تفجيرات بنغازي المتكررة... هل يقف خلفها حفتر؟

27 مايو 2018
لم تتوقف التفجيرات التي طاولت حياة مئات المدنيين(فرانس برس)
+ الخط -

لم تتوقف سلسلة التفجيرات التي طاولت حياة مئات المدنيين في بنغازي الليبية منذ إطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر عمليته العسكرية المعروفة باسم "عملية الكرامة"، منتصف عام 2014، ضد قوات "مجلس شورى بنغازي"، حيث كانت تصنف تلك التفجيرات بالإرهابية ويتهم مسلحو شورى بنغازي بها.

وحتى صبيحة الجمعة الماضي، وصل عدد قتلى التفجيرات في بنغازي إلى 46 مدنياً منذ مطلع العام الجاري، في وقت لم تعلن فيه أجهزة أمن المدينة عن نتيجة أي من التحقيقات المفتوحة في الحوادث المتكررة.

لكن اللافت في تلك التفجيرات استمرارها حتى بعد إعلان قوات حفتر بشكل رسمي سيطرتها على كامل المدينة، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، وخروج آخر مقاتلي المجلس من المدينة، إذ في 23 يناير قتل 37 مدنياً وأصيب أكثر من 80 في تفجير مزدوج، بواسطة سيارتين مفخختين، في شارع جمال وسط المدينة، عرفت إعلامياً بحادث مسجد بيعة الرضوان، وفي 8 فبراير/شباط سقط قتيلان و92 مصاباً في تفجير استهدف مسجد أبو هريرة، وكانت آخرها حادث الخميس الماضي الذي راح ضحيته سبعة مدنيين وعشرة مصابين.

وأثار قرار حل جهاز مكافحة الإرهاب والظواهر الهدامة في بنغازي وإقالة رئيسه، عادل مرفوعة، العديد من التساؤلات حول من يقف وراء تفجيرات بنغازي والجهات المتورطة فيها.

وكانت وسائل إعلام ليبية قد أكدت عبر مصادرها صدور قرار من قبل جهات أمنية عليا تابعة لحفتر بحل جهاز مكافحة الإرهاب والظواهر الهدامة، يوم الجمعة، بعد يوم من تصريحات لافتة لرئيسه، عادل مرفوعة، تناقلتها وسائل إعلام بأنه أبلغ وزارة داخلية حكومة مجلس نواب برلمان طبرق، عن معلومات بحوزته تتعلق بالتفجير الذي حدث في بنغازي، ليل الخميس الماضي، مطالباً الوزارة بسرعة فتح تحقيق قبل وقوع التفجير.

ورفضت عدد من الجهات الأمنية والحكومية في بنغازي، تواصل معها مراسل "العربي الجديد"، التعليق على تصريحات مرفوعة، من بينها مديرية أمن المدينة والبحث الجنائي.

وتضاف الأسئلة المثارة حول حقيقة وصحة تصريحات مرفوعة، إلى أسئلة أخرى لم تتوقف طيلة سنين حروب حفتر، حول نتائج التحقيقات التي فتحت في عدد من الحالات المماثلة والجرائم الأخرى.

ومر حتى الآن شهران على تصريحات الناطق باسم الغرفة الأمنية المركزية في بنغازي، النقيب طارق الخراز، عن قرب الإعلان عن نتائج التحقيقات في تفجيرات مسجد بيعة الرضوان وأبي هريرة، بطلب من قائد الغرفة الأمنية المركزية، عبد الرزاق الناظوري، مؤكدا أنها انتهت بالقبض على الجناة.

وبحسب مصدر أمني مطلع، طلب عدم ذكر اسمه، فإن عدد التحقيقات المفتوحة في حوادث بنغازي بلغت 36 تحقيقاً، من بينها تحقيقات في حوادث العثور على 14 جثة لمدنيين مكبلي الأيدي المعروفة باسم مذبحة الليثي، في يونيو/حزيران 2016، والعثور على 35 جثة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالقرب من مقر مديرية أمن الأبيار، التي عرفت باسم مذبحة الأبيار، وقبلها تفجير أودى بحياة العشرات من المدنيين بجانب مستشفى الجلاء.

