وانتهى النشطاء ومكونات الحراك الشعبي إلى إصدار بيان يتضمن نداءً إلى من وصفهم "بالمناضلين من أجل الديمقراطية والحريات" لوقف وتعليق التظاهرات الشعبية التي تُنظم أيام الثلاثاء والجمعة والسبت.
وذكر البيان أنه "من منطلق المسؤولية الأخلاقية في هذا الظرف والوعي بدقة المرحلة تحتم الإقرار بوجود مخاطر متعاظمة تمسّ السلامة البدنية للجزائريين والصحة العامة، ندعو الطلبة والمناضلين من أجل الديمقراطية والحريات إلى تعليق ظرفي لتظاهرات الحراك الشعبي".
ودعا البيان الناشطين والمجموعات الشبابية المنخرطة في الحراك إلى "الاستعداد للمساهمة في أي مجهود مجتمعي تعاضدي لمواجهة أية تطورات تمسّ سلامة الصحة العامة".
وأكد البيان أن تعليق التجمعات والتظاهر السلمي لا يعني تجاهل الدفاع عن الناشطين الموقوفين في السجون والملاحقين قضائياً، و"لا يعفي من الاستمرار بأشكال سلمية أخرى وممكنة في رفع المطالب الديمقراطية والدفاع عن الناشطين الموقوفين الذين يجب إعادة تمتعهم بحقهم في الحرية، وكذا إنهاء التضييق على الناشطين قيد الملاحقات القضائية".
وأوضح البيان أن قرارات تعليق التظاهرات جاء أيضاً "لعدم الثقة في نجاعة التدابير التي تتخذها السلطات العمومية إزاء حماية الصحة العامة للمواطن، فضلاً عن الوضع المقلق للمنظومة الصحية بسبب سوء التدبير".
وعلى الرغم من أن قرار التعليق مؤقت ويشير إلى العودة وقتما تسمح به الظروف للتظاهر، إلا أن البيان لفت إلى أن لدى الناشطين مخاوف من أن تعرقل السلطة لاحقاً أية إمكانية حصول الجزائريين على حقهم الدستوري في التظاهر السلمي بحجة احتلال الفضاء العام. ويقرّ عدد من الناشطين بجدية هذه المخاوف في حال تعليق تظاهرات الحراك الشعبي.
ويعتبر الناشط سفيان هداجي، وهو أحد وجوه المجموعة التي ساهمت في إطلاق فكرة الحراك قبل 22 فبراير 2019، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك تخوفاً من أن تقدم السلطات على استغلال وقف التظاهرات لإطلاق حملة اعتقالات تستهدف الناشطين من جهة، ومنع الحراك من العودة إلى الشارع، مضيفاً: "لدينا مخاوف مشروعة من أن السلطة لن تسمح للحراك بالعودة للتظاهر لاحقاً، وكثيرة هي المؤشرات التي تدل على ذلك".
من جهته، دعا منبر الوطنيين الأحرار، أحد مكونات الحراك إلى وقف التظاهرات. واعتبر، في بيان منفصل، أن "مسؤولية النّضال من أجل جزائر الحريات والسيادة الشعبية لا تقلّ عن مسؤولية حفظ الأنفس والأرواح"، لافتاً إلى أنّ "الموقف العاقل يستدعي تعليق التجمّعات والتظاهرات الميدانية، وما ينطوي عليها من وجود أعداد كبيرة في حيّـز جغرافي صغير". ودعا في المقابل إلى "تعبئة طوعية عامة في أوساط الجزائريين، خصوصاً الشباب، تحسباً لأيّ تطورات مرتبطة بتفشي المرض والمساهمة في التوعية والدعم في حال وصول الأمور إلى حجر صحي شامل أو جزئي"، مشيراً إلى أن الحراك سيستمر في مطالباته وفي معركة الحريات والتغيير الجذري بوسائل بديلة.
ويشير فراد، في ذات السياق، إلى أن السلطة مطالبة من جانبها بتغليب الحكمة والتعقل والحد من حملة الاعتقالات والملاحقات ضد الناشطين، خاصة أن الظرف يستدعي إلغاء المنطق الأمني في التعامل مع الشارع.
ويجتمع اليوم النشطاء في الحراك الطلابي لإعلان قرار بوقف التظاهرات قبل يوم غد لحثّ الطلبة على عدم الخروج في التظاهرات التي تنتظم كل ثلاثاء.
وأعلن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية موقفه الداعم لقرار وقف التظاهرات الشعبية، وعلّق رئيسه محسن بلعباس في تغريدة نشرها، قائلاً إن "تسبيق صحة الجزائريين مسؤولية الجميع".
Twitter Post
|
وتتوجه "كتلة البديل الديمقراطي" التي تضم التجمع وجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال وقوى مدنية أخرى في اجتماع يعقد اليوم إلى دعوة لتعليق التظاهرات.
ويتوقع المراقبون الاستجابة لقرار تعليق التظاهرات بدءاً من يوم غد الثلاثاء، خاصة أن مجموع المكونات السياسية والمدنية المشاركة في الحراك توافقت على هذا التوجه حماية لسلامة المتظاهرين، وتخوفاً من انفلات الوضع، خاصة مع تأخر التدابير الحكومية في مواجهة انتشار فيروس كورونا.