خطاب السيسي.. رسائل تكشف هواجس وأزمات نظامه

22 فبراير 2015
حاول السيسي نفي وقوع ضحايا مدنيين في ليبيا (Getty)
+ الخط -

 لم يقدم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، جديداً في خطابه المسجل إلى الشعب المصري، اليوم اﻷحد، على مدار ما يقرب من 45 دقيقة تقريباً، بخلاف إرسال رسائل إلى دول الخليج ورسائل أخرى تهدئة للشارع.

وتأتي رسائل السيسي للشعب المصري، في محاولة لتهدئته، عقب اﻹخفاقات التي منى بها خلال فترة حكمه، على مدار أكثر من 7 أشهر، فلم يتمكن النظام الحالي من تحقيق نقلة نوعية على الصعد السياسية أو اﻻقتصادية أو العدالة اﻻجتماعية.

فيلم قصير

وبدا خطاب السيسي، الذي يعتبر "فيلماً قصيراً"، إذ تخللته، لقطات فيديو وصور لجوﻻته الخارجية والعمليات العسكرية في سيناء، أقل أخطاء وتلعثماً من خطابات سابقة، نظراً ﻷن الخطاب كان مسجلاً وتم توزيعه على مختلف القنوات الرسمية والخاصة، وهو ما يدفع أن الخطاب مر بمراحل مونتاج كثيرة ليخرج بهذه الصورة.

وقد حاول السيسي، التطرق لكافة القضايا العالقة والشائكة التي طالت نظامه منذ توليه الحكم، وعكس طول مدة الخطاب، اﻷزمات التي سعى للتخفيف من وطأة تأثيرها، وعلى رأسها الضربة العسكرية المصرية على ليبيا، فضلاً عن قضية التسريبات، واﻷوضاع المعيشية السيئة، والوضع السياسي الداخلي.

وخلط في حديثه بين محور العدالة اﻻجتماعية، وبين قضايا مختلفة تمام، فتحدث حول قضايا خاصة بالفلاحين، وتأهيل العشوائيات، لكنه  لم يتطرق لجوهر العدالة اﻻجتماعية الخاصة بالدعم الذي يقلصه النظام على محدوي الدخل، فضلاً عن عدالة توزيع اﻷجور، وتطبيق الحد اﻷدني واﻷقصى للأجور، وجميعها قضايا لم يتم البت فيها منذ ثورة يناير.

في حين أن السيسي وعد في أكثر من مناسبة بتطبيق أهداف ثورة يناير، ومن ضمن أهدافها تطبيق العدالة اﻻجتماعية، وهو قلصه في حزمة إجراءات أقل بكثير من فكرة العدالة اﻻجتماعية.

في بداية الخطاب، أكد أنه جاء لتولي الحكم ليس فقط بناء على رغبة الشعب المصر وإنما بتكليفه، وهي محاولة للهروب من فشل النظام الحالي على تحسين اﻷوضاع الداخلية على كافة المستويات.

ضحايا سيناء

كما تحدث عن الضربات الجوية على ليبيا، وأنها جاءت في إطار رد الفعل على قتل المصريين على يد تنظيم "الدولة اﻹسلامية"، وشدد أكثر من مرة على أن مصر ﻻ تريد غزو أو اﻹغارة على الدول.

وقال الرئيس المصري، إن الضربة الجوية على ليبيا، لم تتم إلا عقب تحديد ورصد 13 هدفاً بدقة كبيرة، بيد أنه لم يتمكن على مدار ما يزيد عن 45 يوماً منذ خطف المصريين في ليبيا، من تحديد أماكن تواجدهم. فيما لم يشر إلى ضحايا الضربة الجوية على اﻷراضي الليبية من المدنيين، والتي أوقعت خلاف عشرات اﻹصابات، عدداً من القتلى.

وحاول نفي وقوع ضحايا من المدنيين جراء العمليات العسكرية في ليبيا وسيناء، قائلاً: "في رمضان كانت هناك عناصر إرهابية تفطر وبينهم نساء وأطفال، وتم إيقاف الضربة عليه".

لكن السيسي لم يذكر ما يقره الواقع وتحديداً في سيناء، حول وقوع ضحايا بشكل شبه يومي من المدنيين جراء العمليات العكسرية وقصف المنازل عشوائياً بالطائرات وبالقذائف، ومن بين الضحايا نساء وأطفال.

