ترويج جديد لتحرير تعز وسط شكوك الأهالي

14 يناير 2018
قوات تابعة للشرعية في تعز (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
أبدى أبناء محافظة تعز اليمنية شكوكهم بجدية الحكومة الشرعية والتحالف العربي في تحريرها، إذ بدا كأن المزاج العام في تعز غير متحمّس مع تحركات قيادة التحالف العربي والقيادات العسكرية في تعز بين عدن والرياض، ومناقشة خطة تحرير تعز. في هذا السياق، اعتبر الناشط عبدالله العريقي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "الحديث حول تحرير تعز لا يخرج عن دائرة الشائعات، ولقاء قيادة تعز العسكرية بقيادة التحالف بالعاصمة السعودية الرياض، هو الجديد في كذبة تحرير تعز، التي يصنعها التحالف العربي في كل مرة يرغب في تنفيذ عملية عسكرية بمحافظة أخرى". وأضاف أن "أبناء تعز يدركون بأن التحالف بما يتعلق بتحرير تعز يسوق الوهم من خلال تغريدات الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه، ورئيس حكومته على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصل ذلك مرات عدّة".


بدوره، غردّ نائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، في حسابه على موقع "تويتر"، ‏بأن "استكمال تحرير تعز وتثبيت الأمن والاستقرار وفرض سلطة الدولة، يتطلّب تضافر الجهود وتوحيد الصفوف والعمل بروح الفريق الواحد". وأضاف أن "الشرعية عازمة بقيادة فخامة رئيس الجمهورية وبدعم من التحالف، على استكمال تحرير المحافظة وإنهاء تواجد الانقلابيين ورفع المعاناة والظلم الذي تعرضت له المدينة". كما تحدث قادة عسكريون في تعز عن توجهات تعز، الجديّة لتحرير تعز. وكان قرار تعيين محافظ جديد لتعز (أمين أحمد محمود) في 24 ديسمبر/كانون الأول، بمثابة المؤشر الأول في تحول المشهد العسكري والسياسي في تعز.
في هذا الإطار، ذكر مصدر حكومي، أن "محافظ تعز الذي وصل الرياض في الخامس من الشهر الحالي، لأداء القسم الدستوري أمام الرئيس هادي، جاء بعد تلقيه تأكيد من قيادة التحالف العربي والحكومة الشرعية بالموافقة الكاملة على تنفيذ شروطه المطروحة على الحكومة والتحالف، لتحقيق برنامج عمله في المرحلة المقبلة".

وكان الشرط الأول للمحافظ الجديد، هو "الإسراع في تحرير ما تبقى من المحافظة ورفع الحصار عنها، إضافة إلى دعم وإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية، وإعادة بناء المؤسسة الأمنية وتفعيل دور الشرطة في حفظ النظام والقانون، وسرعة تفعيل السلطات القضائية، والأجهزة الرقابية، ودعم الخدمات العاجلة والطارئة لإنقاذ المحافظة من الأوبئة والكوارث البيئية والاهتمام بالقطاع الصحي، والتعليم، وسرعة صرف رواتب المحافظة لجميع القطاعات المدنية والعسكرية".

واشترط أيضاً، "عدم تدخل التحالف والأحزاب السياسية والوحدات العسكرية في إدارة المحافظة"، كما طالب هادي وقيادة التحالف بـ"ضرورة إنهاء أزمة الخلاف والمواجهات المسلحة الناتجة عنها بين السلفيين والإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) في تعز". وقال مصدر مقرّب من محافظ تعز، إن "انتقال المحافظ إلى تعز يرتبط بانطلاق معركة تحرير تعز فعلياً".



وفي إطار الترتيب لتحرير تعز، عقدت قيادات التحالف العربي في عدن والرياض لقاءات مع قيادات عسكرية في تعز، كأول مؤشر حتى الآن على توجه محتمل لجهة تنفيذ شرط محافظ تعز المتمثل بتحرير مدينة تعز، وهذا ما أكدته قيادات في قوات الشرعية بتعز.

وتحدث مسؤول عسكري من قوات الشرعية حضر اللقاءات، لـ"العربي الجديد"، بأن "اللقاء الذي جمع قيادة تعز العسكريين مع قيادة التحالف العربي في عدن، ناقش ملف تحرير المحافظة". وأشار إلى "وجود توجه فعلي للتحرير"، موضحاً أن "اللقاء عمل أيضاً على انهاء أزمة الخلافات بين قوات عسكرية تتبع حزب الاصلاح وأخرى تابعة القيادي السلفي عادل عبده فارع (أبوالعباس). ووقّع على اتفاق انهاء التوتر بين الطرفين، قائد المحور، اللواء خالد فاضل، وقائد اللواء 22 ميكا الموالي للاصلاح، العميد صادق سرحان، وعن كتائب فارع وقع ممثله، الرائد، محمد نجيب".

