غير أنهم يترقبون في الوقت نفسه، ما ستكون عليه الإجراءات الأمنية الجديدة التي فرضها الاحتلال، والجاري تطبيقها حالياً، بعد استبدال البوابات الإلكترونية بكاميرات مراقبة ذكية، وإزالة الكاميرات المزورعة داخل باحة الأقصى، مؤكّدين على رفض أي مراصد للتجسس، ومتمسّكين بضرورة إزالة آثار العدوان والعودة بالأمور إلى ما كانت عليه سابقاً.
وجدّدت المرجعيات الدينية، في بيان صدر عقب انتهاء اجتماعها الطارئ، صباح اليوم الثلاثاء، رفضها التام لكل ما قامت به سلطات الاحتلال من تاريخ 14 يوليو/تموز الجاري ولغاية الآن، داعيةً إلى إزالة آثار العدوان، وضرورة فتح جميع أبواب الأقصى لجميع المصلين من دون استثناء وبحرية تامة.
وفي هذا الإطار، أكّد مدير عام أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة المكلفة من إدارته ستباشر عملها في الحال، وهي تضم خبراء مختصين للتأكد من أن إجراءات الاحتلال لن تمس بحرية الوصول للمسجد أو تلحق الأذى برواده من المصلين، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أنه "سيكون لنا موقف من الكاميرات التي سيضعها الاحتلال، ولن نسمح بأن تكون هذه الكاميرات مراصد تجسس على المصلين".
بدوره، أكّد رئيس الهيئة الإسلامية، الشيخ عكرمة صبري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الموقف الثابت والوطني لنا، يؤكد رفض نصب الكاميرات، مشدداً على ضرورة "عودة الأوضاع إلى ما كانت قبل الرابع عشر من الشهر الجاري، وأن يكف الاحتلال ومستوطنوه عن الاعتداء على الأقصى واستباحته".
الاحتلال يشرع بتركيب الكاميرات الجديدة
المخاوف بالنسبة للمقدسيين، من إجراءات الاحتلال بإزالة البوابات الإلكترونية واستبدالها بكاميرات ذكية، تعكسها مشاهد التخريب وتدمير واقتلاع الأشجار في ساحة الغزالي المتاخمة لباب الأسباط، وقد واصلت طواقم من شرطة الاحتلال الإسرائيلي أعمال البنية التحتية وتمديد التجهيزات في ساحة باب الأسباط، فيما شرعت قبل ظهر اليوم الثلاثاء، بنصب شبكة متطورة جدا من كاميرات المراقبة على مقاطع من سور القدس من ناحيتيه الشرقية والشمالية المطلتين على باب الأسباط، لتضاف إلى عشرات كاميرات المراقبة الأصغر حجما المنتشرة على أسوار المسجد الأقصى من جهاته الأربع، إضافة إلى كاميرات أخرى متطورة.
وفي جولة ميدانية، لـ"العربي الجديد"، على أبواب الأقصى، خصوصاً أبواب الأسباط، والمجلس المعروف بـ"الناظر"، والسلسلة، تبين أن الاحتلال أنهى بالفعل إزالة تلك البوابات، لكن بدا لافتاً الجسور الحديدية الجديدة التي نصبت على جميع الأبواب.
ولفت الناشط المقدسي إبراهيم الباسطي من حارة باب حطة، إلى أن طواقم الاحتلال قامت بما هو أكثر من إزالة الأبواب، بحيث شاهدناهم من بعد وهم يزرعون أجهزة لا ندري ماهيتها في الساحة التي باتت مكشوفة تماماً.
وفي هذا السياق، أكدت المرجعيات الدينية على لسان الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس إدارة الأوقاف الإسلامية، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن نصب كاميرات المراقبة هذه يعد استفزازا، ويترجم النية الحقيقية للاحتلال، بأن ما قام به على الأرض من تفكيك للبوابات الإلكترونية وإزالتها لا يعكس جدية في إنهاء الوضع القائم، الذي سيظل يستفز مشاعر المواطنين المقدسيين، ويكون سببا في استمرار الاحتجاجات.
وقال "هذا ما أكدناه كمرجعيات دينية في جميع بياناتنا ومنها البيان الأخير الذي يتحدث عن ضرورة إزالة جميع آثار العدوان".
مواقف رسمية
من جهته، أعلن نائب رئيس حركة فتح محمود العالول اليوم عن اجتماع ستعقده القيادة الفلسطينية يوم غد الأربعاء، لبحث الخطوات التالية بعد إزالة سلطات الاحتلال للبوابات الإلكترونية، وعزمها تركيب كاميرات مراقبة على بوابات المسجد الأقصى.
