الوحدات السرية لجيش الاحتلال: فرق المستعربين ومتابعة قصور العرب

14 مايو 2016
تدريبات عسكرية لجيش الاحتلال بالجولان السوري المحتل (ليئور مزراحي/Getty)
+ الخط -
خصّصت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في عددها الصادر يوم الأربعاء، في خطوة غير مألوفة، عدداً من صفحاتها، تحت عنوان "أسرار الجيش الإسرائيلي". عنوان برّاق ومشوّق للقارئ الإسرائيلي للوهلة الأولى، لكنه قد يكون أيضاً رسالة للأطراف الأخرى وراء الحدود، لتثبيت المقولة الإسرائيلية عن "ذراع الجيش الطويلة". واختارت الصحيفة، إمعاناً في التشويق، عنواناً فرعياً في "ملحق الاستقلال" (ما تسميه إسرائيل "استقلال" دولة الاحتلال، أي النكبة)، وهو "جنود من وحدة لوطر يتدرّبون على السيطرة على فندق في إيلات، وجنود يراقبون قصر (الرئيس السوري بشار) الأسد".

ومع أن الغاية من التقرير دعائية كما يبدو، سواء لجهة استعادة شعبية الجيش في نظر الإسرائيليين، أم للإشارة إلى القوة العسكرية لمن هم وراء الحدود، ولعلّ هذا هو الأرجح، إلا أنه يبدو مفيداً استعراض ما جاء في التقرير المذكور، مع الأخذ مسبقاً بأهدافه الدعائية، لأن الجيوش والدول لا تكشف عادة عن أذرعها السرية وتكتفي بمسمى الوحدات السرية والوحدات المختارة.

وحدة المستعربين "دوفدوفان" (الكرز)
تُشكّل هذه الوحدة، التي تأسست عام 1986، رأس الحربة لدى قوات الجيش الإسرائيلي، في اقتحام التظاهرات، من خلال تنكّر أفرادها بالزي الفلسطيني الشعبي، مع ما يرافق ذلك عادة من حمل حجارة أو إلقاء خطبة فلسطينية والتلثّم خلال المواجهات، بحجة "عدم كشف هوية أصحابها خوفاً من تسليم العملاء لهم أو الإيقاع بهم".

وقد نشطت هذه الوحدة بشكل خاص ومكثّف للغاية في الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987 ـ 1993). كما أُعيد تفعيلها بشكل أكبر أيضاً خلال الانتفاضة الثانية (2000 ـ 2005). وارتبط اسم الوحدة بعدد كبير من الاعتقالات والتصفيات التي نفّذها أفرادها ضد ناشطي الانتفاضة الأولى والثانية، في وضح النهار. ولا تزال الوحدة تنشط في مدن الضفة الغربية المحتلة، خصوصاً في نقاط الاحتكاك مثل القدس المحتلة، وعند تنظيم احتجاجات شعبية في مدن الضفة، إذ ينضم أفراد الوحدة للمتظاهرين، حتى يتمكنوا من تحديد هوية المنظمين أو البارزين في عملية الاحتجاج، لإعطاء الإشارة بالانقضاض عليهم لاعتقالهم، أو تصفيتهم وإعدامهم ميدانياً.

سرية الكوماندو البحرية 13 (شايطيت 13)
خلافاً لأعضاء وحدة "دوفدوفان"، الذين ينشطون علناً في قلب المدن الفلسطينية في الأراضي المحتلة، خلال المواجهات، فإن أفراد السرية 13 التابعة للكوماندو البحري، ينشطون أساساً في العمليات السرية لجيش الاحتلال. ويكون نشاطهم موجّهاً عادة لعمليات إنزال في الدول العربية، وعلى رأسها بطبيعة الحال لبنان، إذ كان أفراد هذه السرية مسؤولين عن عمليات اغتيال عدد كبير من قادة وعناصر المقاومة الفلسطينية في لبنان، ولاحقاً عدد من عناصر حزب الله.
ووفقاً لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن "مدينة عتليت التاريخية التي أفرغتها إسرائيل من سكانها الفلسطينيين، تُشكّل مقرّاً لقاعدة الكوماندو، وتدريباتهم، التي تُدمج أيضاً بتدريبات عسكرية لوحدات البرّ، لا القوات البحرية. ويستعين أعضاء هذه السرية في عملياتهم وراء الحدود، التي تقوم على التسلل عبر الشواطئ، بجملة من المعدات والوسائل المتطورة. كما يتزيّن أفرادها بشعار الخفاش، للدلالة على نشاطهم السري في الظلام وتحت جنح الليل".

