الحل الليبي... داخلي أم خارجي

27 يونيو 2019
الهدوء يأتي تبعاً لتقارب الأطراف الخارجية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
رغم محاولات التوسع العسكري التي يقودها اللواء خليفة حفتر شرقاً وجنوباً، والآن في الغرب الليبي، لا تزال غالبية دول المجتمع الدولي الفاعلة تؤكد أن لا حل عسكرياً في ليبيا، في وقت لم يعد خافياً أن أغلبها يدعم الأطراف المتقاتلة. والحقيقة أنه تم تدويل القضية الليبية، بسلمها وحربها، منذ 2011، وتحديداً مع صدور القرار 1973 الذي نقل المسألة الليبية من شأن داخلي إلى ساحة مفتوحة للتنفذ والصراع الخارجي. فالهدوء والسلام لفترات يأتي تبعاً لتقارب أو تفاهم تلك الأطراف الخارجية، كما أن الحرب تأتي، دون شك، بناءً على التوتر والتصعيد فيما بينها.

وعلى صعيد السلام ودفع الأزمة باتجاه المسار السياسي، فإنه لم يبق أحد إلا وتدخل وطرح حلاً، من الأمم المتحدة إلى الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، بل ودول الجوار الليبي. ورغم إنتاج اتفاق الصخيرات وانبثاق حكومة الوفاق عنه، إلا أن الحل العسكري لا يزال يحظى بالدعم من ذات الأطراف الخارجية التي كانت تؤثر بشكل غير مباشر في صياغة اتفاق الصخيرات، فكان حفتر يتوسع بالتوازي مع تصريحات داعميه لحكومة الوفاق والحل السياسي.

وبالتالي علينا الاعتراف بأنه ما لم يتفق هؤلاء المختلفون دولياً وإقليمياً، فإن كل المبادرات، سواء المحلية أو الإقليمية، وحتى الدولية، لن تنتج شيئاً، بل لن تصل إلى طاولة التفاوض أصلاً. وإن بحثنا عن الدليل، يتبين أن الملف الليبي لا ينفصل، في حسابات الأطراف الخارجية، عما يحدث في الجزائر والسودان والتغير السياسي في تونس، وكلها عوامل شجعت داعمي حفتر على إطلاق يده ليحقق حلمه بالسيطرة على طرابلس عسكرياً.
الطريف في مسار الأزمة الليبية، أنها وصلت لمرحلة التصريح العلني بدعم طرف مسلح، بل ارتفع صداه ليصف أحد سياسيي الإمارات علناً، على "تويتر"، قوات حفتر بـ"قواتنا". كما طالب المبعوث الأممي غسان سلامة قادة الأطراف بتقديم مبادراتهم للحل، وهو يعلم أن في ليبيا طرفين لا أطرافا، فأعلن رئيس حكومة الوفاق فائز السراج على الفور عن مبادرة، تلاها حديث صحافي لحفتر قدم فيه رؤيته للحل. المبادرتان لم تكونا إلا تعبيراً عن رأي داعمي الطرفين، فكلاهما تجاهل الآخر، وكأن آلة الحرب وأصواتها المرعبة لمئات آلاف المواطنين ليست جزءًا من المشكلة الحالية التي تستوجب الحل، فلا حديث عن وقف لإطلاق النار، ولا شروط لانسحاب المقاتلين.

ولأن آراء وحسابات الداعمين الإقليميين والدوليين تتغير كل لحظة، عاد حفتر بعد أيام من تلميحه للقبول بحل سياسي ليستقبل سلامة في قاعدته العسكرية بالرجمة، على خلاف اللقاءات السابقة في بنغازي، وبلباس عسكري، في إشارة ضمنية إلى تراجعه عن آرائه السابقة وتلويحه بإمكانية الاستمرار في الحرب، تزامناً مع تقارير إعلامية عن وصول إمدادات عسكرية جديدة لقواته في جنوب طرابلس. بات قطاع كبير من الليبيين على قناعة بأنه تم تدويل قضيتهم، وأن السلم والحرب في ليبيا قرار دولي، وليس محليا. ويرصد عدد كبير من النشطاء السياسيين أي تصريح أو خبر أميركي بشأن ليبيا ليعلقوا عليه كل آمالهم، بينما لا تجد أي رد فعل أو تعليق على مبادرتي السراج وحفتر.