اللاذقية تغلي على وقع جريمة سليمان الأسد

09 اغسطس 2015
دعا أهالي اللاذقية إلى إعدام سليمان الأسد (فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد الإشكالات وحالات التوتر داخل المناطق الموالية للنظام السوري في الآونة الأخيرة، والتي وصلت حدّ القتل لأسباب تافهة، في مؤشرٍ لحالة فوضى تسود تلك المناطق، وسط تعقيدات الوضع الميداني بين الزبداني والشمال السوري. وقد بلغ التوتّر الأخير أوجه مع إقدام سليمان الأسد، نجل هلال، ابن عم الرئيس بشار الأسد، على قتل ضابط في قوات النظام عند دوار الأزهري في مدينة اللاذقية الساحلية، يوم الخميس. ولا تُعتبر تلك الحادثة الأولى من نوعها في تلك المنطقة، لكنها الأبرز في السنوات الأربع الأخيرة، وتشرّع الأبواب أمام مرحلة جديدة من تعاطي بعض السكان في المنطقة الساحلية مع النظام، وفقاً لما عبّروا عنه في احتجاجاتٍ تلت الحادثة.

وفي التفاصيل، فقد كان العقيد بقوات النظام حسان الشيخ، يقود سيارته وبرفقته أفراد أسرته، فحاول تجاوز موكب سليمان الأسد عند دوار الأزهري وسط مدينة اللاذقية. أزعج هذا التصرّف الشاب المعروف بغطرسته، فترجّل من سيارة "الهامر"، بعد إيقاف سيارة الشيخ، المهندس في القوى الجوية بقوات النظام، وأطلق النار عليه أمام أسرته وطفليه، وعلى مرأى من الناس الموجودين بالمكان. مع العلم أنه يوجد حاجز أمني لقوات النظام على مقربة، لم يُحرّك ساكناً جراء الحادثة. ويحمل الضابط المقتول وسام شرفٍ من الرئيس السوري، لـ"الخدمات التي قدّمها للنظام"، كما يتحدر من قرية بسنادا، شمال شرق اللاذقية.

ومن المعروف عند سكان اللاذقية المؤيدين والمعارضين، أن سليمان الأسد كان يُقيم مع مليشياته حواجز في الساحل السوري، متجاوزاً جميع الأفرع الأمنية هناك، ويلقي القبض على مطلوبين له بقوائم خاصة، مبرراً كل ذلك بعبارة "أنا ابن قائد الساحل".

اقرأ أيضاً: النظام السوري ألقى 2041 برميلاً متفجراً الشهر الماضي 

ومن الواضح أن كلمة "قائد الساحل"، أشعرت النظام بتعاظم خطر سليمان في وقت سابق، لا لأنه كان يقود مع والده مليشيا باتت تتعاظم قوتها، بقدر ما كان يُعتبر الأمر بمثابة "إنقاص محدود" من شخصية بشار الأسد في الساحل. ما يُعدّ من الخطوط الحُمر التي يُمنع تجاوزها، فأرسل النظام قوة خاصة من دمشق، اعتقلت الشاب الثلاثيني أواخر سنة 2013، قبل إطلاق سراحه لاحقاً.

وعاد بعدها ليستأنف سلوكياته الدموية، التي تفاقمت كثيراً إبان تولّي والده هلال الأسد، مهام قائد مليشيا "الدفاع الوطني" بمناطق الساحل، قبل مقتله في مارس/ آذار 2014. وقتها أمر ابنه جميع عناصره بالنزول للشوارع وإطلاق النار بالهواء، الأمر الذي خلق حالة من الرعب في المدينة.

وعلى الرغم من أن اللاذقية شهدت سابقاً توترات شعبية على خلفية وقائع مشابهة، أبطالها سليمان وأفراد آخرون من آل الأسد، إلا أن حادثة مقتل الشيخ أصابت الشارع الأكثر ولاءً للنظام بصدمةٍ كبيرة، ترافقت مع ردود أفعال حادة، وصلت لدرجة المطالبة بإعدام سليمان الأسد، المتواري حالياً عن الأنظار.

وطالبت الكثير من الصفحات الموالية للنظام، في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بـ"إعدام المجرم"، رغم أن بعضهم شكّك بإمكانية محاسبته. وتوقع آخرون فرار سليمان إلى خارج البلاد، بينما ذهب بعضهم للتهديد بتغيير موقفهم المؤيد للنظام، وتحوّله لـ"خلية نائمة" تتعاون مع فصائل المعارضة، في حال لم يتم "إنزال أشد العقوبات" بالقاتل الفار.

ولم يحدث سابقاً على الإطلاق، لا قبل اندلاع الثورة السورية في 15 مارس 2011 ولا خلالها، أن وصلت الجرأة في أوساط المؤيدين للنظام لدرجة المطالبة علناً بإنزال عقوبة الإعدام بحق أحد أفراد عائلة الأسد، التي ما زال المساس بأحد أفرادها من المحرّمات في الشارع المؤيد للنظام، وإن كان ذلك قد بدأ بالتراجع في الفترة الأخيرة إلى حد ما.

اقرأ أيضاً: المعارضة السورية لحسم معركة سهل الغاب... ولا تفكر بالساحل

المساهمون