لماذا ننسى ما الذي كنا سنفعله بعد دخول غرفة جديدة؟

26 فبراير 2019
هي ظاهرة شائعة يطلق عليها اسم "تأثير المدخل" (Getty)
+ الخط -
لا بد أنك جربت في وقت ما الجلوس في مكتبك تبحث بين أوراقك فتلاحظ فيه فنجان قهوة قذرًا، مضى على وجوده هنالك مدة طويلة، لتقرر مباشرة حمله لغسله، إلا أنك بمجرد وصولك إلى باب المطبخ نسيت سبب توجهك إلى هناك.

ويعتقد علماء النفس أن المرور عبر باب لدخول غرفة مختلفة، يخلق حجبًا ذهنيًا في الدماغ لما تريد فعله، لإفساح المجال لاسترداد ذكريات جديدة عن البيئة الجديدة والأحداث التي وقعت فيها، لذا يواجه الناس صعوبات في تذكر مهامهم عند دخول غرفة جديدة، وهي ظاهرة شائعة يطلق عليها اسم "تأثير المدخل".

واعتقد العلماء في المرحلة المبكرة من دراسات الدماغ، أن الذاكرة البشرية تشبه خزانة بأقسام عديدة، حيث يمكننا تخزين الخبرات الحياتية التي نكتسبها، والتي ستبقى هنالك إلى الأبد، حيث يمكننا ببساطة استرجاعها عندما نكون بحاجة إليها، إلا أن الدراسات الحديثة أكدت أن الدماغ البشري أكثر تعقيدًا، وأنه يمتلك القدرة على التغير طيلة حياة الإنسان، وفقًا لموقع "ساينس إي بي سي".

وأوضح العلماء أن الذكريات البشرية تعتمد بشكل كبير على الشخص الذي يكونها، فالطريقة التي تتذكر بها حادثة معينة، تختلف عن الطريقة التي يتذكر بها شخص آخر الحادثة ذاتها، كما أنها حلقية، أي أنها تنقسم إلى أجزاء، وهذا ما اعتمد عليه مجموعة من العلماء في تفسير ظاهرة "تأثير المدخل".

وأجرى العالم غابرييل رادفانسكي وزملاؤه في جامعة نوتردام، تجربة أطلقوا عليها اسم "المشي عبر المداخل يسبب النسيان"، وشارك فيها عشرات الأشخاص، الذين طلب منهم استخدام مفاتيح الكمبيوتر، للتنقل عبر بيئة افتراضية على الشاشة، مكونة من 55 غرفة، بعضها صغيرة وغير مقسمة، وبعضها كبيرة ومقسمة إلى قسمين مساحة كل واحد تعادل مساحة غرفة صغيرة.

وطلب من المشاركين نقل أغراض من قسم لآخر في كل غرفة كبيرة، ومن غرفة إلى أخرى أيضًا، لإيداعه في المكان الجديد وانتقاء غرض آخر، وكان كل غرض يختفي بمجرد اختياره من قبل الشخص، ووجد العلماء أن قدرة المشاركين على تذكر ما ينقلونه، كانت أضعف كلما مروا من خلال باب مفتوح، مقارنة بقدرتهم على التذكر عند نقلهم الأشياء للمسافة نفسها، من قسم لآخر داخل نفس الغرفة (أي عندما لم يعبروا بابًا).

واعتقد العلماء في البداية أن السبب هو عمل الذاكرة بشكل أفضل، عندما تتطابق المعلومات الحسية أثناء الاختبار، مع المعلومات الحسية أثناء التعلم، أي أن تذكر الغرض في الغرفة التي أخذ منها، سيكون أسهل من تذكره في الغرفة الجديدة، إلا أن رجوع المشاركين أثناء التجربة للغرف القديمة التي أخذوا منها الأغراض، لم يحسن قدرتهم على تذكرها، وفقًا لموقع "ساينتيفيك أميريكان".

وأكد رادفانسكي أن "تأثير المدخل" لا يتعلق بمدى اهتمامك بما تفعله، أو متى فعلته أو الصعوبات التي تواجهها، موضحًا أن هنالك نوعا من الذكريات التي يعمل الدماغ على تحسينها، للحفاظ على المعلومات جاهزة حتى انتهاء صلاحيتها، ليحجبها لاحقًا لإفساح المجال لصالح معلومات جديدة، أي أن دماغك قد يصنف كل ما يحدث معك داخل غرفة، بأنه أقل أهمية عندما تنتقل لمكان آخر.

 

 

دلالات
المساهمون