"السترات الصفراء" تدخل شهرها السابع.. وماكرون يدعو إلى الاحتكام للديمقراطية

17 مايو 2019
استمرار الحراك يؤرق السلطات الفرنسية (ستيفان دي ساكوتين/فرانس برس)
+ الخط -
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أثناء زيارته اليوم الجمعة، مدينة بياريتز، من أجل الإعداد لقمة الدول السبع الكبار، المحتجين في حركة "السترات الصفراء"، التي تدخل شهرها السابع، إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والمشاركة في اللعبة الديمقراطية، بدل الخروج في مظاهرات أسبوعية.


ماكرون عبّر عن "احترامه للنساء والرجال الذين قرروا قبل ستة أشهر ارتداء سترة (صفراء) من أجل الدفاع عن حياتهم وكرامتهم وشرْح أن حياتهم أصبحت مستحيلة".

ولكنه استدرك بالقول: "أعتقد، من جهتي، أني قدّمتُ جوابي للفرنسيات والفرنسيين حول الأسباب التي أدت إلى هذا الحراك، يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وفي الندوة الصحافية التي قدمتها يوم 25 إبريل/نيسان".
وهو ما يعني في اعتقاده أن "النساء والرجال الذين يواصلون الحراك، اليوم، ليس لديهم أي مَخْرَج سياسي"، مُضيفاً: "لقد قمنا بما يتوجب علينا من العمل. ويتوجب عليهم (أي الرافضين للإجراءات الحكومية) التوجه لصناديق الانتخابات، وأن يقرروا التقدم إلى الانتخابات". وشدَّد على أنه "لا يمكن التقدم إلى الأمام إذا كُنّا ضدّ. وأنا، اليوم، أرى كثيراً من الناس ضدّ".

وحرص الرئيس على "دعوة الجميع إلى الهدوء"، معرباً عن اعتقاده بأنه "يوجد كثير من العنف، اليوم، في مجتمعنا. وعلى الجميع العثور على الإجراءات الصائبة".

ودعا ماكرون معارضيه إلى الاحتكام للديمقراطية: "توجد انتخابات تسمح لمواطنينا بالتعبير حول المواضيع الأوروبية، ثم سيكون موعد كل سنة مع انتخابات محلية ثم انتخابات رئاسية وتشريعية. ومن لديه رؤية أخرى حول مستقبل البلد فليرسمها سياسيّاً وليَمنَحْها شكلاً ويتقدم إلى الانتخابات". معيدا التذكير، في انتقاد لمواصلة حركة "السترات الصفراء" احتجاجاتها كل يوم سبت: بأن "الديمقراطية لا تُمارَس بعد ظُهر أيام السبت. إن الديمقراطية هي أهم بكثير وأقوى، وفي نفس الوقت، هي، أحياناً، هشّةٌ، يجب علينا أن نعرف كيف نحافظ عليها، من خلال منحنا قواعد".

وختم كلمته بالقول: "إنني أحترم النظام العمومي والوئام الجمهوري، وأعتقد أنه، الآن، على كل واحد، أن يستعيد مسارَ حياته ويُعبّرَ عن اختلافاته في الرأي، بحرية، وأن يقوم بها، بشكل خاص، في الزمن الذي تنصّ عليه الديمقراطية، أي خلال التصويت".
ولم تغب عن الرئيس الفرنسي حملة الانتخابات الأوروبية التي تشهد سباقاً محموماً بين "التجمع الوطني" اليميني المتطرف وبين الأغلبية الرئاسية، فأكد على أنه "لا يجب أن ننسى أن حزب التجمع الوطني فاز، قبل خمس سنوات، في الانتخابات الأوروبية. ولم يمنح لأوروبا الوجهَ الجميل بهذا الصدد".

وأضاف "إنهم هنا، الفائزون الذين انتهت ولايتهم، لقد صوّتوا ضد كل المشاريع التي قدمتها فرنسا من أجل أوروبا، بما فيها مشاريع حمايتنا. وحين تقدّمت فرنسا، بعد الاعتداءات الإرهابية، في حكم (فرنسوا) هولاند، بخطط من أجل حماية مطاراتنا، لم تصوت معنا الجبهة الوطنية (الاسم السابق للتجمع الوطني)".

واعتبر أن "حصيلة الحزب في كثير من القضايا كارثيةٌ على البلد وعلى أوروبا". وفي نوع من الانغماس في الحملة الانتخابية، قال ماكرون "من مسؤوليتي، من موقعي، دعوة مواطنينا إلى أن ينظروا الموضوع على حقيقته وأن ينظروا إلى ما فعلته هذه الحركة السياسية في أوروبا".

ثم سخر من إنجازات "الجبهة الوطنية" في البرلمان الأوروبي، التي "أثارت الحديث حولها في فضيحة المساعدين البرلمانيين، بدل الحديث عن تحقيق نجاحات سياسية".

وفي ما يخص الأسبوع السابع والعشرين من حراك "السترات الصفراء" ودخوله الشهر السابع، دعت مختلف حسابات الحركة في وسائل التواصل الاجتماعي إلى تظاهرات في كل أنحاء فرنسا، وخاصة في المدن الكبرى، كباريس وليون ورانس وبوردو وستراسبورغ وأميان. ودعا إيريك درووي، أحد وجوه الحراك المعروفين، إلى التركيز على العاصمة، مناشداً وجوه الحراك الأخرى، وعلى رأسها بريسليا لودوسكي ومكسيم نيكول، التنسيق والتظاهر معاً. وهو نداء ظلّ بلا جواب، بسبب الاختلافات العميقة، والشخصية أحياناً، التي تنخر جسم "السترات الصفراء".

وإذا كانت أعداد المتظاهرين في تناقص، خاصة في الأسبوعين الماضيين، فإن المراقبين، وخاصة وزارة الداخلية، سيرصدون عدد المحتجين، يوم غد السبت، والذين تأمل الحكومة وبعض الأحزاب، ومنها حزب "الجمهوريون" اليميني، أن يوقفوا حراكهم الذي سمع الفرنسيون شعاراته، جيداً، واستجابت الحكومة لبعض مطالبه.


وليس ماكرون وحده من يطالب المحتجين بالاحتكام إلى الانتخابات، والذي يرى في أي اختراق تحرزه لائحته الانتخابية في الانتخابات الأوروبية بمثابة استفتاء على سياساته، وتثبيتاً لبرامجه وإصلاحاته، فأحزاب المعارضة ترى، هي الأخرى، في الانتخابات الأوروبية وسيلةً لعقاب الرئيس الفرنسي وهزيمته، الهزيمة الأولى، التي ستشلّ حركتَه "الجمهورية إلى الأمام" في ما تبقى من ولايته الرئاسية.