تقاطع مصالح بين "داعش" والنظام في جنوب دمشق

12 نوفمبر 2016
تبادل خدمات بين قوات النظام و"داعش" (Getty)
+ الخط -

تثير طبيعة العلاقة بين النظام السوري وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، العديد من نقاط الاستفهام، حيث لا يعكس ما يحدث على الأرض تصريحات النظام ورأسه، حول محاربة الإرهاب وعلى رأسه "داعش". وقال الناشط في جنوب دمشق، عبدالله الفلسطيني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش يسيطر على حي الحجر الأسود وجزء من مخيم اليرموك ومخيم فلسطين منذ سنوات، فيما تعد جبهته مع النظام من أهدأ الجبهات في جنوب دمشق، في وقت يقوم التنظيم باستنزاف الفصائل المسلحة المعارضة عبر فتح معارك بين الحين والآخر، حيث يشكل التنظيم خطراً دائماً على مناطق المعارضة"، مذكراً بأن "داعش سبق أن دخل مخيم اليرموك وقضى على فصائل المعارضة فيه، وعلى رأسهم أكناف بيت المقدس".

وأضاف الفلسطيني أن "مناطق التنظيم في جنوب دمشق محاصرة من جهة يلدا وببيلا وجزء من مخيم فلسطين من قبل الفصائل المسلحة المعارضة، التي تسمح بدخول كميات محدودة من المواد الغذائية، إلا أن التنظيم في المقابل يعتمد على النظام في تأمين باقي احتياجاته من قطع غيار لآلياته، بالإضافة إلى الوقود وحتى الذخيرة، وإن كان في مقابل مبالغ مالية كبيرة". وتابع: "يتلقى مقاتلو التنظيم الذين يحتاجون إلى رعاية طبية خاصة، كإجراء عمليات جراحية دقيقة، علاجهم في أحد المستشفيات الخاصة في دمشق، والذي أتحفظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية، مقابل ألف دولار على الأقل لإدخال كل شخص، في حين يتكفل التنظيم بتكاليف العلاج في المستشفى، بأسعار تفوق مثيلاتها في المستشفيات الخاصة الأخرى، ومن ثم يعادون إلى مناطق داعش". وتابع: "سبق أن أخرج داعش بالاتفاق مع ضباط النظام كميات كبيرة من النحاس، التي كان أحد كبار تجار جنوب دمشق جمعها من أشخاص قاموا بإذابة الأسلاك الكهربائية واستخلاص النحاس منها، وقدرت بأكثر من 50 طناً من النحاس، كما يتم إخراج أدوات كهربائية وغيرها".

وكانت قد انتشرت قبل أشهر أنباء عن توصل "داعش" إلى اتفاق مع النظام السوري، يقضي بخروج مقاتلي التنظيم وعائلاتهم، إضافة إلى المدنيين تحت سيطرة "داعش" في جنوب دمشق، إلى مناطق سيطرته في الشمال الشرقي من البلاد، قبل أن تتوقف العملية من دون ذكر الأسباب. وعن الحياة في مناطق "داعش" في جنوب دمشق، قال الناشط: "يعاني الأهالي في مناطق التنظيم من تطرفه، حيث يفرض عليهم قوانين متشددة، مثل الدرع الداعشي للنساء، وهو غطاء خاص، أسود اللون، فضفاض، يغطي ملامح المرأة بشكل كامل، كما يخضع الشبان لتفتيش دقيق يطاول أجهزتهم الخلوية، إضافة إلى فرض تربية اللحية". وأضاف: "كما يعاني الأهالي من صعوبة تأمين المواد الغذائية والأدوية، فقلة منهم تجرؤ على الخروج إلى مناطق فتح الشام والفصائل المعارضة للحصول على احتياجاتهم، خوفاً من التعرض للاعتقال أو التحقيق بتهمة العمالة للتنظيم". وبيّن أن "الكثير من سكان المناطق التي يسيطر التنظيم عليها في جنوب دمشق، هم من الفقراء الذين لا يملكون ملاذاً آخر، فقد سبق أن اختاروا العيش تحت القصف، على أن ينزحوا من منازلهم"، موضحاً "حتى النزوح إلى مناطق المعارضة في جنوب دمشق ليس بالأمر السلس، في ظل شبه الحصار الذي يفرضه النظام ومليشياته عليها، حيث يسمح بدخول كميات محدودة من المواد الغذائية، في ظل الهدن التي نجح بفرضها على مناطق جنوب دمشق، ومنها يلدا وببيلا وبيت سحم وعقربا".

وقالت مصادر معارضة في دمشق، طلبت عدم كشف هويتها، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام عمل طوال السنوات الماضية على تقسيم المناطق المناهضة له، عبر سياسة الحصار الطويل والقصف، ومن ثم فرض اتفاقيات هدن تعتمد على وقف إطلاق النار مقابل المواد الغذائية، لتتطور في مرحلة تالية إلى تهجير من لم يقبل العيش تحت سطوة النظام، كما حدث في داريا ومعضمية الشام، وقدسيا والهامة". وأضافت: "حتى المساعدات التي يسمح النظام بدخولها لا تغطي احتياجات المناطق المحاصرة، ما يزيد من الحساسيات بين الأهالي جراء الحاجة، والتي كانت تصل إلى حد الصدام في بعض الأحيان، بهدف إفقاد الفصائل المعارضة للحاضنة الاجتماعية وإشغالهم بتأمين احتياجات المدنيين وحل الصراعات الداخلية". ويذكر ناشطون أن هناك علاقات بين النظام و"داعش" في مختلف المناطق التي يتجاوران فيها، حيث يشتري النظام النفط من التنظيم، في حين حدث تبادل لمناطق السيطرة بين الطرفين في عدة مناطق، وخاصة في ريف حمص. كما ساعد التنظيم على محاصرة الفصائل المعارضة في ريف دمشق وريف حمص، وهو الذي سبق أن قضى على فصائل المعارضة في الرقة ودير الزور. يشار إلى أن الغالبية الساحقة من مقاتلي التنظيم في جنوب دمشق هم من أبناء المنطقة، الذين تعود أصولهم إلى محافظة القنيطرة، إلا أنهم نزحوا عنها جراء عدوان إسرائيل عام 1967، بالإضافة إلى عدد من أبناء ريف دمشق. ويعيش حاليا نحو ثمانية آلاف مدني تحت سلطة "داعش" في منطقة الحجر الأسود، التي سيطر عليها في أواخر العام 2014.

المساهمون