وأكد المصدر أن اللجان لم يتعد وجودها الورق التي كلفت به، فيما كانت بعض القرارات وهمية يعلن عنها من دون تسمية أفرادها أو الجهات المعنية بها "لم تتعد حديث الإعلام، وهو ما أثار استغرابنا"، بحسب المصدر.

وأضاف "مرفوعة نفسه متورط في مثل هذه الأحداث، فهو أحد الأذرع الأمنية التي نفّذت عمليات تصفيات لصالح حفتر، خلال السنين الماضية، وهو أمر معروف لدى الناس في المدينة"، مشيراً إلى أن تصريحاته الحالية فجرت حقيقة الخلاف بينه وبين قادته في غرف عمليات حفتر.

وبين المصدر نفسه أن "مرفوعة كسابقيه أمثال محمود الورفلي من قيادات المداخلة السلفيين يتم استخدامهم ثم عزلهم وتغييبهم، لكن تصريحاتهم تكشف أجزاء من المختبئ في كواليس أجهزة حفتر العسكرية والأمنية، مذكرا بتصريحات حجازي في يناير 2016، التي كشف فيها الكثير من الجرائم التي تورط فيها حفتر".

وعبر المتحدث عن قلقه عاكساً غضباً وسخطاً داخلياً في صفوف أجهزة الأمن، مؤكداً أن فوضى الجرائم والانتهاكات عتمت حقيقة من يقف وراءها، إلا أن تصريحات مسؤولين كبار منشقين عن حفتر قد تشير إلى تورط الأخير بشكل فعلي في عدد من هذه الجرائم.


أول تلك التصريحات اللافتة كانت لفرج قعيم، آمر قوة المهام الخاصة بجهاز مكافحة الإرهاب في بنغازي، والعقيد المهدي البرغثي آمر كتيبة الدبابات، في يوليو/تموز عام 2016، وقد كانا وقتها ضمن قوات حفتر قبل أن ينضما إلى حكومة الوفاق.

وتمحورت تلك التصريحات، التي انتشرت خلال فيديوهات تناقلتها وسائل الإعلام، حول امتلاكهما إثباتات تؤكد تورط حفتر في عمليات تصفية وخطف وتنفيذ تفجيرات، انتهى تفجير تلك التصريحات بانشقاق أغلب مسلحي وكتائب قبيلة البراغثة التي ينتمي لها الضابطان.

ولم تتوقف تلك التصريحات التي تشير إلى وجود خيوط تربط بين حفتر وفوضى بنغازي الأمنية، بل انتهت إلى تصريح قعيم، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه بصدد التوجه إلى الجنائية الدولية وقبائل الشرق ومؤسسات الدولة لتقديم أدلة تثبت وقوف حفتر وقواته وراء عمليات قتل وتفجير واغتيالات في بنغازي، ليختفي قعيم بعدها بيومين مختطفا من قبل حفتر بعد هجومه على مقر له بمنطقة برسس شرق بنغازي.

وخرج قعيم عن صمته بهذه التصريحات، إثر تعرّضه لمحاولة اغتيال بواسطة تفجير سيارة مفخخة أثناء مروره بالقرب من معسكر بوديزة في المدينة، مؤكدا فيها أنه "حفتر هو من أرسل تلك السيارة"، وأعلن أنه خلال 48 ساعة سيكشف بالوثائق جرائم حفتر إن لم يستجب لمطالبه بالخروج من بنغازي.

وقال قعيم "حفتر يقف وراء التفجيرات والاغتيالات وسرقة البنوك والعملة الصعبة"، مؤكدا أنه على استعداد للكشف عن مصير أي مغيب أو تم اغتياله في بنغازي.