التيار الصدري يصعّد ضد إيران: تصدٍ لمحاولة إضعافه قبل الانتخابات

08 اغسطس 2017
تظاهرات للتيار الصدري في بغداد (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

بين بدء الحراك السياسي للتيار الصدري، نحو السعودية، وتكريسه بزيارة زعيم التيار مقتدى الصدر الرياض، والتواصل المستمرّ بين أفرقاء عدة، بغية تدشين تحالف واسع في مواجهة رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، تستمر المواقف التصعيدية بين "التيار الصدري"، الذي بات يقدّم نفسه كممثل عن "التيار العربي الشيعي" في العراق، وبين إيران والأحزاب الموالية في العراق، وذلك للشهر الثاني على التوالي. وفي هذا الصدد، ازدادت حدّة التصريحات الصدرية أخيراً، إثر مطالبة مقتدى الصدر حلّ مليشيات "الحشد الشعبي" وضرورة "انتهاء مرحلة المحاصصة الطائفية في العراق"، ومن ثم تقاربه المعلن مع التيار المدني، الذي يضمّ الحزب الشيوعي العراقي، وأيضاً مع حركة الوفاق بزعامة إياد علاوي، بالإضافة إلى التعاون مع شخصيات وكتل سنية عراقية، ما زالت المباحثات غير ناضجة للإعلان عن دخولها في تحالف سياسي مع الصدريين.

وعلى وقع زيارة الصدر إلى السعودية أخيراً، اعتبر القيادي البارز بالتيار الصدري، عواد العوادي، أن "حصر تهمة الإرهاب بالدول العربية وتركيا غير صحيح"، مبيّناً أن "هناك تقارير تتهم إيران بالتورط بالإرهاب وعلاقتها بتفجير مراقد سامراء عام 2006"، حسبما ذكر في لقاء تلفزيوني محلي.

في هذا السياق، ذكر قيادي صدري بارز لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر لا علاقة له بالزيارة الأخيرة للسعودية على الإطلاق إنما هو أمر عراقي داخلي". وأضاف أن "إيران تحاول فرض وصاية على جميع الكتل بمن فيهم التيار الصدري في ملفات سياسية وأمنية عراقية مختلفة، ومنها أنها تعارض أي انفتاح عراقي على الدول العربية وتضغط باتجاه ملفات، نجدها تضر بالعراقيين على المدى القريب".

وأكد أن "إيران اليوم وضعت رهانها على قائمة انتخابية ستعلن تابعة لمليشيات الحشد، يضاف لهم نوري المالكي بينما تحاول أن تضعف التيار الصدري في مناطق نفوذه"، مستدركاً أنه "لا ندري هل هذا الموقف تجاه الصدريين بتوجيه من المرشد علي خامنئي، أم أنه اجتهاد من قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني)، لكن بكل الأحوال نحن نعتبر أنها محاولات لإضعاف التيار الصدري بالعراق كعقوبة له على عدم التزامه بما ألزمت به كتلاً أخرى".



مقتدى الصدر الذي خاض يوم الجمعة الماضي حراكاً شعبياً واسعاً للمطالبة بتغيير قانون الانتخابات الذي سنّته الأحزاب المتنفذة على مقاسها، طالب خلال الاحتجاجات بحل مليشيا "الحشد الشعبي" التي تعتبر الابن الشرعي لقوات الحرس الثوري الإيراني.

هذه المطالبة استفزّت خصوم الصدر من حلفاء إيران وأبرزهم نواب "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي، كالنائبة رحاب العبودة، التي حذّرت من مغبة المطالبة بحلّ مليشيا "الحشد الشعبي". واعتبرت خلال مقابلة تلفزيونية أن "المطالبة بحلّ المليشيا، هي كالمطالبة بحلّ الجيش العراقي"، متهمة المطالبين بذلك بأن "لديهم أجندات مختلفة عن العراقيين".

تصعيد وتصعيد مقابل، هكذا جرت الأحداث بين الصدر وخصومه، ففي الوقت الذي وصف فيه الصدر الجماعات المسلحة في "الحشد الشعبي" التي ترفض التخلي عن سلاحها بـ"المليشيات"، ردّ عليه خصومه بالقول إن "هذه المليشيات جزء من مؤسسات الدولة، وأن المطالبة بحلّها تعتبر استهدافاً للمؤسسة العسكرية".

مقتدى الصدر الذي أثبت قدرته على تحريك جمهور واسع ضد الأحزاب الكبيرة المدعومة من إيران، دفع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى التدخل لمنع التصعيد أكثر بين الصدر والكتل الأخرى حول "الحشد"، معلناً أن "الحشد الشعبي جزء من المنظومة العسكرية التي ستشارك في معركة تحرير بلدة تلعفر (غرب الموصل) قريباً".

وعلى الرغم من تأكيد نواب وجماهير التيار الصدري في أكثر من مناسبة عدم رغبتهم بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، إلا أن هذا الرفض ظلّ خجولاً حتى العام الماضي، حين ردد متظاهرون صدريون اقتحموا مبنى البرلمان العراقي، شعارات مناهضة لإيران، لكن الأمر مختلف اليوم مع وصول التصعيد إلى أشدّه.



يأتي ذلك في وقت صوّت فيه البرلمان، أمس الإثنين، على اعتماد قانون "سانت ليغو المعدّل 1.7" (الخاص بتوزيع المقاعد) لانتخابات مجالس المحافظات المقبلة، التي تخدم القوى السياسية الكبيرة على حساب الصغيرة، بحسب نواب كتلة "الأحرار" التابعة للتيار الصدري الذين انسحبوا من جلسة التصويت، احتجاجاً على القانون الذي وصفوه بـ"المجحف".

بدوره، اعتبر الوزير السابق، القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، علي الأديب أن "التظاهرات الأخيرة ضد قانون الانتخابات تقف وراءها أطراف خارجية، تستغلّ أتباعها في الداخل"، واصفاً الخصوم بـ "العملاء الذين يبحثون عن أية زلة ضد الآخرين".

التصريحات الهجومية للصدريين ضد إيران وجّهت رسالة مفادها بأن خروج التيار الصدري من العباءة الإيرانية يكاد يكون حقيقيا لأسباب عدة أبرزها، الدعم الإيراني لقانون الانتخابات الجديد "سانت ليغو المعدل" الذي يُبقي حزب الدعوة ممسكاً بدفة الحكم في البلاد لأربع سنوات أخرى، فضلاً عن الدعم الإيراني المعلن لمليشيا "الحشد الشعبي" التي اصبحت خطراً يهدّد التيار الصدري. كما يحسب وفقاً لمراقبين للتيار انتفاضته ضد إيران التي ستضمن له عشرات الآلاف من الأصوات الانتخابية لقبائل جنوبي العراق، والتي تعارض بشدّة تمدّد النفوذ الإيراني في العراق منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.

وحول ذلك قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد أحمد كمال الطائي، إن "التصعيد بين الصدر أو التيار الصدري بشكل عام وإيران، يُمكن اعتباره مشاكسة لا أكثر"، مضيفاً أن "طبيعة العملية السياسية بالعراق طائفية، ولا يمكن لرجل دين تقديم نفسه كزعيم لطائفة ما، أن يتبنّى غير الفكر الذي ظهر به، لكن ما يجري بين الصدريين والمعسكر الإيراني بسبب تمرّد الصدر على قرارات إيرانية، منها دعم قائمة انتخابية للحشد الشعبي واستمرار دعمهم لحزب الدعوة، يعني تبدد حلم الصدريين الفوز بمنصب رئيس الوزراء كما يطمحون خلال الانتخابات المقبلة".