تحضيرات لتحرير الحويجة والقائم بعد انتهاء معركة الموصل

22 مارس 2017
200 ألف مدني فروا من الموصل (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -



نجحت القوات العراقية في تحقيق تقدّم جديد في الساحل الغربي للموصل عبر سيطرتها على حيي الرسالة وشقق اليرموك بشكل كامل، والتقدّم نحو منطقة الآبار ومشارف منطقة باب سنجار، بعد معارك عنيفة تخللها قصف جوي وصاروخي عنيف، ما جعل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في موقف حرج خصوصاً بعد خسارته أكبر مخازن الأسلحة التابعة له بعد قصف أميركي استهدف معملاً صناعياً يستخدمه التنظيم كمستودع للسلاح المتوسط والثقيل التابع له.
في غضون ذلك، كشفت مصادر عسكرية في وزارة الدفاع في بغداد أن سلسلة اجتماعات عراقية أميركية جرت خلال يومي الأحد والاثنين ناقشت البدء بإعداد خطة لانتزاع مدينتي الحويجة في كركوك والقائم في الأنبار من قبضة تنظيم "داعش" بعد الانتهاء من معركة الموصل، التي قدّرت المصادر ذاتها ألا تتجاوز ثلاثة أسابيع من الآن بهدف الاستفادة مما وصفته الزخم المعنوي العالي للجنود العراقيين بعد الانتصارات المحققة في الموصل.
وأبلغ مسؤول عسكري عراقي رفيع "العربي الجديد"، أن اجتماعات عُقدت الأحد والاثنين بين رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عثمان الغانمي ومساعدين له مع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي جوزيف فوتيل وقائد قوات التحالف في العراق وسورية الجنرال ستيفن تاونسند، جرى خلالها الاتفاق على بدء التحضير لعملية انتزاع قضاء الحويجة جنوب غرب كركوك شمال العراق ومدينة القائم أقصى غرب الأنبار من قبضة تنظيم "داعش" بعد الانتهاء من معركة الموصل بشكل مباشر. وأكد أن الأيام المقبلة ستكون عبارة عن بدء حصار المدينتين من قِبل قوات الجيش والشرطة الاتحادية حصراً، موضحاً أنه "لم يتم التطرق إلى أي دور للمليشيات في المعركتين بسبب حساسية الحويجة بالنسبة للأكراد في كركوك ووقوع مدينة القائم على الحدود مع سورية ومخاوف من أن يأخذ وجود المليشيات هناك طابعاً سياسياً".
أما معركة الموصل فلم تشهد منذ ليل السبت الماضي هدوءاً على مختلف المحاور، فالقتال مستمر وبضراوة، والتنظيم يقاتل كأنها معركة أخيرة له، كما قال العقيد الركن في قيادة عمليات الجيش العراقي حميد السلماني، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "قتال التنظيم شرس لكنه يقاتل الآن ليس للحفاظ على ما تبقى لديه من أحياء، بل لاستنزافنا وقتل أكبر عدد من قواتنا، لذا نحن على حذر تام خصوصاً في خطوط التماس معه".
من جهته، قال الرائد حسين هاشم من قوات الرد السريع، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الجيش تخوض حرب شوارع في منطقة سوق الأربعاء مع عناصر تنظيم داعش، وقواتنا تحافظ على المناطق التي سيطرت عليها في المنطقة وتقف على مشارف الجسر القديم في منطقة الكورنيش".
وأكد هاشم أن "المعلومات المتوفرة لدينا حول تنظيم داعش في منطقة الموصل القديمة تفيد بوجود حوالي ألف مقاتل من قوات النخبة في التنظيم داخل أزقة المنطقة القديمة، وهم يتنقلون بين أسطح المنازل والأزقة الضيقة عبر ممرات سرية انشؤوها بين جدران المنازل، بالإضافة إلى قيام قناصة التنظيم بالاختباء في أماكن يصعب إيجادها في المنازل والبنايات العالية"، لافتاً إلى أن "القوات العراقية تعرضت لخمس عمليات انتحارية وهجمات مسلحة في منطقة باب الطوب اضطرتها للانسحاب من بعض الشوارع لتجنّب الخسائر".
وأضاف هاشم أن "تنظيم داعش نجح في إخفاء آلياته المفخخة في مواقف السيارات التابعة لمنازل المنطقة وكذلك في المحال التجارية، وقد باغت انتحاريو التنظيم القوات الأمنية لدى محاولتها التقدّم في المنطقة من دون أن تتمكن طائرات التحالف الدولي من تدمير الآليات المفخخة قبل وصولها إلى القوات الأمنية".


في غضون ذلك، أعلنت مصادر عسكرية عراقية استمرار نزوح آلاف العائلات من مناطق غرب الموصل باتجاه مناطق سيطرة القوات العراقية في جنوب غرب الموصل هرباً من القصف المتبادل والمعارك المستمرة في ثلاث مناطق سكنية، بينما أكدت مصادر طبية ميدانية ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين الذين يُقتلون بفعل القصف العشوائي والغارات الخاطئة لطيران التحالف الدولي.
وقال طبيب يعمل في مركز طبي ميداني في منطقة حمام العليل جنوبي الموصل، إن "عشرات المدنيين قُتلوا خلال اليومين الماضيين نتيجة للقصف المتبادل بين القوات الأمنية العراقية وعناصر تنظيم داعش"، لافتاً إلى أن "عائلة مكوّنة من سبعة أفراد قتل جميع أفرادها بغارة لطيران التحالف الدولي استهدفت آلية تحمل رشاشاً كانت تقف بجوار المنزل في منطقة النبي جرجيس في الجانب الغربي لمدينة الموصل".
كما أشارت مصادر محلية من داخل مدينة الموصل بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "غارات التحالف الدولي المتواصلة وقيام القوات الأمنية العراقية بقصف مناطق مأهولة بالسكان واتخاذ عناصر داعش للمدنيين كدروع بشرية خلال المعارك ضد القوات العراقية، قد تسبب بمقتل مئات المدنيين، وما زالت جثث معظمهم تحت أنقاض المنازل، بينما تم دفن آخرين في حدائق المنازل والشوارع".
وأعلن مصدر في وزارة الهجرة العراقية لـ"العربي الجديد" أن " مخيمات حمام العليل والخازر استقبلت خلال الأيام الثلاثة الماضية أكثر من خمسة آلاف نازح من مناطق غرب الموصل". وأضاف المصدر أن "الحكومة العراقية قد أوعزت ببناء المزيد من المخيمات للنازحين في مناطق حمام العليل والخازر لاستقبال النازحين الفارين من مناطق القتال في غرب الموصل"، مبيناً أن عدد الفارين من ساحل الموصل الأيمن خلال ثلاثة أسابيع بلغ نحو 200 ألف مدني.