اليمن بين تصريحات بن سلمان واجتماع التحالف المرتقب بالرياض

28 أكتوبر 2017
مسلحون حوثيون في صنعاء-أغسطس 2017 (فرانس برس)
+ الخط -

أثارت تصريحات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن استمرار الحرب في اليمن لمنع وجود "حزب الله" آخر، على حدود بلاده، حفيظة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، فيما من المرتقب أن يُعقد اجتماع لوزراء خارجية ورؤساء أركان دول التحالف، في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع المقبل، في تطور لافت، تتباين التوقعات بشأن ما يمكن أن يقر خلال الاجتماع، في ظل التطورات التي تعيشها البلاد.

وخلال الـ48 ساعة الماضية، بدت تصريحات محمد بن سلمان، التي أدلى بها الخميس الماضي، المؤشر الأهم، حول الوضع اليمني في المرحلة المقبلة، وأثارت حفيظة الحوثيين، الذين عقبوا على بن سلمان، بأكثر من تصريح، على المستوى الرسمي وقيادات الجماعة البارزة. وأعلنت الجماعة أن "القوة الصاروخية" التابعة لها، قصفت فجر أمس الجمعة، بصاروخ بالستي نوع "قاهر إم 2"، أحد معسكرات الجيش السعودي في نجران. ووصف الحوثيون، عبر تصريح منسوب إلى الحكومة التي ألفتها الجماعة وحلفاؤها من حزب "المؤتمر" الذي يترأسه علي عبد الله صالح، تصريح بن سلمان بـ"الطائش وغير المسؤول". وقال المصدر إنهم "مع السلام العادل والمشرف"، وإن "الشعب اليمني (حد وصفهم) لن يرفع راية الاستسلام لأنه يؤمن بعدالة قضيته ويثق بوعد الله بالنصر عما قريب". واعتبر المتحدث الرسمي باسم الجماعة، محمد عبد السلام، أن "تصريح بن سلمان يمثل فضيحة مدوية للأمم المتحدة ويكشف دورها النفاقي والمتواطئ ضد اليمن، فذاك يقول لديه مبادرات سلام، وهذا يؤكد أن الحرب ستستمر!"، بحسب قوله.

وكان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد أعلن، الخميس الماضي، في تصريحات لوكالة "رويترز"، أن حرب بلاده "مستمرة لمنع تحول الحوثيين لحزب الله آخر على حدودنا"، وإلى أن "نتأكد من أنه لن يتكرر هناك حزب الله، لأن اليمن أشد خطورة من لبنان". وفي السياق نفسه، برزت تفسيرات التصريح، إذ اعتبرت مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، أن التصريح يتماشى مع تركيز التحالف عملياته في المناطق القريبة من الحدود السعودية، وهو الأمر الذي كان واضحاً في الشهرين الأخيرين، مع ارتفاع وتيرة الضربات الجوية في المناطق القريبة من الحدود في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، وإلى جانبها مناطق محافظة حجة الحدودية، وأبرزها حرض وميدي". وفي تعليقه على تصريحات ولي العهد السعودي، اعتبر رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، القيادي البارز في الجماعة، محمد علي الحوثي، في تغريدة على صفحته الشخصية على "تويتر" أن بن سلمان "أعلن هدفاً غير أهداف العدوان التي لم يستطع تحقيقها"، في إشارة إلى أهداف التحالف المعلنة، بإعادة الحكومة الشرعية التي انقلب عليها الحوثيون وأتباع صالح، منذ ثلاث سنوات، فيما تشير تصريحات بن سلمان، إلى أولوية ملف الحدود ومنع "حزب الله" من تهديدها.


من زاوية أخرى، ذهبت بعض التفسيرات، إلى أن تصريحات ولي العهد السعودي، تركز على أن الحوثيين باتوا الخصم المستهدف للتحالف، وبالتالي تخرج صالح، أو تخفف التركيز عليه على الأقل، بالتزامن مع التسريبات التي تتحدث عن تواصل لدول في التحالف مع حزبه. وفي السياق نفسه، رأى وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثيين، وهو قيادي في حزب "الحق" القريب من الجماعة، حسن زيد، أن تصريح بن سلمان "تناغم مع ما اعتبرناه تهريج الخباز (أي علي عبدالله صالح)". وأضاف زيد، على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، إن التصريح حصر ما سماه بـ"العدوان"، على "أنصار الله وحرف مسار الدافع له"، أي دافع التدخل العسكري للتحالف. وكان صالح قد ألقى، منذ أيام خطاباً أمام اجتماع للعديد من مناصريه، قلل خلاله من شأن الخلافات بينه وبين الجماعة، واصفاً إياها بالخلافات الداخلية الهامشية. وقال إن الرئيس عبدربه منصور هادي، و(رئيس الحكومة الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، ونائب الرئيس، علي محسن الأحمر)، من "خبزه" و"عجينته"، وأنهم "بضاعته"، ما جعل زيد يصفه بـ"الخباز" وحديثه بـ"التهريج".

إلى ذلك، كان من اللافت مجيء تصريحات محمد بن سلمان، في ظل اجتماع مرتقب، من المقرر أن يُعقد مطلع الأسبوع المقبل في الرياض، ويضم وزراء الخارجية ورؤساء الأركان في دول التحالف، في تطور غير مسبوق، منذ شهور طويلة، يثير العديد من التساؤلات والتكهنات حول دوافع الاجتماع، الذي تحدثت عنه صحف سعودية ومسؤولون في الحكومة الشرعية اليمنية. ويأتي الاجتماع المرتقب، في ظل تطورات مثيرة على أكثر من صعيد، إذ غادر بن دغر مدينة عدن إلى الرياض، منذ يومين. كما أنه يأتي عقب التحركات الدولية الأخيرة، الرامية لتحريك مسار السلام، وأبرزها زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للسعودية الأسبوع الماضي، وإعلانه عن مقترحات تقوم على ثلاث ركائز، تبدأ بوقف الأعمال العدائية، ثم المساعدات الإنسانية، وصولاً إلى التفاوض للوصول إلى حل سلمي للأزمة في البلاد. وتعد المرة الأولى تقريباً، التي يعقد فيها اجتماع يضم وزراء الخارجية ورؤساء الأركان في دول التحالف، منذ بدء عملياته في اليمن، في 26 مارس/آذار2015، الأمر الذي يفتح الباب أمام تكهنات بتحول أو توجه لم تتضح ملامحه بعد، قد يدعم مرحلة جديدة في اليمن، على أن الاجتماع لم يتم الإعلان رسمياً عن موعد انعقاده من دول التحالف، بقدر ما تحدث عنه مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية، بأنه مطلع الأسبوع المقبل.

المساهمون