تخطط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مع رؤساء حكومات الولايات، لكيفية المضي قدماً في التخفيف من الإجراءات الصارمة التي فُرضت في البلاد جراء وباء كورونا. ومن المتوقع أن يتم التوافق خلال الاجتماع المقرر انعقاده اليوم الأربعاء، على منح المؤسسات المزيد من الخطوات العملية لإعادة الافتتاح الثانية، ووفق شروط معينة، وذلك بعد أن تقدّم العديد من رؤساء وزراء الولايات بخططهم الخاصة، ما أثار استياء رؤساء وزراء ولايات أخرى.
ووفق المسودة التي بيّنتها العديد من التقارير الإعلامية، سيصار إلى تخفيف الإجراءات إلى حدّ كبير، وستترك الحكومة الفدرالية مسؤولية تخفيف المزيد من القيود للولايات، على أن تمارس الأخيرة دورها بالتأكد من الإجراءات حتى لا تحصل انتكاسة. وعليه سيتطلب من الولايات، ولضمان تطبيق مفهوم الحدّ من القيود، التأكد من عدم زيادة المصابين عن 50 إصابة لكلّ 100 ألف نسمة خلال سبعة أيام، وفي حال تبيّن عكس ذلك، يجب إعادة إدخال القيود العامة مثل تلك التي طُبّقت في ألمانيا قبل 20 إبريل/نيسان الماضي وبشكل منهجي، وذلك بهدف تفادي موجة ثانية من كورونا، وكسر سلسلة العدوى في أسرع وقت ممكن، على أن يكون العامل الحاسم محافظة المواطنين على المسافة المطلوبة للأمان.
فبعد أن أعيد السماح الأسبوع الماضي لفئة من أصحاب المتاجر والمهن بالعودة إلى العمل ضمن قدرة استيعابية معينة، يبدو أن الحكومة ترغب بالعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية في الأماكن العامة والمقاهي والمطاعم ودور العبادة، على أن تراعي تلك المرافق المزدحمة عدة شروط، بينها قواعد الامتثال للتباعد المفروض بين الأشخاص، والنظافة الأساسية، كما ومراعاة المتطلبات الأخرى الخاصة بمكافحة الوباء، وهناك توجه لإعادة افتتاح المدارس ودور الحضانة والمرافق الرياضية، إلا أنه من حيث المبدأ، سيتم الإبقاء على الحظر المفروض على الفعاليات الكبرى مثل المهرجانات الشعبية والأحداث الرياضية مع الجمهور والحفلات الموسيقية حتى 31 أغسطس/آب المقبل.
من جهة ثانية، سيصار إلى إعادة فتح كلّ المحال التجارية من دون حدّ للمتر المربع، إنما ضمن الشروط المعهودة المتعلقة بحركة الزبائن، أي أن يتم تحديد الحدّ الأقصى لعدد الأشخاص من قبل العملاء، تبعاً لنقطة المبيعات. وبذلك، تكون الحكومة قد وضعت الكثير من المسؤولية في جعبة الولايات، لأنّ إعادة افتتاح الأماكن العامة أمام الزوار أمر حسّاس، كما أن الحكومة تستند في خطوة إعادة الافتتاح الكبيرة إلى تراجع نسبة الإصابات الجديدة، ما يعني أنّ احتمال الإصابة بات أقل بكثير، ولذلك أصبح من الممكن الآن فك المزيد من القيود عن باقي المؤسسات ضمن شروط ثابتة، وفق ما قال رئيس وزراء ولاية سكسونيا "المسيحي الديمقراطي" ميشائيل كريتشمر، للقناة الثانية في التلفزيون الألماني. أما رئيس وزراء ولاية تورينغن بودو راميلو، فقال بدوره لشبكة التحرير الألمانية، إن السلطات الفدرالية تقدّم لنا فرصة، وهي الفرصة التي يمكننا من خلالها السير في طرق مختلفة، داعياً إلى التحوط، وبالتالي المحافظة على الإطار العام معاً.
وتأتي القناعة بتسريع خطوات إعادة الحياة والتخفيف من تقييد الحركة في ألمانيا، لأن الوباء يتطور بشكل مختلف بين ولاية وأخرى، وهو الأمر الذي قام بتحديده معهد روبرت كوخ أخيراً. وعليه، من المرجح عودة التلاميذ إلى المدارس قبل العطلة الصيفية، من دون أن تكون هناك صفوف تدريس منتظمة لحوالى 11 مليون تلميذ على مستوى ألمانيا، أي ضمن وضع استثنائي وإجراءات معينة، بينها التعلم ضمن مجموعات صغيرة مثلاً، وسيُترك الأمر للولايات لتحديد العودة، على أن تفتح المقاهي والمطاعم أبوابها اعتباراً من 9 مايو/أيار المقبل. حتى أن هناك مقترحات باستخدام بعض أسرّة العناية المركزة في المستشفيات للمرضى العاديين غير المصابين بفيروس كورونا، وفق منطق الضرورة، وأن تحديد الأولويات الدائمة والحصرية لمجموعة معينة فقط من المرضى، مع استبعاد مجموعات أخرى منهم أمر لا يمكن تبريره، وفق ما أشارت إليه صحيفة "دي فيلت".
في المقابل، برزت أصوات تحذر من الاندفاعة، والخوف من أن تكون لها نتائج عكسية، بعد أن اتبعت البلاد استراتيجية مشتركة، ونجحت في السيطرة على الوباء، كما طاولت الانتقادات العديد من السياسيين الذين يبدون رغبة مفرطة في التساهل حيال كورونا، وهذا ما لا يضر فقط المستشارة وجهودها، إنما يقوض ثقة وانضباط المواطنين الألمان.