أميركا الكاذبة

02 يوليو 2017
ترامب قدّم قروضاً للتونسيين (أوليفييه دولييري/ Getty)
+ الخط -

يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيسقط سريعاً، والحالة التي كنا نظنّ أننا نعرفها منذ عقود لناحية أن "الولايات المتحدة لا تسيّرها الأهواء ولا الخيارات الشخصية لرئيسها، بل تحدد خياراتها مؤسسات ثابتة قد تعارض الرئيس ومؤسسته التنفيذية العملاقة إذا تعارضت مع هذه الخيارات"، غير صحيحة.

ومسألة الاطمئنان إلى هذا الأمر لا تعني قطعاً أنها خيارات تناسبنا أو تخدم مصالحنا، لأن العكس هو الصحيح، ولكنها تؤشر إلى ثبات في الاستراتيجيات يمكن أن تبني عليه موقفاً أو تقدّر من خلاله وضعاً. ولكن هذا الرئيس الجديد أثار ضجيجاً منذ تسلّمه مقاليد الحكم ولم نعد نعرف ماذا تريد أميركا ولا إلى أين تسير. بل إن ترامب يزرع قنبلة حيثما حلّ، لتنفجر بمجرد مغادرته المكان. يكفي النظر إلى ما خلّفه من دمار في منطقة الخليج، والتي سعت كل الإدارات الأميركية إلى استقرارها بكل الوسائل، وما فعله في أوروبا، واستيلاده تناقضات في كل الملفات المشتعلة عالمياً، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط. كذلك عمل ترامب على نقض سياسة سلفه باراك أوباما، ما يسقط بشكل لافت مقولة "المؤسسات التي تدير كل شيء في أميركا"، اللهم إلا إذا انقلبت هذه المؤسسات على رئيسها وتمكنت، بمعجزة، من إعادته إلى صوابه.

وعلى الرغم من أن الجمهوريين معروفون بتقليص الموازنات بمجرد عودتهم إلى الحكم، إلا أن ما أتاه ترامب مع تونس يبدو غريباً جداً، خصوصاً في ملف هو من أولويات أو عناوين الإدارة الأميركية، مقاومة الإرهاب. وأعلن عن تخفيضات كبيرة في المساعدات المقدّمة إلى تونس، وتخصيص 54.6 مليون دولار لتونس بدل 85.8 مليون دولار في السنة الماضية، في مقابل تقديم قروض. وذلك على الرغم من أنه وعد الرئيس الباجي قائد السبسي مرتين هذا العام بمواصلة دعم تونس، مثمناً "الشراكة مع تونس المبنية على قيمنا المشتركة المتمثلة في الديمقراطية"، ومشيداً بـ"نجاحات تونس في مقاومة الإرهاب العالمي ونُقدّر التزامكم بتحقيق الأمن في المنطقة". ولكل هذا قرر أن يعوّض المساعدات بقروض، ويزيد في إنهاك الاقتصاد الضعيف، ولكن التونسيين خبروا هذا الأمر سريعاً، وقرروا الاعتماد على أنفسهم، فأميركا بقيادة ترامب... كاذبة.