ولفت إلى تعزية بعض الدول العربية في قتل المصريين في ليبيا، وعرض الدعم على مصر في مواجهة التنظيمات اﻹرهابية، من بينهم ملك اﻷردن الملك عبد الله، فضلاً عن الشيخ محمد بن زايد، مشيراً إلى أن مصر ترى ضرورة إقامة قوة عربية موحدة لمواجهة الأخطار التي تواجهها المنطقة للتغلب عليها.

أبرياء في السجون

وانتقل السيسي في حديثه من العمليات في ليبيا، إلى بعض القضايا الداخلية، دون اﻹشارة إلى التحوﻻت المصرية في التدخل العسكري داخل ليبيا، من ضرورة تشكل قوة عسكرية بدعم دولي للتدخل، ورفض مجلس اﻷمن التوجهات المصرية بالتدخل، واعتبار أن الخيار السياسي هو اﻷولى خلال المرحلة الحالية.

وأكد على محاسبة أي مسؤول ومقصر، وتحديداً في قضية شيماء الصباغ وأحداث الدفاع الجوي، أمام القضاء المصري.

وفي حين، شدد على عدم التدخل في أعمال النيابة والقضاء المصري، تطرق إلى حديثه مع النائب العام حول تقديم المتورطين في القضيتين إلى العدالة.

وأكد على وجود بعض اﻷبرياء داخل السجون، في حين ظل على مدار شهور وعبر حوارات صحافية وخطابات، يقول إنه ﻻ وجود للأبرياء داخل السجون.

كما تحدث عن محاسبة المقصرين، بدون أن يشر إلى مساءلة المتسببين في القبض على هؤﻻء الشباب اﻷبرياء، وتعويضهم عن الفترة التي قضوها داخل السجن.

ويبدو من خطاب السيسي أنه استجاب فقط لدعوات اﻷحزاب المؤيدة له، بخصوص اﻹفراج عن بعض الشباب المقربين منهم من شباب الثورة، في حين لا يلقي السيسي باﻻً بالشباب المعارضين له من التيار اﻹسلامي، والذين تم القبض عليهم ومحاكمتهم بلا أدلة أو قرائن، تكريسا للخلاف القائم مع التيار اﻹسلامي ومعاقبة شبابه على مواقفهم.



حرب الجيل الرابع

ولفت الرئيس المصري في حديثه، إلى تحسن العلاقات الخارجية المصرية وتحديداً على المستوى اﻹفريقي، بيد أنه نسى أن السبب في رفع تجميد عضوية مصر في اﻻتحاد اﻹفريقي عقب اﻻنقلاب العسكري، تم بناء على ضغوط مالية من بعض الدول الموالية والداعمة له، على بعض الدول الإفريقية.

وأعقب تصريحاته عن دول الخليج، بالتأكيد على أن مصر تتعرض لحرب من الجيل الرابع، في إشارة واضحة لقضية التسريبات التي طالت حديثه داخل مكتبه حينما كان وزيراً للدفاع.

وتطرق إلى حديثه مع ملوك ورؤساء الخليج، وتأكيده خلال اﻻتصال بهم على عمق وقوة العلاقات معهم،، وهو ما بدا أن التسريبات الأخيرة حول دول الخليج واﻹساءة لهم، كانت اﻷكثر تأثيرا وإضعافا للسيسي، خاصة وأن قضية التسريبات في الخطاب أخذت حيزا كبيرا من حديثه، فيما لم ينف صراحة كذب هذه التسريبات.

ولفت إلى أنه حاول إحداث توافق بين القوى السياسية خلال اللقاء معهم، حول تشكيل قائمة موحدة، وتناقض بشكل كبير في التأكيد على مبدأ المنافسة، في حين أن تشكيل قائمة موحدة يعني أن الشعب عليه أن يختار هذه القائمة فقط لعدم وجود بديل لها.

ويعد حديثه حول الانتخابات البرلمانية خيبة أمل في توحد القوى السياسية، نظرا لدعمه وتشكيل أغلبية توافق أهوائه، خصوصا مع اعتزام عدد كبير من فلول الحزب الوطني المنحل خوض غمار الانتخابات.

وحول المؤتمر الاقتصادي، أكد أن مصر تعد مشروع قانون اﻻستثمار الموحد وتكليف هيئة قناة السويس بإعداد مشروعات خاصة بها لعرضها خلال المؤتمر، خاصة وما يتعلق بمحاوﻻت إعاقة إتمام المؤتمر.

بيد أنه لم يتطرق إلى كيفية توفير مناخ اقتصادي واستثماري جيد في ظل اﻷزمات التي تواجهها مصر، وانتشار الانفجارات والخلل الأمني.


اقرأ أيضاً: زوبعة الزياني في بيانين: إيقاع خليجي مستجدّ مع السيسي

المساهمون