فرنسا تنعى جاك شيراك: إجماع شعبي على خسارة رجل سياسة "استثنائي"

26 سبتمبر 2019
كل الأطياف في فرنسا حزينة لرحيل شيراك (مارلين عواد/Getty)
+ الخط -

يبدو أن موت الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، صباح اليوم
الخميس "وسط عائلته في سكينة"، عن 86 عاماً، قد أثّر على الحدث في فرنسا، إذ تحوّل حريق مصنع "روان"، الذي كان حديث الساعة، إلى موضوع ثانوي، متروك لرجال المطافئ، كما أن الرئيس إيمانويل ماكرون ألغى زيارة له في إطار "الحوار الوطني الكبير" حول إصلاح التقاعد.

ورغم أن الفرنسيين كانوا يعرفون أن جاك شيراك مريضٌ منذ فترة طويلة، إلا أن موته شكل حدثاً بارزاً وشغل الناس. فهذا الرئيس، وعلى الرغم من متاعب وصعوبات سياسية واجتماعية، أثناء ولايتيه الرئاسيتين (12 سنة)، ثم مشاكله مع القضاء، بسبب قضايا مالية في بلدية باريس، استعاد، حين غادر قصر الإيليزيه، شعبية جارفة، لم تَخفت إطلاقاً، وهو ما ليس حال رؤساء فرنسيين آخرين، أحياء، كفاليري جيسكار ديستان أو نيكولا ساركوزي أو فرانسوا هولاند، وأموات، كحال فرانسوا ميتران.

الرئيس إيمانويل ماكرون، وفور اطلاعه على خبر وفاة شيراك، قرر إلغاء زياراته إلى مدينة روديز، في إطار "الحوار الوطني الكبير"، وقرر مخاطبة الأمة الفرنسية مساء اليوم.

في هذه اللحظات لم يعد شيراك قائدا من اليمين الفرنسي، بل أصبح قائدا للأمة الفرنسية كلها، سواء في نظر اليمين واليمين المتطرف، أو اليسار بمختلف أطيافه، وهو ما لخّصه كريستيان جاكوب، الرئيس المحتمل لحزب "الجمهوريون"، والوزير السابق في حكومة شيراك، بالقول: "إن فرنسا والفرنسيين فقَدوا رئيسَهم. بينما فقدت العائلة الديغولية واحداً من مُلهميها"، إذ يتحدث عنه جاكوب وكأنما مات وهو لا يزال رئيسا للجمهورية، وهو موقف قريب من موقف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، اليميني، جيرار لارْشي، حين صرَّح بأن جاك شيراك: "جسّد روح فرنسا".

في حين أن غريمه ومنافسه، من داخل حزبه، في الانتخابات الرئاسية، إدوار بالادير، ركّز على "بالغ تأثره" وعلى "معاناة شيراك مع المرض، خلال سنوات طويلة".

وحتى غريمه الآخر، ورفيقه في الحزب، الرئيس الأسبق للجمهورية نيكولا ساركوزي، والذي ساءت بالراحل لدرجة أن الأخير جاهَرَ بدعمه للمرشح الاشتراكي هولاند في رئاسيات 2012، اعترف بأن "جزءا من حياتي يختفي اليوم".

ومارين لوبان، التي كانت تعتبره أحد خصومها الشرسين، وهو الذي هزم والدها في انتخابات الرئاسة سنة 2002، غرّدت: "لقد كان عاشقا كبيرا لفرنسا ما وراء البحار. كما كان الرئيسَ القادرَ على معارضة الحرب ضد العراق".

ومن جهته، حيّا الرئيس الفرنسي السابق الاشتراكي فرانسوا هولاند، الذي حظي بدعم شيراك أثناء مواجهته للمرشح ساركوزي، "مُحارباً (..) عرف كيف يربط علاقة شخصية مع الفرنسيين". 

وأما بيرنار كازينوف، رئيس الحكومة الاشتراكي السابق في عهد هولاند، فقد حيّا شيراك، الذي "كان رئيسَنا، والذي أحبه الفرنسيون، والذي سنفتقده".  

واعتبر رئيس المجلس الدستوري، الاشتراكي رولان فابيوس، أن شيراك "شغف بالجمهورية وخدمتها".

فرانسوا بايرو، رئيس حزب موديم، الوسطي، وحليف ماكرون، حيّا "تعلق شيراك باتحاد الفرنسيين وبالقِيَم الجمهورية".  

أما جان لوك ميلانشون، زعيم "فرنسا غير الخاضعة"، فقد غرّد: "تاريخ فرنسا يقلب إحدى صفحاته. لنتلقَّ الحزن لأنّ للحزن أسبابهُ. لقد كان يعشق فرنسا أكثر من آخرين، من بعده. ومن أجل هذا الجزء، فنحن مَدينون له".

وفي لفتة نادرة، عبر رئيس الحكومة الأسبق في حكومة التناوب تحت رئاسة شيراك، الاشتراكي ليونيل جوسيان، الذي أقصي في الدورة الأولى من رئاسيات 2002، عن احتفاظه بـ"ذكرى حيوية شيراك"، ممتدحا: "مرحلة تناوب، كانت فيها فرنسا محلَّ احترام عالمي".

واعترفت لين رونو، الفنانة الكبيرة والصديقة الوفية لشيراك: "فقدتُ أخاً.. كان يعشق فرنسا أكثر من أي شيء آخر".

وأما عمدة بلدية باريس، آن هيدالغو، فلم تنس أن شيراك كان، هو أيضا، عمدة لهذه العاصمة، فغرّدت: "إكراماً لذكراه، سيتم تنكيس الأعلام في كل المؤسسات البلدية. وسيتم وضع دفاتر في كل بلديات العاصمة أمام تصرف المواطنين للتعبير عن تعاطفهم مع الراحل".   

وأعلن مجلسا النواب والشيوخ عن دقيقة صمت، إجلالا لـ"الراحل الكبير" الذي قال فيه ريشار فيران، رئيس مجلس النواب والمقرب من الرئيس ماكرون: "إن جاك شيراك أصبح، من الآن فصاعدا، جزءاً من تاريخ فرنسا". 

دلالات