اجتماع فيينا: ردود فعل متباينة في الأوساط السورية

24 أكتوبر 2015
السوريون خارج اجتماع فيينا(Getty)
+ الخط -
تباينت ردود الفعل في الأوساط السورية المختلفة حول اجتماع فيينا الرباعي، لكنّها في الإجمال لم تحمل الكثير من التفاؤل بهذه الجهود، طالما لا تتوافر، حتى الآن، كما يبدو عناصر الحل، المرتبطة بقدرة أحد الطرفين على ترجيح كفته على الأرض، الأمر الذي سيجد ترجمته على طاولة المفاوضات.

وفي هذا السياق، قالت عضو جديد "الائتلاف الوطني السوري" ريما فليحان، إن "هناك خلافاً جذرياً حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما يظهر على الأقل في التصريحات المُعلنة من كل الدول التي تقع ضمن محور دول أصدقاء الشعب السوري، ومع هذا لا يمكن التنبؤ بالمرحلة المقبلة، لأن ما يظهر على الإعلام لا يعني بالضرورة حقيقة ما يحصل أو سيحصل".

ولفتت فليحان، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن "غياب السوريين يعني أن المسألة برمتها ليست بأيديهم في المرحلة الراهنة"، مضيفةً أنه "برأيي الشخصي، فإن الحل السياسي ضروري ورحيل الأسد أمر أساسي ومطلوب لتحقيق عملية الانتقال السياسي ونجاحها، وهذا يجب أن يكون على أساس جنيف (1)".

اقرأ أيضاً: لقاء فيينا السوري اليوم... والتفاهمات يحسمها "شيطان التفاصيل"

واعتبرت أنه "يمكن النظر بإيجابية إلى عملية انتقال سياسي"، لافتةً إلى أن هذا يعني أن "تتوقف الحرب وتخرج كل القوى الأجنبية من سورية من إيران لحزب الله، على أن تنزع الصلاحيات التنفيذية والتشريعية، أيضاً، من منصب رئيس الجمهورية لمصلحة هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، ويطلق سراح المعتقلين ويفك الحصار عن المدن المحاصرة، ومن ثم تتم تنحية الأسد خلال هذه الفترة المحددة سلفاً بجدول زمني يجب الاتفاق عليه".

وأضافت أنّه "عقب ذلك يتم الإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية حرة بعد أن تكون الحرب قد توقفت بحيث لا تكون للأسد أية فرصة، هو أو أي من المتورطين في جرائم الحرب في الدخول للحياة العامة مُجدداً، كما يجب أن تتم إحالة ملف الانتهاكات وجرائم الحرب المرتكبة في سورية لمحكمة الجنايات الدولية، في هذه المرحلة يمكن أن يعود كل اللاجئين والمهجرين إلى الوطن ويشاركوا في رسم مستقبل بلدهم".

وشدّدت عضو الائتلاف على ضرورة مباشرة عمليات العدالة الانتقالية مع بدء المرحلة الانتقالية، موضحةً أن "هذا هو الحل الوحيد المتاح كما يبدو وفق المعطيات الراهنة، وإلا فإنها ستكون حرباً طويلة الأمد ولا ضمانات حقيقة للموقف الدولي المتبدل يومياً، والذي يمكن أن يكون غادراً".

وأضافت "بصراحة فقدت الثقة في المجتمع الدولي وأتطلع إلى وقف القتل والمجازر في سورية، كما بات لدي قناعة كاملة أنه لا يوجد أي سوري يعلم فعلاً ماذا سيحصل في هذه المرحلة، هي فقط تحليلات وتمنيات".

من جهته، اعتبر عضو هيئة التنسيق الوطنية، منذر خدام، أن روسيا تريد الحفاظ على مصالحها، وهي الأكثر قدرة على التأثير على النظام، "ويبدو لي أن الدور الروسي مقبول أميركياً، بحسب بعض المصادر الأميركية".

