استمع إلى الملخص
- أوضح أستاذ الموارد المائية عباس شراقي أن السد اكتمل خرسانياً ومائياً، لكن لا يزال هناك حاجة لتركيب التوربينات، مشيرًا إلى عدم استفادة إثيوبيا من السد في الزراعة.
- أكد أستاذ هندسة السدود محمد حافظ على ضرورة وجود اتفاقية ملزمة لتحديد حصة مصر من المياه، محذرًا من تأثير اكتمال السد ومؤتمر عنتيبي على العلاقات بين الدول.
أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال زيارته إلى أوغندا أول من أمس الجمعة، أن "مسألة الأمن المائي تعد قضية وجودية بالنسبة لمصر"، مشدداً على "ضرورة أن يكون التعاون على أساس القانون الدولي خصوصاً مبدأ التوافق وعدم إحداث ضرر والإخطار المسبق". تصريحات الوزير المصري جاءت بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد رسمياً اكتمال بناء سد النهضة بنسبة 100%، مبيناً أنه "تم حجز كمية مياه كافية من دون إلحاق ضرر بدولتي المصب السودان ومصر"، بحسب قوله. وتعهّد أبي أحمد أمام مجلس النواب، في كلمة له، بأن "إثيوبيا ستعزز تدفقات مياه النيل إلى السودان ومصر، في حال حدوث شحٍّ في إمدادات المياه من جراء سد النهضة". وقال إن "سد النهضة يمثّل فرصة مهمة لكل من السودان ومصر"، مؤكداً أن بلاده "لن تسمح بأي تهديد لسيادتها" وفق تعبيره.
عباس شراقي: سد النهضة اكتمل خرسانياً ومائياً بنسبة 100% بالفعل
سد النهضة وأبي أحمد
عن هذه التطورات، أعرب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي عن اعتقاده بأن تصريحات رئيس الوزراء عن سد النهضة "سياسية وموجهة للداخل بالدرجة الأولى، والغرض منها طمأنة الشعب الإثيوبي الذي طال انتظاره للانتهاء من بناء السد الذي كان مقرراً له في عام 2017، والاستفادة منه في إنتاج الكهرباء وزيادة الإنتاج الزراعي". وأكد شراقي لـ"العربي الجديد" أن "سد النهضة اكتمل خرسانياً بنسبة 100% بالفعل، ومائياً أيضاً، حيث وصل إلى السعة القصوى الفعلية وقدرها 60 مليار متر مكعب رغم أنه يسع 64 مليار متر مكعب، أما كهربائياً فقد تم تركيب أربعة توربينات فقط من إجمالي 13 توربيناً، وتوقفت جميعها في الشهرين الماضيين لأسباب فنية". وأضاف أن "الهدف الرئيسي من بناء السد هو إنتاج الكهرباء، وبالتالي يتبقى تركيب 70% من التوربينات، وهي تحتاج إلى وقت، ولذلك فإن إثيوبيا أمامها على الأقل عام وقد تصل إلى عامين لتركيب باقي التوربينات، وعندئذ يكون السد قد اكتمل بالفعل بنسبة 100% في القدرة على تشغيل التوربينات". ولفت شراقي إلى أن إثيوبيا لا تستفيد بشكل حقيقي من السد، موضحاً أنه "على الرغم من وجود بحيرة سد النهضة للعام الخامس، إلا أنه لم يتم الاستفادة منها في الزراعة حتى الآن، نظراً للطبيعة الجيولوجية الجبلية وعدم توفر المساحات القابلة للري، كما أنه لا توجد شبكة نقل للكهرباء ذات كفاءة في الداخل الإثيوبي، ولذلك تفضل الحكومة تصديرها إلى الدول المجاورة على الرغم من حرمان أكثر من 70 مليون إثيوبي من الكهرباء".
من جهته، رأى أستاذ الموارد المائية واستصلاح الأراضي بجامعة القاهرة نادر نور الدين، أنه "لا تغيير في موقف مصر"، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن الظروف المناخية خدمت مصر، رغماً عن الإرادة الإثيوبية، بوجود أمطار غزيرة وفيضان عال أثناء فترة التخزين والملء، وبهذا يكون انتهى الجزء الصعب. وتابع: يتبقى في المستقبل أن يكون تشغيل التوربينات وبوابات التصريف والمفيض ببواباته الست، بالقدر الذي يحافظ على تدفقات النيل الأزرق بنفس معدلاته قبل بناء السد بتدفقات نحو 49 مليار متر مكعب خلال النصف الثاني من كل عام في الموسم الصيفي، وأن تضمن إثيوبيا لمصر حداً أدنى من خروج الماء من السد يعادل نفس تدفقات النيل الأزرق في السابق ويتم الاتفاق والتوقيع عليها.
محمد حافظ: لا يمكن لمصر الاعتماد على التصريحات الشفهية لأبي أحمد
الموقف المصري بشأن السد
اتفق مع ذلك أستاذ هندسة السدود محمد حافظ، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنه "لن يحدث أي تغيير في موقف مصر، بل ستسير الأمور إلى درجة أسوأ بسبب الاعتماد على كلام أبي أحمد الذي قال فيه إنه لن يضر بمصر، وهذا كلام شفهي لا بد أن يترجم إلى اتفاقية ملزمة تحدد حصة مصر من المياه خصوصاً في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، ولكن الاعتماد على وعود شفهية لا يجوز، لأن الدول تلزمها اتفاقيات ملزمة، وفي حالة عدم وجود هذه الاتفاقيات، فلا يمكن للدولة المصرية الاعتماد على التصريحات الشفهية لأبي أحمد". ولفت حافظ إلى أن "اكتمال سد النهضة في الوقت الحالي، مع اقتراب المؤتمر الخاص باتفاقية عنتيبي والذي سيعقد بداية العام المقبل، وسيسمح لإثيوبيا بحجز أي كميات من المياه تحتاجها للتنمية، سواء اقتصادية أو زراعية أو صناعية، سيؤثر بشكل سيئ جداً على العلاقة بين إثيوبيا ومصر، والسودان أيضاً ولكن بدرجة أقل، وعليه فإنه إذا لم يتم الوصول لاتفاقية ملزمة بين الدول الثلاث بشأن تحديد حصص المياه التي تصل لمصر خلال سنوات الجفاف، وبوشر تنفيذ اتفاقية عنتيبي، فإن الاتفاقية الأخيرة لن تضع أي قيود على إثيوبيا في أنها تخضع للإرادة المصرية، ولن تلزمها بأي شيء". وأضاف حافظ أنه "بناء على ذلك، فإن أمام مصر، وحتى الوصول إلى الجلسة التي ستجمع رؤساء دول حوض النيل الأطراف في اتفاقية عنتيبي، أن تفعل شيئاً، وما لم يحدث ذلك وسمحنا لهذا الاجتماع باعتماد اتفاقية عنتيبي كقانون دولي، سيصعب على مصر الحصول على أي كميات مياه بشكل ملزم وسيكون الأمر مجرد إحسان من إثيوبيا على مصر".