البئر العميقة تحت الأرض
هو الاسم المستخدم للإشارة إلى مقرّ القيادة العليا لعمليات جيش الاحتلال، في قلب تل أبيب، تحت سطح الأرض، الذي تتمّ عبره عملية مراقبة كافة الجبهات والعمليات الجارية، ومتابعتها. وهو مركز يعمل بشكل دائم. وإلى هذا المقر تصل كافة التقارير والمعلومات، وكل تفصيل صغير وكبير، فضلاً عن تطور العمليات المختلفة لمختلف الأذرع، ويتم تبادل المعلومات وتشبيكها لبلورة تقدير للموقف العام يرفع للقيادة العسكرية والأمنية العليا.

سرية كوماندو أغوز
سرية كوماندو برية، تتدرب وتختص بحرب العصابات والقتال في الأماكن الجبلية الوعرة. تشكّلت الوحدة عام 1995، تحديداً لمواجهة حزب الله، وقد أخذت هذه السرية اسمها من اسم سرية كوماندو التاريخية التي كانت في الجيش الإسرائيلي في عهود ماضية، وتتبع لوحدة غولاني. وقد تم تغيير شارة الوحدة، ومنحها شارة كوماندو، مع تغيير لون حذاء الجنود فيها للأحمر.

السرية البحرية 3
سرية تقوم أساساً على جنود سلاح البحرية في السفن الحربية، والزوارق المحملة بالصواريخ. تُركّز السرية نشاطها في الاستعداد لعمليات الاعتراض في قلب البحر، والقتال قبالة الشواطئ اللبنانية، وإذا لزم الأمر توفّر غطاءً من القصف الصاروخي. وفي السنوات الأخيرة، تم تعريف مهام هذه السرية مجدداً بـ"حفظ وحماية المنشآت الاستراتيجية لإسرائيل في عمق البحر"، خصوصاً حقول الغاز ومنصات استخراجه. وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن "المساحة الكلية التي تغطي هذه السرية حمايتها هي ضعف مساحة إسرائيل".

وحدة "لوطر" لحماية إيلات
وحدة كوماندو برية، تمتاز عن غيرها من الوحدات الخاصة، بكونها تتشكّل بالأساس من جنود الاحتياط. وهي وحدة تختصّ في الاستعداد لحماية مدينة إيلات وفنادقها، من عمليات اقتحام وسيطرة عليها من قبل عناصر فدائية، أو عناصر تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتنظيمات جهادية سلفية باتت تنتشر في سيناء. كما تمتاز هذه الوحدة بأن كافة أفرادها هم من سكان مدينة إيلات نفسها، ممن قرروا العيش في المدينة بعد إنهاء خدمتهم في الجيش النظامي.

الكتيبة 33 لتأمين الحدود مع سيناء
تأخذ اسمها من واقعة مقتل 33 مجندة في عصابات "البلماح" خلال حرب النكبة (1948)، بحسب الرواية الإسرائيلية. وتمتاز الكتيبة بكونها مختلطة، أي تضم في صفوفها جنوداً وجنديات يقومون بعمليات قتالية فعلية، بما في ذلك الاشتباك وإدارة المعارك. وهي أول كتيبة مختلطة في جيش الاحتلال. تختص هذه الكتيبة بتأمين الحدود الفلسطينية (المحتلة) ــ المصرية على امتداد السياج الحدودي مع سيناء. وتنتشر الوحدة على امتداد هذا السياج، لمواجهة عناصر "داعش"، تحديداً بعد إعلان تنظيم "ولاية سيناء" مبايعته لـ"داعش". وقد تعرض أفراد الكتيبة قبل عامين لهجوم شرس واشتباك مع عناصر من تنظيم "القاعدة" أيضاً، وذلك قبل إعلان تأسيس "ولاية سيناء".

