمان والعود، وعمّاه عبد الحميد ومعمر كانا موسيقيين أيضاً، إلا أن الثلاثة ربطوا مصيرهم نهائياً بالسيرة الخارقة لأخيهم محمد الطاهر، وشكّلوا، وإن بدو أقل شهرة، أول نادٍ للفراقنة. وبدأ محمد الطاهر، منذ سن الثامنة عشرة، بتعلم الموسيقى المصرية القديمة، وبالعزف على الناي، قبل أن ينضم إلى جمعية "طلوع الفجر"، ليتعلم فيها مبادئ الطرب الشرقي، وفرضته جودة وقوة صوته، وقدرته على الاستيعاب، وكفاءته الفنية (فهو يتقن العزف على آلات موسيقية عدة) بسرعة في الساحة الموسيقية القسنطينية. وفي عام 1951 بعنابة، حاز على الجائزة الأولى في مسابقة موسيقية، ليسجل بعدها أسطوانته الأولى لدى "ديريفون"، ما جعل منه مؤثراً عبر أسطواناته التي تركها وراءه، خصوصاً في الأوساط المسلمة. إلى جانب ذلك، زعزع الهيمنة التي كانت للمطرب اليهودي ريمون ليريس، وهو عم المغني الشهير أنريكو ماسياس.
عززت حرب التحرير، بصورة مفارقة، شعبية فرقاني ونفوذه، ولم يحد انطواؤه الحرفي، الطرز، من مشاركته في الأعراس والحصص الإذاعية. بعد الاستقلال، تربّع على عرش ريادة الميدان الموسيقي، فارضاً نفسه كمطرب شعبي وأستاذ في طبع المالوف، وهو الوضع الذي ضمنه أولاً في السوق بإنشاء مؤسسة إنتاجه وبنشر أسطواناته مباشرة، وكرسته الستينيات فناناً وطنياً، وظل منذ ذلك الوقت يشترك في تظاهرات تمثيل الثقافة الجزائرية في الخارج، ويُعترف به كمَعلم من معالم المالوف، بفضل أدائه؛ إذ يتميز بفضل صوته، حسب المختصين، "بقدرته على أداء أغانيه على أربع مجموعات من ثماني وحدات (أوكتاف)"، وعلى "أدائه الأغاني التقليدية بطريقة متزنة، يسحر بها جمهوره الواسع والعريض".
دلالات
المساهمون