مؤشرات على موقفٍ أميركي جديد سورياً

19 فبراير 2017
عائلة سورية نازحة (أمين صنصار/الأناضول)
+ الخط -

تأمل المعارضة السورية بتبدّل "جوهري" في موقف الإدارة الأميركية الجديدة، من شأنه "كسر" الاحتكار الروسي الإيراني، الذي يحاول خلق حقائق على الجغرافيا السورية يصعب تجاوزها، من أجل تعزيز نفوذ يكاد يرقى إلى مستوى الاحتلال العسكري المباشر. وظهرت أولى مؤشرات التحوّل الأميركي حيال القضية السورية، من خلال تصريحات لوزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون، هدد فيها روسيا، حليفة نظام بشار الأسد الأبرز، بأن "بلاده لن تتعاون عسكرياً معها، قبل أن تتوقف موسكو عن وصف كل معارضي النظام السوري بالإرهابيين"، وهو ما اعتبرته مصادر في المعارضة "مؤشراً إيجابياً على تغيّر في السياسة الأميركية لصالح الشعب السوري".

وبدأت المعارضة باستكشاف موقف الإدارة الأميركية الجديدة من القضية السورية، قبيل أيام من جولة رابعة من مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، من المتوقع أن تتناول القضايا الأكثر أهمية في المسار التفاوضي بين المعارضة والنظام، وفي مقدمتها الانتقال السياسي، والانتخابات، ومسألة الدستور.

وذكرت مصادر في الائتلاف الوطني السوري لـ "العربي الجديد" أن "الأمين العام للائتلاف عبد الإله فهد، وعضو الهيئة السياسية بدر جاموس، التقيا في العاصمة الأميركية واشنطن، يوم الجمعة، مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي، المشرف على الملف السوري مايكل راتني". وصدرت العديد من المؤشرات التي تؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة على وشك "نسف" استراتيجية المهادنة التي اتبعتها إدارة الرئيس باراك أوباما مع الروس والإيرانيين في سورية على مدى سنوات، والتي مكنتهم من السطو المسلّح عليها.

وكان السوريون يتوقعون أن تقف إدارة الرئيس السابق مع مطالبهم السلمية بالتغيير الديمقراطي، ولكن هذه الإدارة اكتفت بدور المتفرج على التراجيديا السورية، ما أدى إلى إطالة أمد الصراع، ودخول روسيا وإيران كلاعبين معطلين لأي حل سياسي يستبعد بشار الأسد، وأركان حكمه من السلطة. وردّد معارضون سوريون أن "إدارة الرئيس السابق أوباما خدعتهم، ولم تحاول الدفع بشكل جدي باتجاه إيجاد تسوية، بل تركت سورية تأكل نفسها، ولم تعترض على تدخل إيراني، ومن بعده روسي مباشر، جنّب النظام السقوط، وعرّض البلاد للتشظي والتقسيم".



بدوره، اعتبر معارض سوري مقيم في واشنطن، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "لا انقلاب وشيكاً في موقف الإدارة الأميركية حيال الملف السوري"، مشيراً إلى أنه "لا تغيير حتى الآن، والمعلومات تتحدث الآن عن دراسة الملف السوري من قبل الإدارة الجديدة. وهذه الدراسة ستأخذ وقتاً أطول مما كنا نتوقع".

من جانبه، رأى الدبلوماسي السوري المعارض، بسام العمادي، أنه "من المبكر إجراء تقييم لموقف الإدارة الأميركية تجاه الملف السوري، غير أن هناك مؤشرات جدية على أن موقفها سيكون مختلفاً عن موقف إدارة أوباما". واستشهد بتصريحات تيلرسون التي تؤكد على أنه "لا تعاون عسكرياً مع روسيا قبل أن تتوقف عن وصف كل معارضي النظام السوري بالإرهابيين". وطالب العمادي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، المعارضة بـ"الاستفادة من هذا المستجدّ، والعمل على تعزيز هذا الاتجاه بإجراء مشاورات مع جهات دولية لإفشال التكتيك الروسي"، معرباً عن قناعته بأن "ما صدر عن اجتماع مجموعة العشرين، من تأكيد على أنه لا مسار موازياً لمسار جنيف، يعني أن الغرب لا يقبل بالمناورات الروسية في أستانة، وغيرها". ورأى أن "المؤشرات تفيد بأن سياسة الإدارة الجديدة لن تكون كالقديمة، خصوصاً في ما يتعلق بالموقف من إيران".

ومن المتوقع أن تضغط الإدارة الأميركية الجديدة باتجاه دفع طهران لسحب المليشيات التابعة لها من سورية، في إطار سياسة أميركية أشمل تستهدف عزل إيران التي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها "الراعي الأول للإرهاب في العالم". كما رأى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، أسامة تلجو، أن "التغيير في الموقف الأميركي حيال القضية السورية أكيد"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، بأنه "ليس من الواضح حتى الآن اتجاه هذا التغيير". وأعرب عن قناعته بأن "تغيّر موقف الإدارة الأميركية الجديدة تجاه إيران سيكون ذي فائدة للشعب السوري"، وفق قوله. وتعوّل المعارضة السورية على موقف غربي يدعم تنفيذ قرارات دولية خاصة في القضية السورية في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف السويسرية المرتقبة في 23 فبراير/شباط الحالي، تدعو إلى انتقال سياسي "ذي مصداقية" يعارضه النظام وحلفاؤه.