ورأى سيباستيان بوسوا، وهو باحث في العلوم السياسية في "الجامعة الحرة" في بروكسل، أنه مخطئ من يعتقد أن بإمكانه تقديم فكرة عن حظوظ الدمقرطة في المنطقة التي تواجه صعوبات كبيرة، بعد النظر لما يحدث، من مصر إلى الجزائر مروراً بالسودان. وبرأيه، فإنه ببداية الربيع العربي في العام 2011، كانت رياح الأمل والحرية التي عصفت في دول عدة من المنطقة تبشر بأمور أفضل. أما اليوم، فباستثناء بعض الدول التي نجت بأعجوبة كتونس، ولكن "تحت المساعدة وفي ظل التأثير (الخارجي)"، فإن الآمال التي رفعتها بعض الدول التي شهدت ثورات منتصرة، قد تبخرت.
وقال الباحث السياسي إن التصور الذي بناه كثيرون حول الإمارات بأنها جزيرة ليبرالية وسط أرخبيل الملكيات الخليجية المحافظة، هو في الحقيقة وهم. فخلف ناطحات السحاب البراقة، والصورة التي عمل الإماراتيون على رسمها بعناية، تحولت الإمارات خلال السنوات الماضية إلى "دولة بوليسية"، دولة استبدادية لا تبحث فقط عن قلب مكتسبات الثورات، بل أيضاً فرض أيديولوجيتها الأكثر مكيافيلية، حتى من السعودية التي نعتاد أن نركز عليها، بحسب رأيه.
وبحسب بوسوا، فإن الإمارات لا تقوم فقط بالتحضير لإطلاق مسبار إلى المريخ: هي تستميت أيضاً لتوسيع نفوذها في العالم، وإدارة حملة مناهضة للثورة تكتسب أكثر فأكثر نشاطاً وراديكالية. ولفت الباحث إلى أن هذه الخطة ضعها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لتصدير وتعميم نظريته الأمنية في جميع الدول التي طمحت إلى الديمقراطية.
وعددت المجلة نماذج عن سلوك الإمارات التخريبي في تونس وسورية ومصر، وصولاً اليوم إلى الجزائر التي اختبرت أخيراً ربيعها الجديد. فهذا البلد، يرى رئيس أركان جيشه أحمد قايد صالح، وهو الجنرال الذي يرعب الجزائريين الباحثين عن الديمقراطية، على تواصل مستمر مع بن زايد. حتى أن الأول لا يخفي زياراته المتكررة إلى أبوظبي.
ومن الجزائر، انتقل بوسوا إلى اليمن، حيث "تدعي الإمارات أنها تعمل على سياسة إنسانية منذ سنوات مع السعودية، فإن الحرب هناك أفرزت أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وكل ذلك لإنهاء تمرد الحوثيين، المدعوم من إيران". أما في ليبيا، التي لم تصل إلى شيء بعد ثماني سنوات من الصراع، فقد فضخت قناة "بي بي سي" أخيراً جرائم الحرب التي ترتكبها أبوظبي هناك، بعد فضيحة السجون الإماراتية في اليمن حيث يمارس التعذيب.
Twitter Post
|
ولفتت المجلة أخيراً إلى أنه "سواء أكانت الإمارات أم السعودية، فإن خبرة هذين البلدين في إدارة الأزمات منذ خمس سنوات تبدو مشكوكاً بأمرها، كصورة داعمهما الأميركي".
وتساءل بوسوا: "هل علينا أن نواصل النظر بكل لامبالاة إلى إعادة تقسيم الشرق الأوسط كما تحلم أبوظبي، من دون الاكتراث إلى أعداد الموتى وحجم الفوضى؟ المشروع الإماراتي: رسم خارطة مع سلطات استبدادية جديدة أينما كان في المنطقة والحؤول دون إرساء الديمقراطية".