وقالت مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار إن تجديد حالة الطوارئ كان متوقعاً تماماً، لضبط إيقاع الشارع المصري قبل الانتخابات، بحسب تعبيرها. وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن استصدار قرار جديد بفرض حالة الطوارئ في إبريل/ نيسان المقبل، أمر متوقع أيضاً، ولكن هذا سيكون مرهوناً بالضغوط الدولية حينها، لناحية عدم إجراء عملية الاقتراع في ظل حالة الطوارئ. وتابعت أنّ بعض الآراء داخل النظام الحالي طالبت بعدم تجديد حالة الطوارئ خلال فترة إجراء انتخابات الرئاسة، لعدم إثارة المجتمع الدولي والصحف ومراكز صنع القرار في الغرب، لأن الانتخابات ستصبح مثار تشكيك كبير في نزاهتها حتى لو كانت نزيهة. وأشارت إلى أن "بعض الآراء القريبة من مؤسسة الرئاسة تدفع باتجاه التعامل مع المجتمع الدولي بنوع من الندية في إطار وجود إرهاب يستهدف الدولة، وبالتالي لا مجال للتطرق إلى مسائل شكلية، وهذا لن يشفع لدى منظمات وصحف دولية".
من جانب آخر، رفض عضو في الجبهة المدنية الديمقراطية إجراء انتخابات الرئاسة في ظل حالة الطوارئ، معتبراً هذا القرار رسالة واضحة وصريحة لكل القوى السياسية وأطياف المعارضة، بعدم وجود انتخابات حقيقية في مصر. وقال عضو الجبهة، في تصريحات خاصة، إن مطالبات كل القوى السياسية، على اختلافها، شددت على إنهاء حالة الطوارئ خلال انتخابات الرئاسة، ولكن النظام يعاند ويصرّ على موقفه بالسيطرة على الأوضاع واعتقال المعارضين لسياساته. وأضاف أنه من الصعب على القوى السياسية المشاركة في أي شيء متعلق بالانتخابات الرئاسية في ظل الطوارئ، نظراً لأن كل حركة مناهضة للسيسي من الممكن أن تخضع لحكم الطوارئ وتلفيق التهم للشباب الفاعلين على الأرض. وكان المرشح الرئاسي المحتمل، خالد علي، أعلن نيته خوض الانتخابات المقررة خلال العام الحالي، بعدة ضمانات، أهمها إنهاء حالة الطوارئ منذ الإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات. وقال علي، في مؤتمر صحافي عقب افتتاح مقره الانتخابي، إن حالة الطوارئ هي الحالة التي تمنع الحق في الحركة ومباشرة الحقوق السياسية وممارسة الدعاية الانتخابية.
وكان من الآثار السلبية لحالة الطوارئ، التوسع الشديد والممنهج في حملات الاعتقالات خلال الأشهر القليلة الماضية. وكان لافتاً في حملة الاعتقالات، التي شملت عدة محافظات، القبض على شباب معارضين ليس لهم توجهات سياسية أو فكرية معينة، وغير منتمين للتيار الإسلامي أو من مؤيدي الرئيس المعزول، محمد مرسي. وقالت مصادر أمنية إن حملات الاعتقالات ستكون مستمرة حتى الانتخابات الرئاسية، والتي بدأت فعلياً منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن حملات الاعتقالات تتضمن كل العناصر النشِطة، سواء من جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها، حرصاً على عدم التأثير على الانتخابات الرئاسية في كافة مراحلها، وإجرائها في جو من الهدوء التام.
من جانبه، قال الخبير السياسي محمد عز، إن الكل يعرف أنه ومنذ فرض السيسي حالة الطوارئ في إبريل/ نيسان الماضي، أنها ستستمر لفترة طويلة مقبلة، من المؤكد أنها ستتخطى فترة الانتخابات الرئاسية. وأضاف عز، لـ"العربي الجديد"، أن النظام الحالي يحاول استنساخ تجربة مبارك في الحكم، بإجراء الانتخابات في ظل حالة الطوارئ، وهو مشهد ليس جديداً على مصر. وتابع أن فكرة فرض حالة الطوارئ بالأساس ليست مجدية في مكافحة الإرهاب كما يدّعي النظام الحالي والموالين له، متسائلاً "عام إلا أشهر قليلة مرت على فرض الطوارئ، هل توقف الإرهاب؟". ولفت إلى أن مكافحة الإرهاب تستوجب اتخاذ تدابير أمنية معينة من دون الحاجة إلى فرض الطوارئ، التي تكون مرتبطة بالأساس بوجود قلاقل واضطرابات شديدة، ولكن هذا ليس متوفراً في الحالة المصرية، بما يشير إلى أن الطوارئ لها أغراض سياسية لقمع المعارضة من خلال التحرر من أي أعباء قانونية.