تضارب في تحليلات الإسرائيليين بشأن تداعيات انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني

09 مايو 2018
إعلان ترامب "كرّس قواعد لعبة جديدة" (شاؤول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

برز تضارب إسرائيلي بشأن قراءة تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، بين من اعتبر أنّ القرار بمثابة تبنٍّ تام لمواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وبين من أعرب عن حذره من مدى التنسيق الأميركي الإسرائيلي.

ورأى المحلل عاموس هرئيل، في صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، أنّ إعلان ترامب كرّس عملياً قواعد لعبة جديدة، تقوم أيضاً على توثيق التنسيق الأميركي الإسرائيلي في سورية، وفي الشأن الإيراني.

غير أنّ محللين آخرين، اعتبروا أنّ قرار ترامب، يعني في نهاية المطاف ترك إسرائيل وحيدة في مواجهة إيران، في حال قررت الأخيرة بنهاية المطاف بعد سنوات، مواصلة التزامها في الاتفاق النووي مع انتهاز أول فرصة متاحة لها للعودة لتخصيب اليورانيوم، بمستويات تفوق ما نص عليه الاتفاق (20%) والاستعداد لإنتاج قنابل نووية، خلال وقت أقصر من الوقت الذي كان الاتفاق يتيحه لها.

وخلافاً لهرئيل، قال محلل الشؤون العسكرية في "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان، إنّ "إعلان إلغاء الاتفاق النووي، يعني ضرب المكانة الاستراتيجية لإسرائيل، إذ يبقيها وحيدة إلى جانب الولايات المتحدة، لكنّها تفقد قدرتها على الحوار مع القوى الدولية الأخرى في الشأن السوري والإيراني".

وربط فيشمان، بين الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، الليلة الماضية، في سورية، والتي جاءت مباشرة تقريباً بعد إعلان ترامب، وبين الإعلان نفسه، في سياق رهانات إسرائيل على أنّ إيران لن تتجه حالياً للرد، بالرغم من ترجيح المؤسسة العسكرية في إسرائيل، بأنّ إيران سترد في نهاية المطاف، بحسب ما تتيحه لها ظروفها وأوضاعها الدولية والإقليمية.

واعتبر فيشمان، أنّ "الوضع الجديد يعني استنزاف إسرائيل، بينما قوات الجيش في حالة تأهب متواصلة مع مد أذرع الجيش في مختلف الجبهات، خصوصا أنّ المؤسسة العسكرية كانت على قناعة، في الأيام الأخيرة، بأنّ إعلان ترامب لن يكون له أثر كبير في ردع إيران عن قرارها بالرد، وهو قرار اتخذه الإيرانيون ولن يتراجعوا عن تنفيذه".

وأضاف أنّه "يبدو أنّ الإيرانيين لم يتأثروا من النشر الواسع في إسرائيل، حول الكشف عن خطة الرد الإيرانية عليها".

وبحسب فيشمان، فإنّ "هناك شكوكاً من أن يقبل أو يوافق مستشارو ترامب، في حال شنّت إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل، على رد أميركي يتمثّل بهجوم على مواقع المفاعلات النووية في إيران مثل مفاعل فوردو".

وقال إنّه "في المعركة على الجبهة الشمالية تقف إسرائيل وحيدة، وكافة الردود والحلول ستأتي من عندنا وهي مسؤوليتنا الكاملة".

ووصل فيشمان إلى القول إنّ "انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لا يحسّن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، فقد مدّ الجيش، منذ أمس الثلاثاء، أذرعه لأقصى قدر ممكن من غزة مروراً بالجبهة الجديدة في سورية ضد إيران، ولغاية جبهة قديمة جديدة تدعى منشآت الذرة الإيرانية".


واتفق عاموس يادلين، مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، مع ما ذهب إليه فيشمان عندما أوضح في "يديعوت أحرونوت"، أنّ أمام إيران خيارين: إما أن تنصاع للضغوط الأميركية والعقوبات الاقتصادية (بحسب ما سمعه من كبار المسؤولين في لقاءاته معهم الأسبوع الماضي) وتعود لطاولة المفاوضات، وإما أن تتجه لرد منطقي آخر يقوم على العودة لسياسة تخصيب اليورانيوم التي كانت اعتمدتها قبل العام 2013، وهذه المرة سيكون بمقدورها الوصول للقنبلة الذرية خلال وقت أقصر.

ولكن في كلتا الحالتين، رأى يادلين، أنّ الكرة تعود للملعب الأميركي والإسرائيلي. وبدون تأييد دولي لسياسة العقوبات، فإنّ الخيار الوحيد الممكن لوقف إيران هو عملية عسكرية، بحسب قوله. وفي الوقت عينه، قال يادلين إنّ "ترامب غير معني بحرب إضافية في الشرق الأوسط، ومن الصعب أن نشاهده يقود عملية عسكرية لوقف مشروع الذرة الإيراني".

وأضاف "صحيح أنّ ترامب لن يضع ضوءاً أحمر أمام عملية إسرائيل، كما فعل سابقه في المنصب باراك أوباما، لكن في نهاية المطاف ستبقى هذه المهمة كلها ملقاة على عاتقنا".


وكان رئيس مؤتمر "هرتسليا" الجنرال احتياط عاموس جلعاد، قد استبق، أمس الثلاثاء، إعلان ترامب التحذير أمام المؤتمر، من تداعيات الانسحاب من الاتفاق النووي، قائلاً إنّ "ذلك سيترك إسرائيل وحيدة في المعركة في مواجهة إيران".

وقال جلعاد، قبل أن يعلن ترامب قراره رسمياً، إنّ "الخطوة الأميركية المرتقبة، من دون إيجاد بديل سياسي أو استراتيجي أو عسكري، تعني بقاء إسرائيل وحيدة في مواجهة إيران، وترك الولايات المتحدة أيضاً وحيدة في مواجهة الدول الخمس، روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا".

ورأى أنّ "إلغاء الاتفاق سيمكّن إيران من إعلان التمسك بالاتفاق والالتزام به حالياً، وانتظار خمس سنوات قبل الاتجاه نحو بناء قوتها النووية"، معتبراً أنّ "الدمج بين قوة نووية وأيديولوجيات متطرفة، كالتي يحملها النظام الإيراني، هي الخطر الوجودي الوحيد على إسرائيل"، خاتماً بالقول إنّ "الإيرانيين يدركون ذلك، وهم ماضون في مشروعهم باستخدام قواعد وأذرع لهم في المنطقة".

المساهمون