شبح "داعش" يطلّ من الحدود السورية - العراقية: عبدالمهدي أمام اختبار الأمن

31 أكتوبر 2018
استنفار أمني على الحدود العراقية - السورية(محمود صالح/فرانس برس)
+ الخط -
وضعت تحرّكات تنظيم "داعش" الإرهابي، قرب حدود العراق من الجانب السوري، رئيس الحكومة العراقية الجديدة عادل عبدالمهدي، أمام أول اختبار في إدارة الملف الأمني في البلاد، وسط مخاوف من قرارات متخبطة، قد تعكس عدم الخبرة في هذا المجال.

ويعد ملف الأمن واستقرار العراق، من أصعب التحديات التي يواجهها عبد المهدي، حيث يؤكد مراقبون أنّ النجاحات التي حققها رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي في هذا الملف، تتطلّب نجاحات موازية من قبل الأول، لكسب ثقة العراقيين.

ودخلت القوات العراقية قرب الحدود السورية، حالة الإنذار القصوى، حيث انتشرت قوات الجيش والشرطة ومليشيات "الحشد الشعبي" والقوات العشائرية، وقوات الحدود، في هذا المحور، ما عكس "عشوائية" في إدارة الملف الأمني.

وقال ضابط في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "التحركات الأخيرة لتنظيم داعش، والمعارك التي يخوضها داخل الأراضي السورية، وسيطرته على منطقة دير الزور ومناطق أخرى شرق سورية، جعلت التنظيم في تماس مباشر مع القوات العراقية، ووضعت العراق في دائرة خطر التنظيم من جديد".

وأكد الضابط أنّ "معلومات استخبارية تحدثت عن سعي داعش لدخول الأراضي العراقية، مستغلاً عدم ضبط هذه الحدود".

وكشف أنّ "وزارة الدفاع اتخذت خطوة كرد فعل مفاجئ لذلك، من خلال استعانتها بالحشد الشعبي، ما إن استشعرت الخطر، ما عكس هشاشة وضع المؤسسة العسكرية، وعدم وجود قيادة مركزية فيها تستطيع إدارة الملف، معنوياً وميدانياً"، مبيّناً أنّ "هذا القرار أربك وضع القوات العسكرية، التي كانت تضع الحشد قوة ساندة لها، وليست قوة رئيسية".

وأوضح أنّ "القرار قد يكون قراراً سياسياً، جاء بتأثير من قادة الحشد، لكنّ في حال كونه سياسياً فإنّ الأمر سيكون أكثر خطراً، حيث إنّ التحكم السياسي من قبل بعض الجهات بالقرار العسكري، سينعكس سلباً على ملف الأمن بشكل عام".

وأشار إلى أنّ "هذه المسؤولية وضعت رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي أمام اختبار إدارة الملف الأمني، وهذا يتطلّب منه قرارات حازمة بعيدة عن التأثيرات السياسية الأخرى، وأن تعمل المؤسسة العسكرية بمعزل عن أي جهة سياسية أخرى".

ويصف مسؤولون أمنيون، خطوات الحكومة بشأن تأمين الحدود مع سورية بأنّها "مرتبكة"، وقال مسؤول رفيع في رئاسة أركان الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، في هذا الإطار، اليوم الأربعاء، إنّ "إدارة ملف الحدود، لا تتطلب دفع تعزيزات كبيرة من مختلف الصنوف العسكرية، بقدر ما تحتاج إلى عمليات مراقبة مستمرة واعتماد تكنولوجيا حديثة".

وأضاف: "لا نستهين بخطر داعش، لكن في الوقت ذاته يجب أن لا نهمل مناطق هشة في غرب العراق لأجل ضبط الحدود فقط".

وأوضح أنّ "داعش لا يشكّل خطراً في الحدود فقط، بل إنّ خلاياه النائمة وجيوبه في أغلب المناطق المحررة، وخاصة بمحافظة الأنبار، تحتاج إجراءات لتطويقها، لا أن تسحب القوات وتدفع إلى الحدود"، مشدداً على "أهمية أن تكون إدارة الملف الأمني إدارة شاملة، وأن لا تعزز ثغرة واحدة على حساب ثغرات أخرى".


ويؤكد مراقبون أنّ عبدالمهدي، يحتاج إلى خبراء ومستشارين عسكريين من ذوي الكفاءة والخبرة، لإدارة الملف الأمني. وقال الخبير الأمني جمال العوادي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "عبدالمهدي أمام اختبار صعب، ويتحتم عليه أن يتغلّب على صعوبات الملف الأمني، حيث إنّ أي خرق سيكون خطراً على حكومته، خاصة مع نجاحات العبادي بهذا الملف".

وأكد أنّ "هناك تخبطاً واضحاً في إدارة هذا الملف، ولا يمكن أن يدار إلّا من خلال مستشارين يتمتعون بخبرة عسكرية"، داعياً عبدالمهدي إلى "عزل الملف الأمني عن السياسي، وعدم السماح لأي جهة بالتأثير في القرارات العسكرية".

وأثارت تحركات "داعش" المخاوف في محافظة الأنبار من عودته من جديد، بينما حمّل مسؤولون فيها، رئيس الحكومة مسؤولية أي إخفاق في إدارة هذا الملف. وأعلن العبادي، رسمياً النصر على "داعش"، في ديسمبر/ كانون الأول 2017، بعد خمسة أشهر من انتزاع السيطرة على مدينة الموصل المعقل السابق للتنظيم.