وحدة ماجلان للقتال الحضري في قلب المدن العربية
تعتبر من أهم وحدات القتال البري، التي تتدرب على القتال داخل المدن العربية (خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس المقصود مدن الداخل الفلسطيني). وقد أقام الجيش الإسرائيلي مدينة كاملة تحاكي التخطيط الحضري في المدن العربية، والأجواء الكاملة لهذه المدن، لناحية واجهات المباني، والطرق، والبنى التحتية فيها. وقد تأسست هذه الوحدة قبل أكثر من 35 عاماً. وهي التي شارك عناصرها في القتال داخل العاصمة اللبنانية بيروت (1982)، وفي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، إبان عدوان "السور الواقي" (2002) الذي شنّه رئيس الوزراء الراحل آرييل شارون، وانتهى باجتياح كامل المدن الفلسطينية. وعلى ما يبدو، فإن أفراداً من هذه الوحدة نشطوا في عمليات إسرائيلية في مدن عربية مختلفة.

وحدة الكوماندو ريمون لمواجهة غزة
تأسست هذه الوحدة عام 2010، وتخضع لقيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال. ينشط أفراد الوحدة بعمليات علنية، ولكن أيضا بعمليات سرية، تختص بتوغل أطقم منها في قطاع غزة. وبحسب الصور التي نشرتها "يديعوت أحرونوت"، فإنها وحدة برية تختصّ أيضاً بفنون الاختفاء والاندماج مع المبنى الطوبوغرافي للموقع ولون سطح الأرض فيه. ويستخدم مقاتلو الوحدة عربات تنقّل خاصة بالطبيعة الرملية والصحراوية، تدعى "القطط البرية". وينتشر أفراد الوحدة على الحدود مع غزة، كما يجرون تدريبات في مناطق إيلات الجبلية.

وحدة المراقبة والتجسس البصرية 9900
وحدة خاصة يتمحور عملها في متابعة صور الأقمار الصناعية، والصور التي تلتقطها طائرات التجسس الإسرائيلية في مناطق مختلفة في الشرق الأوسط، سواء تلك المُرسلة خصيصاً لأوقات معلومة، أو الصور التي تلتقطها الطائرات من دون طيار. ويعمل عناصر هذه الوحدة على تحليل الصور التي تصل إلى مركز الوحدة، ومقارنتها بالصور المختلفة التي تتوفر من الأقمار الصناعية، ومن مصادر مختلفة، يعتمد عليها الجيش بأذرعه المختلفة لتأمين معلومات، سواء عن حجم القوات العسكرية للجيوش العربية، أو مواقع انتشارها وتنقلاتها في داخل البلدان العربية.
وتوفر هذه الوحدة، في ساعات تنظيم عمليات توغل أو عمليات كوماندو سرية، المعلومات الخاصة بالوضع الميداني، وهي بمثابة وكالة مراقبة للدائرة الأوسع لوجود أفراد وعناصر الكوماندو. ويتلخص عمل أفراد الوحدة بترجمة الصور والمشاهد التي تصلهم عبر الشاشات والأقمار، إلى معلومات ميدانية.

سرية هيئة الأركان
هي السرية الأعلى مرتبة في جيش الاحتلال، ويشكل أفرادها والعاملون فيها المخزون البشري لقيادة أركان الجيش لاحقاً، وتوزيعهم على قيادات أذرع الجيش، بدءاً من قادة المناطق الرئيسية في جيش الاحتلال، مثل المنطقة الشمالية (الحدود مع سورية ولبنان)، والمنطقة الوسطى (الضفة الغربية)، والمنطقة الجنوبية (قطاع غزة). وقد نسج الاحتلال أساطير عن نشاط هذه الوحدة النخبوية والعمليات التي نفذتها وراء الحدود وفي قلب دول عربية، مثل عملية فردان (إبريل/ نيسان 1974 في بيروت)، واغتيال "الأمير الأحمر" علي حسن سلامة (يناير/ كانون الثاني 1979 في بيروت)، وعملية اغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" (إبريل 1988 في تونس). ومن هذه الوحدة خرج عدد من قادة الجيش ووزراء الأمن، أشهرهم إيهود باراك، الذي شارك في عملية فردان، ووزير الأمن الحالي، موشيه يعالون، الذي شارك في عملية اغتيال خليل الوزير. كما خدم رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، في هذه الوحدة عندما كان باراك قائداً لها.
المساهمون