ورأى خدام، في تصريح لـ"لعربي الجديد"، أن ما سماه بـ"الموقف المتشدد" من بقاء الأسد من جانب بعض القوى، ما هو إلا مجرد "ذريعة لتحصيل تنازلات على صُعد أخرى، خصوصاً في ما يتعلق بطبيعة النظام السياسي المستقبلي لسورية والعلاقة مع إيران".

أمّا عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية وعضو لجنة مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، صالح النبواني، فقال في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن اجتماع فيينا لن يخرج عنه شيء رسمي، لكن عموماً ننظر بإيجابية وبشكل نسبي، أن يكون بداية حل.

ورأى أنّه ليس من الضروري أن تعبر التصريحات الإعلامية عن حقيقة الاجتماعات، مُعرباً عن اعتقاده أن يكون هناك تفاهمات غير معلنة، لافتاً إلى عدم وجود أي تواصل من جانب هيئة التنسيق بشكل رسمي مع أي من الأطراف المجتمعة، غير أن الأمور ستتضح خلال الأيام المقبلة.

في المقابل، قال السياسي والكاتب السوري المعارض، فواز تللو، إنه "بعد استدعاء الأسد بمفرده إلى موسكو بطريقة تظهره كتابع لروسيا، بات من الواضح أن ما تم بحثه معه هو مسألة الحل السياسي، وليس الأمور العسكرية كما أعلن وقتها، ما يشير إلى أن الأمر الذي جرى بحثه لا يمكن بحثه عبر وسطاء وبحضور أحد بل مباشرة وعلى انفراد لحساسيته".

ورجح تللو، أنّه على الأغلب تم بحث طريقة "إخراج الحل السياسي المقبول من قبل الروس والأسد بما يضمن تقديم تنازلات شكليّة من قبل الأخير يتم الالتفاف عليها في النهاية، ومن المُؤكد أن شكل هذا الحل الروسي الأسدي (الإيراني بالضرورة) ما تم بحثه في لقاء وزراء الخارجية: وروسيا والسعودية وتركيا في فيينا".

ورأى تللو، أيضاً، أن تحرك روسيا يأتي "استعجالاً لقطف ثمار تدخلها العسكري وإنهاء المواجهة العسكرية عبر حل سياسي لصالح الأسد والروس والإيرانيين قبل التورط لفترات طويلة في المواجهة العسكرية مع ضمان وجود روسي طويل في سورية"، واصفاً الأمر بـ"ساذج" من قبل الروس الذين يجب أن يدركوا أن المواجهة لا تزال في بدايتها.

بدوره، أكّد مسؤول ملف اللاجئين الفلسطينيين في الحكومه السورية المؤقتة، أيمن أبو هاشم، أنّه "لا وجود للأسد في مستقبل سورية، وهذه حقيقة أقر بها حتى حلفاء الأسد في فيينا، لكنَّ الروس والإيرانيين يريدون ضمان مصالحهم أولاً، كي يكون لهم مكانة الشريك في مناطق الصراع على النفوذ في المنطقة، والدول الصديقة للشعب السوري تركيا والسعودية وقطر تحديداً، تريد ضمانات لخروج الأسد، بأسرع وقت، كي لا يتحولوا إلى كومبارس إقليمي ودولي".

وبالنسبة للموقف الأميركي، قال أبوهاشم، إن واشنطن "تقف بين الجانبين بانتظار الوقت المناسب للكلمة الفصل، وهي تسوية سياسية لا منتصر فيها، غير أن المعركة على الأرض تقول، إن الشعب السوري يرفض أن يكون الكعكة المعروضة للبيع، لكن المشكلة في كيفية تثمير تضحياته في الحلبة السياسية الحاشدة باللاعبين، والطريق نحو نهاية الصراع يتطلب مساومات غير متوقعة، وجاهزية الأطراف لتدوير الزوايا يحتاج إلى وقت إضافي، والمهم أن تبقى عين الثورة مفتوحة على متابعة مجريات الصفقة الكبرى، وعينها الأخرى على قلب الطاولة".

المساهمون