السيسي يتجاهل شباب مصر من لقاءاته

14 يناير 2015
يدرك السيسي عدم قدرته على تلبية مطالب الشباب(فرانس برس)
+ الخط -
يعمّق النظام المصري الحالي، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوماً بعد يوم، هوّة الخلاف مع قطاع عريض من الشباب المصري، إذ إنّه منذ توليه الحكم، منتصف العام الماضي، وخلال حملته الانتخابية، لم يلتق ممثلين عن قطاع الشباب، على الرغم من كونه أوّل المستفيدين من حراكهم ضد الرئيس المعزول، محمد مرسي، وسهّلوا وصوله إلى سدّة الحكم. واستبق السيسي فتح باب الترشّح للانتخابات البرلمانيّة، بلقائه عدداً من رؤساء الأحزاب المصرية على مدار يومين، الذين كان يتجاهل لقاءهم منذ توليه الحكم، وطالبهم بالاصطفاف خلفه وتشكيل قائمة واحدة خلال انتخابات مجلس النواب المقبل.

ويبدو أنّ السيسي يستبعد الشباب من حساباته خلال الفترة المقبلة، في وقت أعلنت فيه معظم الحركات الشبابيّة والثوريّة مقاطعة الانتخابات المقبلة، مما يكشف عجز النظام الحالي عن استيعاب قطاع عريض من الشباب المصري، الذين أبدوا في مواقف عدّة، عدم رضاهم عن النظام الحالي.ولم يمنع ذلك السيسي من الإعلان بأنّ انحيازه الوحيد هو للشباب، مشيراً إلى أهميّة إشراكهم بشكل فعّال في الحياة السياسيّة وتشجيع ترشّحهم في انتخابات البرلمان. وتوقّف أمام رؤساء الأحزاب، عند الاهتمام الكبير الذي توليه مؤسّسة الرئاسة للشباب والمرأة، وهو ما انعكس، على حدّ تعبيره، في ارتفاع حجم تمثيلهم في المجالس المتخصّصة والتابعة لرئاسة الجمهورية.

وتظهر نتائج الانتخابات الرئاسيّة، التي فاز بها السيسي، عدم مشاركة قطاع عريض من الشباب، لاعتبار بعضهم أن المشاركة عديمة الجدوى، واعتقاد آخرين أنّ المشهد الحالي أبعد ما يكون عن طموحاتهم خلال مشاركتهم في ثورة 25 يناير.

وفي سياق متّصل، يقول عضو حركة "الاشتراكيين الثوريين"، محمد الشافعي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "السيسي لا يضع الشباب في حساباته خلال الفترة المقبلة، وهو أمر بات مثار علامة استفهام"، لافتاً إلى أنّ "الحركات الشبابيّة والثوريّة لم تطلب لقاء السيسي ولا تريد ذلك، فضلاً عن رفضها سياسات وتحركات النظام الحالي".

ويشير الشافعي إلى "جرائم عدّة ارتكبها النظام الحالي منذ عزل مرسي بالقوة من الحكم". ويرى أنّ السيسي "استغلّ الحراك الشعبي والثوري ضد مرسي في الانقضاض على الحكم"، معرباً عن اعتقاده بأنّه "في حال رغبة السيسي في لقاء الشباب، فستكون الدعوة موجهة إلى شباب محسوبين على النظام الحالي، مثل بعض ممثلي حركة تمرد". وفي موازاة إشارته إلى أنّ "النظام الحالي يخشى مواجهة الشباب وجهاً لوجه، ويخشى إحراجه حال رفض بعض الكيانات لقاء السيسي"، يقول الشافعي إنّ الأخير "يدرك أنّ سقف مطالب وطموحات الحركات الشبابيّة عالية عن إمكانية تحقيقها بشكل تفاهمي، لأن النظام يرى أنّه تملّك زمام الأمور في البلاد".

وفي السياق ذاته، يشدّد القيادي في جبهة طريق الثورة، رامي شعث، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، على أنّ "السيسي لا يضع في حساباته من كان سبباً في وصوله إلى الحكم"، لافتاً إلى أنّه "يدرك رفض الشباب له ولنظامه الجديد، بالشكل الذي يفتح معه النظام المعتقلات والسجون للشباب، بدلا من فتح أبواب البرلمان والوزارات".

ويوضح شعث أنّ "النظام الحالي، بأركانه كافة، يُدرك الخطر الذي يمثله الشباب، في حال استمرار حالة الغضب ضدّه، ويمكن أن يتكرر معه ما حدث مع الرئيس المخلوع حسني مبارك ومرسي". ويضيف: "لا يعرف السيسي حجم الطاقات السلبية لدى الشباب، الذي يجب العمل على احتوائه وسماع مشكلاته"، مؤكداً "قدرة الشباب على استمرار الضغط على النظام حتى تغيير سياساته الفترة المقبلة أو إسقاطه إذا لزم الأمر".

من جهته، يعرب الخبير السياسي، أمجد الجباس، عن اعتقاده بأنّ "تجاهل النظام الحالي للشباب، أمر متعمد ومقصود من نظام لا يعتمد في الأساس إلا على (العجزة)". ويقول لـ "العربي الجديد"، إنّ "السيسي الذي يتحدث عن دور الشباب وضرورة دعمهم، ليحدثنا عن درجة اعتماده على الشباب على الأقلّ في مؤسسة الرئاسة المصريّة".
ويشير إلى أنّ "الشباب المصري يرى النظام الحالي عاجزاً عن تحقيق آماله وطموحاته، والتي شارك من أجلها في ثورة 25 يناير"، متوقّعاً أن "تزداد الفجوة بين السيسي والشباب أكثر وأكثر خلال الفترة المقبلة، وهو ما يمكن أن يترتب عنه ثورة على النظام الحالي، لكنّها ستأخذ وقتاً أطول". ويلفت الجباس إلى أنّ "الشباب لن يشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء بخوض الانتخابات أو التصويت، باعتبار أنّ الانتخابات فتحت المجال أمام سيطرة رأس المال والعصبيات وفلول الوطني على البرلمان المقبل".

المساهمون