وأوضح العالول في حديث لإذاعة "فلسطين"، أن الرئيس محمود عباس وقع العديد من الرسائل لقادة دول العالم، يطالبهم فيها بتحمل مسؤولياتهم بالضغط على الاحتلال، ومنع انتهاكاته ضد أبناء شعبنا ومقدساتنا.
وأضاف أن "إزالة الاحتلال للبوابات الإلكترونية يشكل تطورا نتج عن صمود ونضال المقدسيين وموقفهم الحاسم الرافض لهذه الإجراءات التهويدية، الأمر الذي استدعى الاحتلال لإيجاد بدائل بتركيب كاميرات ترفضها القيادة، وأبناء الشعب الفلسطيني كذلك".
كذلك، دعت حركة "حماس" في الضفة الغربية اليوم إلى التدخل العاجل للجم الاحتلال عما يفعله في المسجد الأقصى، من تغيير في معالمه وفرض واقع جديد فيه.
وأكدت الحركة في تصريح صحفي على لسان المتحدث باسمها، حسام بدران، تعقيباً على ما تشهده القدس من أحداث متسارعة؛ أن الاحتلال يسعى لفرض واقع جديد، بتغيير أبرز معالم الأقصى، حيث عمدت جرافاته لإزالة بعض الأشجار والأحجار التي كانت تشكل ممرات للمسجد الأقصى بباب الأسباط، مستغلاً حالة الضعف التي تعيشها الأمة، دون أن يجد من يقف في وجهه، سوى أهل القدس الذين يرابطون ليلاً نهاراً على أبوابه.
ودعا بدران شباب ومقاومة الضفة الغربية للتوجه لنقاط التماس، وإرباك العدو في جميع المناطق، كي لا يستفرد بالقدس وأهلها، ولإرسال رسالة للاحتلال بأن أي واقع جديد في الأقصى مرفوض.
وحذر من مغبة التعاطي مع ما قام به الاحتلال من إزالة البوابات الإلكترونية وتركيب كاميرات مراقبة ذكية، مشيراً إلى أن ذلك محاولة لامتصاص الغضب العارم في الشارع الفلسطيني والإسلامي، كما أكد على ضرورة مواصلة الحراك والغضب حتى تزول كل آثار الاحتلال عن المسجد الأقصى ومدينة القدس.
وفي السياق، حمل رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، في تصريحات له، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية والتي عقدت بمقر محافظة القدس في بلدة الرام شمال القدس، الحكومة الإسرائيلية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال المسؤولية الكاملة عن المساس بالمسجد الأقصى وكافة محاولات الاحتلال لتهويد القدس، وتغيير معالمها التاريخية وطمس هويتها العربية الفلسطينية، رافضا إجراءات الاحتلال الرامية لتهويد معالم المدينة المقدسة بذرائع أمنية مختلفة.
وأكد الحمد الله على الحق التاريخي والقانوني للفلسطينيين في الأقصى، محذرا من محاولات الاحتلال الإسرائيلي من التهرب من استحقاقات عملية السلام.
وفي الوقت الذي دان فيه كافة الإجراءات الإسرائيلية التي تسلب الشعب الفلسطيني الحق في أداء عباداته، قال الحمد الله"نرفض كل المعيقات التي تحول دون حرية العبادة التي نصت عليها المواثيق الدولية والشرائع السماوية، ونطالب بالعودة إلى الوضع القائم قبل 14 من يوليو/ تموز الحالي".
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني "ستبقى القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولة فلسطين ونرفض أية إجراءات تفرضها دولة الاحتلال على المقدسات الإسلامية والمسيحية ونطالب مجددا بالعودة إلى الوضع القائم قبل 14 من يوليو/ تموز الجاري، حيث تنافي سلطات الاحتلال القانون الدولي وما نصت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن هنا ندعو المجتمع الدولي للانتصار لقراراته إحقاقا للقانون الدولي".
وعبر الحمد الله عن استغرابه من إصرار الرباعية الدولية على مساواة الضحية بالجلاد، مؤكدا على موقف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني الثابت بالالتزام بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، داعيا كافة الدول لوقف الغطرسة الإسرائيلية القائمة على نظام الفصل العنصري.
ودان الحمد الله استمرار قوات الاحتلال بالسماح للمستوطنين باقتحام باحات المسجد الأقصى في وقت تمنع فيه أجيال فلسطينية كاملة من الصلاة فيه.
وقال "سنواصل مسيرتنا لتحقيق استقلالنا وجهودنا الدبلوماسية بقيادة الرئيس محمود عباس، ولن نتراجع حتى إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا للقوانين الدولية وقواعد الشرعية الدولية".