وبعد لقاء عدن توجهت قيادة تعز العسكرية نحو العاصمة السعودية الرياض، والتقت مع مستشار رئيس الجمهورية اللواء رشاد العليمي لمناقشة سبل تعزيز وحدة الصف بين الوحدات العسكرية، وإعادة النظر في تصرفات بعض الألوية العسكرية التي تحاول التدخل في عمل السلطة المحلية، والالتزام بخطة التحرير المقرر تنفيذها في تعز. كما عقدت قيادة عسكرية رفيعة من التحالف العربي مع قيادة تعز العسكرية بمقر القوات البرية السعودية بالعاصمة الرياض، لقاءً ناقش الخطة المطروحة لتحرير تعز واقرار المجتمعين خارطة تنفيذ خطة التحرير وتوزيع المهام في الجبهات بين الوحدات العسكرية وفقاً لخطة التحرير. وفي اللقاء نفسه، قال المصدر العسكري، إنه "تمّ إقرار تأسيس غرفة عمليات موحدة تحت قيادات عسكرية من التحالف العربي في تعز". كما تمّت مناقشة خطة تتعلق بإخراج القوات العسكرية من داخل المدينة إلى مقرات خارجها، باستثناء المواقع العسكرية الواقعة تحت سيطرة فارع وهي قلعة القاهرة ومقر الأمن السياسي غرب وجنوب المدينة".



وشددت قيادة التحالف العربي في لقاء قادة تعز العسكريين، على "التزام كافة الوحدات العسكرية المطلق بتنفيذ توجيهات المحافظ لفرض الأمن والاستقرار، والتعامل مع أي قوة عسكرية ترفض تنفيذ توجيهات المحافظ واعتبارها قوات تعرقل تحرير تعز وخارجة عن القانون". وكان من المقرر عقد التحالف لقاء آخر مع قيادة تعز العسكرية، لكن أثناء اجتماع وفد تعز العسكري مع نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، أبلغت قيادة التحالف بشكل مفاجئ قائد محور تعز بأن جلسة الاجتماع معهم قد ألغيت وأن الطائرة تنتظرهم في الرياض للعودة إلى عدن.

وتشهد تعز منذ أقل من شهر عملية تحشيد وتجنيد كبيرة شملت حتى طلاب مدارس، وفتحت قيادة المحور معسكرات متواضعة لتدربيهم، وصرفت الحكومة الشرعية قيادة محور تعز، 6 مليارات ريال يمني (2.4 مليون دولار) على دفعتين.

لكن المحلل العسكري عبدالملك عزيز قال لـ"العربي الجديد"، إن "الترويج لتحرير تعز مجرد تخدير لهذه المدينة خوفاً من الانتفاضة ضد سياسة التحالف بالتعامل مع تعز". وأوضح أن "ما تبقّى من مناطق تحت سيطرة الانقلابيين من جغرافية تعز تعتبر جبهة استنزاف للعدو، خصوصاً أن المناطق التي تهم اللاعبين الدوليين والإقليميين هي تلك المناطق العسكرية الاستراتيجية التي تم تحريرها في باب المندب والمخا غربي تعز".
ولفت إلى أن "اللقاءات بين قيادة تعز العسكرية وقيادة التحالف تأتي ضمن ترتيب الوضع الداخلي في تعز لتهيئة المدينة ودفع المحافظ الجديد للانتقال إليها، وذكر أن العمليات العسكرية الحقيقية لا يتم الحديث عنها"، مشيراً إلى أنه "حتى إذا تم تنفيذ عمليات عسكرية ستكون خاطفة في الجبهة الشرقية للمدينة". وتابع عزيز قائلاً: "لا توجد معطيات حقيقية على الأرض تؤكد أن هناك معركة عتيدة، والقوات العسكرية البالغة عددها أكثر من 45 ألف مقاتل غير مؤهلة، ومعظم الألوية تدار من قبل مكونات سياسية".

ولمحافظة تعز أهمية استراتيجية لموقعها الممتد بين المناطق الفاصـلة جغرافياً بين المحافظات الشمالية والمحافظات الجنوبية، كما تمر عبرها الطرق الرئيسية الرابطة بين الشـمال إلى الجنوب، وتمثل تعز التوازن السياسي بين مكونات في الجنوب تطالب بالانفصال، وبين مكونات في محافظات الشمال كجماعات الحوثي رافضة التقسيم الفدرالي لليمن.

ومنذ اجتياح قوات الحوثي وحلفائه في منتصف مارس/ آذار 2015، مدينة تعز، أصبحت تعز الجبهة الأكثر اشتعالاً. واعتبر محللون، أنه "في السنوات الثلاث الماضية من عمر الحرب، ألغت قيادة التحالف العربي العديد من الخطط لتحرير تعز، أكثر من مرّة، لعدم يقين قيادة التحالف العربي، خصوصاً الإمارات من أن الأمور ستجري على النحو المخطط له بما يتعلق بفرض تواجدها في سواحل المخا وباب المندب غرباً، هذا من جانب. أما من جانب آخر تُعاقب الامارات والسعودية محافظة تعز باعتبارها مدينة الحاضنة الشعبية لثورة 11 فبراير/شباط 2011، وبوتيرة عالية تشاركت الدولتين بقتل الوعي المدني في المحافظة، وتقليب الصدع بين مختلف الفصائل العسكرية والسياسية ضد بعضها البعض، وتبديد طاقاتهم في الصراعات الداخلية، لضمان عدم ظهور أي شعبية تعارض خطط الدولتين المتمثلة بالانحراف عن مخرجات الحوار الوطني وتقسيم اليمن إلى إقليمين فدراليين شمالاً وجنوباً تمهيداً للانفصال خلال سنوات مقبلة.